الباز: الباحثون فى مجال الجماعات الإسلامية ارتكبوا أكبر خطيئة فى حق الوطن
قال الدكتور محمد الباز، رئيس مجلسي إدارة وتحرير جريدة "الدستور"، إن أول رد فعل له بعد القراءة العميقة لكتاب «مفاهيم سياسية» هو أننا أمام عمل نحتاجه بالفعل وجاء في توقيت مهم لسرد ما يحدث في مصر، لافتًا إلى أنه في حالة تقييم هذا العمل الذي أعده الدكتور محمد اللافي وفريق العمل من التنسيقية، نجد أننا أمام محاولة هامة جدًا للاقتراب من المفاهيم وتفتح الباب أمام الكتابة والمناقشة والاختلاف لأن الحياة تبدأ وتنتهي عند المفاهيم.
وأضاف «الباز» خلال صالون تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن المفاهيم ليست بقرة مقدسة، لأن المفهوم من الممكن أن يتطور ويتبدل ويختلف نتاج التفاعل المجتمعي، ويمكن أن نستقر على تعريف مفهوم معين بشيء، لكن تجد ظروف معينة تجعلنا نضيف إليه أو نحذف منه، متابعًا: "أتوقف بس من باب ضبط المفاهيم إن أنا معنديش مفهوم سلبي ومفهوم إيجابي هو المفهوم يوصف شيء سلبي أو إيجابي لكن توصيف المفاهيم أنها إيجابية أو سلبية أعتقد أنها غير دقيقة".
وأوضح الباز، أن أهمية هذه المحاولة أننا معنيون بالسردية المصرية الوطنية لأنه في خلال العقود الماضية كان هناك خطأ ضخم ارتكبته النخبة السياسية والفكرية والشباب والباحثون وهي أنهم تركوا المساحة لسردية أخرى هي التي تسجل الذي يحدث في مصر دون أن تكون هناك سردية أخرى من وجهة نظر مقابلة، مشيرًا إلى أنه على الأقل عندما تتصفح الأجيال القادمة تجد سردية مختلفة لهذه السردية.
وأشار الباز، إلى أنه سبب رئيسي من نزوح شباب للجماعات الإرهابية هو أنها في سبعينيات القرن الماضي شكلت سردية تقوم على المظلومية جذبت بها عددًا كبيرًا من الشباب أصبحوا بعد ذلك أعضاء لها، مضيفًا أننا في هذا التوقيت لم نجد البديل مع قدرتهم على توفير هذه السردية عبر كتابات بأسعار زهيدة في متناول اليد، مما جعلنا نقرأ كتب زينب الغزالي وغيرها من الكتب التي تعبر عن مظلومية الجماعة الإرهابية ولم تكن هناك روايات أخرى.
وتابع الباز، أن الباحثين في مجال الجماعات الإسلامية ارتكبوا أكبر خطيئة في حق هذا الوطن لأنهم تعاملوا مع أفراد هذه الجماعات، وأضفوا عليهم هالات من المعرفة والعلم والقداسة رغم أنهم أشخاص هزيلون جدًا وقاموا بتناقل أفكارهم، لافتًا إلى أن بناء السردية الوطنية المصرية يعتمد في جزء كبير على توضيح وتحديد المفاهيم، وما يمتاز به هذا الكتاب «مفاهيم سياسية» أنه لم يستسلم إلى البحوث والدراسات الأكاديمية، ولكن دمج بين الأكاديمية والتجربة الميدانية والعملية وهو ما أضفى جزءًا كبيرًا من الحيوية على هذا الكتاب.
وشدد الباز، على أنه ليست هناك مشكلة في مناقشة جميع المصطلحات التي يرددها الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا» وحديثهم عن الحياة السياسية، لأنه من المستحيل أن تعرض على الشباب مداخل لا تستثيرهم، موضحًا أن هذا المشروع إذا كان له جزء آخر، لا بد أن يعمل على إزالة اللبس عن مفاهيم راسخة وتجلياتها الواضحة على الشباب، وأعتقد أنه من الممكن أن يكون في جزء جديد من سلسلة أخرى لهذا الكتاب.
وأكد الباز، أن لديه ملاحظة عن إنتاج هذا الكتاب وهي كيفية وصول هذا المحتوى المهم إلى المستحقين والمستهدفين، فالأمر لا يتوقف عند إنتاج فخم للكتاب ومناقشته عبر هذه المائدة المستديرة ونقوم بطباعة عدد محدود من النسخ، ولكن مثل هذا الكتاب لا بد أن يكون بطبعة عادية متواجدة في كل مراكز الشباب والمكتبات المدرسية في مصر، ذلك إذا كنا نهتم بوصول هذا المحتوى إلى النشء وحتى لا تكون هناك دوائر ضيقة لا تستطيع مواجهة أصحاب السردية الأخرى، متمنيًا أن تكون هذه التوصية قيد التنفيذ.