أميرة شوقي: مصر تبحث زراعة نباتات تحتفظ بالكربون 75 عامًا لمجابهة الاحتباس الحراري
قالت الدكتورة أميرة شوقي، أستاذ الموارد النباتية بقسم الموارد الطبيعية بكلية الدراسات الإفريقية العليا وكيل الدارسات العليا والبحوث بالكلية، أنه لم يعد هناك مجال للجدل حول الاعتراف بحقيقة التغيرات المناخية، لاسيما بات الوقت يتطلب العمل من أجل مجابهتها عن طريق الموارد الطبيعية الخاصة بالقارة الافريقية، فهذا هو الأهم.
وأضافت الدكتورة أميرة شوقي في حوارها مع «الدستور» أن التغير المناخي عبارة عن تحولات في تغيرات الدرجة الحرارة على فترات طويلة، وهذه التحورات إما تتم بشكل طبيعي أو نتيجة تغير في الدورة الشمسية أو بشكل غير طبيعي بفعل التدخل البشري.
وإلي نص الحوار:
أين تحدث هذه التحولات؟
تحدث هذه التحولات المناخية في الغلاف الجوي، وتتكون من عدة غازات تسمى بغازات الاحتباس الحراري، وهو أحد الغازات المهمة التي تسبب تغير المناخ، ومنها غاز ثاني اكسيد الكربون المسبب الرئيسي في رفع درجة حرارة الأرض، وما نشعر به الآن من ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى ذوبان الجليد ويرفع مستوى المياه فوق سطح البحر.
كيف نجابه هذه الظاهرة؟
رغم خطورة هذه الظاهرة وأثارها السلبية على كوكب الأرض، إلا أن مجابهتها قد تكون بسيطة، كلنا درسنا منذ القدم طريقة عملية البناء الضوئي في النبات، الذي يمتص خلالها ثاني أكسيد الكربون، ويخرج الأكسجين، لذلك يجب الاهتمام بالغابات في القارة الافريقية، فنحن نمتلك في إفريقيا ثاني أكبر غابة في العالم، في حوض الكونغو، بعد غابات الأمازون، وبالتالي تعمل مصر الآن على الاهتمام بهذه الغابات لكونها بعد أحد رئات العالم، وهي العامل الرئيسي في إعادة التوازن البيئي ومجابهة التغير المناخي، من خلال حماية القارة الإفريقية من الجفاف وتعرية التربة، كما يجب أن تتخذ الدول الإفريقية إجراءات صارمة ضد القطع الجائر للغابات نتيجة للجفاف الذي تشهده القارة الآن، خاصة وأنه يعد نتيجة طبيعية لممارسات كثيرة خاطئة.
وماذا عن الجهود المصرية في مجابهة الاحتباس الحراري؟
سعت مصر إلى الدراسات العلمية للبحث عن أنواع من الأشجار الخشبية ذات القدرة العالية على امتصاص ثاني اكسيد الكربون، في إطار نظرية عملية البناء الضوئي، ورغم أن كل النبات يقوم بهذه العملية، إلا ليس كل النباتات لها نفس القدرة على امتصاص نفس الكمية من ثاني أكسيد الكربون، وبالدراسات العلمية أثبتنا أن عملية البناء الضوئي تختلف من نبات لآخر.
فمثلًا، نبات الطماطم غير الكوسة غير البزنجان غيرالكافور غير يعني المانجو في القياد بعملية البناء الضوئي، وامتصاصه لثاني أكسيد الكربون، واكتشفنا أن النباتات الحيوية مثل (الطماطم والكوسة والبزنجان) لها عمر قليل منذ زراعتها حتى موعد حصادها وقدرتها على امتصاص وتخزين الكربون قليلة جدًا، بينما النباتات الخشبية لها عمر طويل في الأرض قد يصل الحد الأدنى لعمر الشجرة 75 عامًا، وقدرتها على تخزين ثاني أكسيد الكربون في خشبها كبير جدًا، وهذا ما يدعي إلى محاربة القطع الجائر للأشجار والغابات، واكتشفنا أيضًا من خلال الدراسات العلمية أن أشجار «المانجروف» من الأشجار الهامة جدًا التي لها قدرة عالية على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، ويليها أشجار «البولينا» وهما من الأشجار الهامة جدا.
