من هو عزيز سوريال مؤسس معهد الدراسات القبطية ودائرة المعارف؟
يوافق اليوم ذكرى وفاة المؤرخ الكبير الدكتورعزيز سوريال عطية مؤسس معهد الدراسات القبطية ودائرة المعارف القبطية.
ووفقًا لماجد كامل، عضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي، والباحث في التراث الكنسي: لعب الدكتورعزيز سوريال عطية دورا هاما وخطيرا في خدمة التراث المصري عموما والتراث القبطي خصوصا فهو العالم الذي حرك جميع الهيئات الدولية والعالمية من أجل تأسيس أول دائرة معارف قبطية في العالم
وتابع: أما عن حياته ونشأته الأولي فلقد ولد في 5 يولية 1898 بأحدي قري محافظة الغربية تلقي تعليمه الأولي في قريته وفي المرحلة الثانوية نزح الي القاهرة ودرس في مدرسة التوفيقية بشبرا وتخرج منها عام 1914 من القسم العلمي وبعد حصوله علي شهادة البكالوريا التحق بكلية الطب بالقصر العيني ؛ولكن نظرا لوطنيته وحماسه الشديد ضد الاستعمار البريطاني ؛طردته الإدارة الإنجليزية من الجامعة فعمل بوزارة الزراعة ثم قرأ إعلانا عن دراسات مسائية بمدرسة المعلمين العليا، فالتحق بها ونظراً لنبوغه الشديد احتل المركز الأول في الامتحان النهائي ؛فسارعت وزارة المعارف وأرسلته في بعثة الي انجلترا لدراسة التاريخ الحديث والمعاصر ؛وكان ذلك عام 1919.
مضيفًا، ولكنه بعد سماعه إلى محاضرة في تاريخ العصور الوسطى من إحدى الإنجليز شعر بعشق شديد لهذا النوع من الدراسات فقرر أن يتخصص فيه، وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة لندن عن “الحروب الصليبية” وفي عام 1938 أصدر مجلدًا ضخماً بعنوان: “الحملات الصليبية في العصور الوسطي المتأخرة”.
وتابع: انتقل للعمل في جامعة بون بدعوة من المستشرق الألماني الشهير بول كالاها ثم عاد إلى مصر عام 1939، وعمل لتاريخ العصور الوسطى بجامعات القاهرة والإسكندرية، وعمل وكيلًا لكلية الآداب جامعة الإسكندرية خلال الفترة من (1949- 1950 )، وفي عام 1950 اختارته جامعة الإسكندرية لمرافقة البعثة الأمريكية في دراسة وتصوير مخطوطات دير سانت كاترين بسيناء ؛ وقامت دار نشر جون هوبكنز بنشر نتائج هذه الدراسة في كتاب بعنوان "المخطوطات العربية في دير سيناء " وكان ذلك عام 1955.
وواصل: أنه أسس معهد الدراسات القبطية بالتعاون مع آخرين عام 1954 ثم قام بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1955 فأختير أستاذا زائرا في جامعة ميتشجان وفي عام 1957 أختير أستاذا للتاريخ خلفا للعالم الراحل الشهير فيلبيب حتي وفي عام 1959 انتقل للعمل في جامعة يوتا ؛فأسس هناك مركز دراسات الشرق الأوسط.
موضحًا: وبداية من عام 1977 فكر في العمل بمشروع دائرة المعارف القبطية فاتصل بالمهتمين بالدراسات القبطية في جميع انحاء العالم وعقد اول اجتماع لهذا المشروع في معهد روكفلر وقرر ان يكون الدكتور عزيز سوريال عطية هو محرر الموسوعة ويتعاون معه ستة عشر عالما من تسع دول وتم توزيع العمل علي الستة عشر عالما كل في مجال تخصصه فهناك أستاذا للتاريخ القديم وثان في العصور الوسطي وثالث في العصر العصور الإسلامية ورابع في العمارة والآثار ؛وخامس في اللاهوت وسادس في التاريخ الحديث، وسابع في الجغرافيا وثامن في تاريخ البطاركة، وتاسع في الموسيقي القبطية وعاشر في الفن القبطي.
