348 مليار جنيه استثمارات الثقافة لبناء الإنسان.. ما القصة؟
تمثل الثقافة والهوية الوطنية المكون الرئيسي للشخصية المصرية في مواجهة جميع التحديات التي تحاول النيل منها، والتي يتمثّل أغلبها في تحديات خارجية، لا سيما في ظل بيئة مُعولّمة بات فيها العالم قرية صغيرة.
وقد كانت التكنولوجيا هي القوة الدافعة لتغيير الثقافات والعادات والتقاليد، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي هي الأداة الرئيسة التي فتحت أشكال التفاعل بين الأفراد والشعوب والبلدان، وألفت كل ضوابط العلاقات الإنسانية، في سبيل فرض نموذج واحد يعتمد على معايير الثقافة والقيم الغربية بالأساس.
بذلت الدولة المصرية على مدار الثماني سنوات الماضية جهودا حثيثة في سبيل تعزيز الثقافة والهوية الوطنية، وتنوعت جهودها ما بين إطلاق العديد من المشروعات والمبادرات والفعاليات والمؤتمرات والبرامج، وورش العمل الثقافية والحملات التوعوية التي تستهدف تعزيز القيم الوطنية للشباب والنشء بشكل خاص.
كما تم إقرار عدد من القرارات والقوانين التي تستهدف تعزيز المناخ الثقافي وتأكيد الهوية المصرية، وإطلاق مشروعات ومبادرات تنموية وبحثية لترسيخ قيم المواطنة والانفتاح والتعددية، وذلك في إطار الأهمية القصوى التي أولتها الجمهورية الجديدة لمفهوم الهوية الوطنية؛ إذ إن دعم الثقافة وتنميتها في عمليات التحول التي يشهدها المجتمع يسهمان في نجاح التغيير وتعزيز الهوية الوطنية.
وفي هذا الإطار، يتناول هذا الملف واقع الثقافة في مصر في ضوء المؤشرات المحلية والدولية، والجهود التي بذلتها الدولة للارتقاء بأدواتها وآلياتها الثقافية، فضلا عن إلقاء الضوء على تحديات الهوية والثقافة الوطنية المصرية التي تواجه الدولة.
وحول واقع الثقافة في مصر، فإنها تمثل أحد الأركان الأساسية في بناء هوية أفراد المجتمع، كما تعد الركيزة الثالثة للسياسة الخارجية للدول إلى جانب الأمن والاقتصاد الذي أصبح يشمل الاقتصاد السياسي للممتلكات الثقافية، وذلك باعتبار أن الثقافة أضحت تمثل إحدى الأدوات المهمة للقوة الناعمة للدول.
وإيمانا من القيادة المصرية بأهمية الثفافة في بناء الإنسان المصري في ظل «الجمهورية الجديدة»، فقد واصلت جهودها خلال السنوات الماضية للحفاظ على الهوية الثقافية المصرية، بما يتسق مع ما نصٌ عليه الدستور المصري بأن الثقافة حق لكل مواطن تكفله الدولة وتلتزم بدعمه، والعمل على إتاحة المواد الثقافية لمختلف فئات الشعب؛ وهو ما انعكس في العديد من المؤشرات الثقافية المحلية والدولية.
وعلى الصعيد المحلي فإن الدولة المصرية سعت لوضع خريطة ثقافية كبرى لمصر؛ عبر الاهتمام بالمؤسسات الراعية للثقافة، والتي شملت (قصور الثقافة وبيوتها، والمسارح، والمكتبات، والمتاحف، والجمعيات الثقافية، والمشروعات الثقافية الإلكترونية) وذلك إلى جانب الاهتمام بالتعليم بمرحلتيه الأساسية والجامعية؛ حيث يعد إحدى الركائز الأساسية لنشر الثقافة، فضلا عن كونه أحد المقومات البارزة للقوة الناعمة المصرية، وفقاً لما أعلنه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.
التعليم المصري ودوره المحوري في المحيط الإقليمي
ولعب التعليم المصري دورًا محوريا في تعزيز جاذبية مصر في محيطها الإقليمي؛ لذلك تسعى الدولة إلى تعزيز دبلوماسية التبادل الطلابي، والنهوض بنظامها التعليمي، بما يضمن تعزيز تنافسيته واستعادة ريادته في المنطقة.
وتأتي الجهود المصرية المبذولة لإرساء نظام تعليمي تفاعلي ذكي في قلب تلك المساعي، بهدف خلق أجيال واعية قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة في السياق العالمي.
وحول الثقافة والهوية الوطنية، فقد تحركت الدولة وتوجهت نحو تعزيز وزيادة المشروعات الثقافية على مستوى الجمهورية بتكلفة وصلت إلى نحو 2.2 مليار جنيه في الفترة بين (2014-2021)، في الوقت الذي زادت فيه حجم المخصصات المالية والاستثمارات العامة الموجهة لمجالات بناء الإنسان خلال الثماني سنوات السابقة (2014-2015/2021-2022)، حيث وجهت الدولة من الموازنة العامة ما يزيد على 1.88 تريليون جنيه في المجالات المتعلقة ببناء الإنسان المصري، بمعدل نمو بلغ 187% مُقارنة بالثماني سنوات التي سبقتها.
وتجاوزت الاستثمارات العامة الموجهة لمشروعات بناء الإنسان إلى نحو 348 مليار جنيه خلال الفترة من (2014-2015/2021-2022) بنسبة نمو 390% مقارنة بالفترة من (2006-2007/2013-2014).