ما هو النطاق الجغرافي لزراعة الأشجار الخشبية في مصر؟
مصر لا يوجد بها غابات طبيعية، ولكن من الممكن أن نعمل على زراعة غابات صناعية بأهداف اقتصادية محددة وبأغراض محددة بحيث أن نستفيد منها زراعيًا وفي الوقت نفسه تخفف من حدة أثار تغير المناخ، وفي تلك الحالة نكون حققنا منفعة اقتصادية مزدوجة، فهذا يعني أنه بإمكان مصر زراعة الغابات الصناعية في المناطق الملائمة جغرافيًا لزراعتها.
ماذا عن النطاق الجغرافي للغابات في إفريقيا؟
ويقع النطاق الجغرافي لزراعة الغابات الصناعية في وسط القارة الإفريقية، وفي شمال وجنوب القارة وتضم وسط إفريقيا الغابات الاستوائية، فيما يقع في الشمال والجنوب الغابات المعتدلة، التي تزدهر في درجة حرارة أقل ارتفاعًا من درجة حرارة الغابات الاستوائية، وكذلك معدل سقوط الأمطار الذ يكون أقل على مدار العام بالنسبة للمنطقة الاستوائية.
وتقع أفضل الغابات الإفريقية في وسط القارة وفي الغرب في منطقة حوض الكونغو، وهي ثاني أكبر غابة في العالم، تضم ما يقرب من 8 دول إفريقية، وتقع النسبة الأكبر منها في دولة الجابون، وتحقق هذه الغابة نسبة كبيرة من أهداف الاقتصاد الأخضر في حماية البيئة.
هل هناك آليات أخرى لمجابهة خطر الاحتباس الحراري في إفريقيا؟
نحن في كلية الدارسات الإفريقية العليا، أثبتنا أن أولى آليات مجابهة مخاطر الاحتباس الحراري في إفريقيا هي البحث عن اشجار قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون والاحتفاظ به لأكبر فترة زمنية ممكنة دون أن تخرجه إلى الغلاف الجوي، وأن ثاني آليات المجابهة تعتمد في القارة الإفريقية على الاتجاه إلى الطاقات الجديدة والمتجددة، والابتعاد عن استخدامات الوقود الأحفوري، لمنع زيادة نسب غازات الاحتباس الحراري.
وتضم إفريقيا ثالث أكبر مساحة صحاري في العالم، وهي صحراء كالاهاري تبلغ مساحتها 3 مليون كم متر مربع، وهوا ما يؤكد على ضرورة الاستفادة من هذه المساحة الكبيرة، في شمال إفريقيا.
وهناك دراسة إنجليزية أكدت أن هذه المساحة ممكن استخدمها في مشروعات الطاقة المتجددة لتوليد طاقة كهربائية نظيفة قادرة على تلبية احتياجات القارة الإفريقية وأوروبا والعالم كله من الطاقة الكهربائية، فبالتالي الطاقة الشمسية وهي طاقة نظيفة لا تصدر أي انبعاثات لثاني أكسيد الكربون أو غازات مسببة أو تزيد الاحتباس الحراري.
بينما ثالث آليات مجابهة الاحتباس الحراري في إفريقيا تكمن في استخدامات طاقة الرياح، إذ تمتاز إفريقيا بأنها تقع بين البحر المتوسط في الشمال شرقًا البحر الأحمر والجنوب الشرقي المحيط الهندي، والغرب المحيط الهادي.
ورابعًا يأتي دور استخدامات الطاقة الحرارية الأرضية، فالقارة الإفريقية تمتع بنسب كبيرة من الطاقات المتجددة، لذا لديها فرصة كبيرة في المشاركة والمساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية، خاصة وأنها تساهم بنسبة لا تتجاوز 4%من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا.
وهناك العديد من الدول الإفريقية أصبحت رائدة في استخدامات الطاقات المتجددة، منها مصر، وموزمبيق، فهي أول دولة إفريقية على مستوى العالم تستخدم طاقات جديدة متجددة، ويليها كينيا وبعدها إثيوبيا.