الفيلسوف سلافوي جيجك: الحصول على ما ترغب أسوأ الطرق نحو السعادة
هل السعادة تتحقق بإشباع الرغبات والحاجات؟ هل يفهم الناس حقًا ما تعنيه السعادة؟ هل رغباتنا تعبر عن حقيقة ما نريد فعلًا؟ ما المعنى الحقيقي للسعادة ومن أين يُستمد؟ هذه الأسئلة ناقشها الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجك، ونشرت في تقرير حديث.
يجادل الفيلسوف سلافوي جيجك بأن الكثير من الناس يعتقدون بأن الحصول على ما يريدون سيجعلهم سعداء بينما في بعض الأحيان، فإنهم لا يريدون سوى الرغبة ذاتها في الأشياء.
يقول جيجك: المطاردة العمياء لما تعتقد بأنك ترغب فيه قد لا يكون طريقة جيدة لتعيش حياة سعيدة وممتعة.
الوصول إلى السعادة
إذا سألت معظم الناس عما إذا كانوا يريدون السعادة، فمن المرجح أن يقولوا نعم، قلة من هؤلاء يفكر مرة أخرى في الإجابة وفيما تعنيه السعادة، بالنسبة للفيلسوف سلافوي جيجك، الإجابة هي أن السعادة ليست دائمًا كما تبدو، والحصول على ما ترغب قد يكون أحد أسوأ الطرق للوصول إلى السعادة.
يتصرف الكثير من الناس كما لو أن السعادة شيء سيصلوا إليه ثم يستمتعون به بعد تحقيق أشياء معينة. كم مرة فكرت مع نفسك؛ "سأكون سعيدًا بعد حصولي على هذه الترقية"، أو "كل ما أريد لأشعر بالرضا هو شيء آخر إضافي".
يدعم جيجك التحليل النفسي اللاكاني، ويستند الكثير من عمله على افتراضات نفسية معينة، وبالتالي عندما يناقش جيجك "الرغبة"، يتعامل معها بطريقة لاكانية، من منطلق أن الرغبة لا يمكن إشباعها وإنما يتولد عنها رغبات أخرى.
ومن ثم، فالحصول على ما تريد لا يشبع الرغبة بالطريقة التي يشبع بها الأكل الجوع، فالرغبة لا تنتهي، ومن يبني سعادته على تلبية الرغبات لن يتمكن أبدًا من الشعور بالرضا.
مدارس فكرية أخرى
في مدارس فكرية أخرى، يمكن العثور على مفاهيم مماثلة، إذ تجادل بعض المدارس الفكرية بأن الوصول إلى السعادة سيرورة لا نهاية لها، يتفق الكثيرون على هذا المبدأ حتى أولئك الذين يتعاملون مع السعادة باعتبارها حالة يتعين العمل للحفاظ على بقائها حتى بعد الوصول إليها.
بالنسبة لجيجك، فإن مطاردة السعادة من خلال إرضاء الرغبات أو الحصول على المتعة طوال الوقت ليس مستحيلًا فحسب بل إنه غير أخلاقي أيضًا.
ويشير إلى أن النظرة التقليدية للسعادة، والتي هي معادلة للمتعة لدى كثير من الناس، لا تضع في اعتبارها كثير من المواقف التي لا نتوقف فيها لنسأل عن تحقق مشاعر المتعة، فنحن على استعداد للتخلي عن الشعور بالمتعة طالما لدينا شيء نلاحقه أو إحساس بالمعنى.
يركز الطبيب النفسي النمساوي فيكتور فرانكل على فكرة أن البحث عن المعنى هو المحرك الأساسي في الحياة، بصورة ما يتفق جيجك معه؛ إنه يرفض مذهب المتعة ويروج لفكرة أن الأشياء الأخرى، مثل المعنى، لها أهمية في إرضائنا أكثر من مجرد الحصول على ما نريد.
الكثير من الأساليب الحديثة تعتمد على فكرة أن السعادة لها أوجه متعددة؛ واحد منها فقط هو الشعور بالرضا، وللوصول إلى السعادة، ينبغي الشعور بالمعنى والانخراط بانتظام في أنشطة مُرضية تتجاوز مجرد كونك مستمتعًا.