وتابع: عن أهمية دائرة المعارف القبطية يروي لنا الدكتور عزيز سوريال عطية عن جهود من سبقوه في إعداد مثل هذه الموسوعة قائلا: أعتقد أن فكرة إصدار دائرة المعارف القبطية بدأت في القرن الثالث علي يد العلامة أوريجانوس لقد كان شخصية لا تباري في تاريخ مدرسة الاسكندرية اللاهوتية لقد كان هذا العلامة وراء رفعها الي ذروة المجد كان مؤلفا عظيما واليه يعزي وضع ستة آلاف كتاب ؛لقد كتب أكثر من أي إنسان آخر في تاريخ الإنسانية ؛ تناولت كتاباته كل المواد العلمية واللاهوتية ولقد بدأ مشروع تدوين المعارف المسيحية في مدرسة الاسكندرية بتدوين كل ما يتعلق بالأقباط إلا أن المشروع لم يكتمل في عهده وظل خاملا من القرن الثالث إلي القرن الثالث عشر حين تناوله أولاد العسال الذين كانوا عائلة عظيمة جدا من محافظة أسيوط عائلة أشتهرت بالعلم الغزير وكتبوا عشرات الكتب المهمة جدا في اللاهوت وفي القانون كتبوا المجموع الصفوي ؛الذي يعتبر أكبر حجة في تاريخ القوانين القبطية كقوانين الزواج وهو كتاب مهم جدا نشره جرجس فيلوثاوس عوض في العشرينات ويعتبر المرجع الرئيسي في أحوال القبط .إلا أن هذا المشروع لم يكتمل أيضا في عهدهم ومع هذا فأن هذه العائلة تعتبر من أهم العائلات في تاريخنا ؛ولهذا فأنهم يحتلون هم وأوريجانوس جزءا عظيما من دائرة المعارف القبطية ".
مؤلفات الدكتور عزيز سوريال عطية
مضيفًا: أما عن مؤلفات الدكتور عزيز سوريال عطية فهناك كتاب "تاريخ المسيحية الشرقية " ولقد صدرت له ترجمتان باللغة العربية الترجمة الأولي صدرت عن المركز القومي للترجمة خلال عام 2005 وقام بها الدكتور اسحق عبيد تاوضروس اما الترجمة الثانية فلقد قام بها الدكتور ميخائيل مكسي اسكندر وصدرت عن مكتبة الأسرة عام 2013 كما توجد ترجمة عربية مختصرة لكتابه الضخم عن الحروب الصليبية صدرت عن دار الثقافة بعنوان " الحروب الصليبية وتأثيرها علي العلاقات بين الشرق والغرب " ؛ وقام بالترجمة الدكتور فيلبب صابر يوسف وراجعها وأحمد خاكي، وصدرت الترجمة عام 1990. كما توجد له كتابات أخرى باللغة الإنجليزية ليس مجال عرضها متاح الآن.
وفي مجال تحقيق التراث قام بتحقيق كتاب "قوانين الدواوين " للاسعد بن مماتي ؛وهو كما قال عنه ابن خلكان في كتاب وفيات الاعيان " كان ناظرا للدواوين بالديار المصرية في عهد صلاح الدين الأيوبي وتوفي عام 1209 م " والكتاب الذي قام الدكتور عزيز سوريال عطية بتحقيقه موسوعة علمية ضخمة تعالج موضوعات نهر النيل وفيضانه وطبيعة الأرض ؛وموسم الزراعة وأنظمة الري وما يرتبط بها من ترع وخلجان وجسور، ولما كان أبن مماتي من أصول قبطية ومن أحدي عائلات أسيوط التي أشتهرت منذ العصر الفاطمي بتولي الوظائف الكبري في الدولة، فلقد كان ملما بكل الجوانب التي تخصص فيها الأقباط . ولقد صدر الكتاب في عام 1943 عن الجمعية الزراعية الملكية، وكتب المقدمة لها الأمير عمر طوسون.
موضحًا: كما حقق كتاب " الإلمام بالأعلام فيما جرت به الأحكام والأمور المقضية في واقعة الإسكندرية لمحمد بن قاسم النويري الاسكندراني المتوفي عام 1373 م؛ في سبعة مجلدات؛ ونشرته دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد بالهند خلال الفترة من ( 1968 – 1976 )، وحقق أخير كتاب "تاريخ البطاركة " لساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين في القرن العاشر الميلادي ؛ وصدر عن جمعية الآثار القبطية في ثمانية مجلدات خلال الفترة من (1943- 1948).
وتابع: ولقد توفي الدكتور عزيز سوريال عطية في 24 سبتمبر 1988 عن عمر يناهز 90 عامًا تقريبًا أثناء عكوفه على البحث والدراسة في مكتبة بجامعة يوتا كما ذكر بعض شهود العيان.