بودولسكى: لمَ لا أختم مسيرتى فى الأهلى؟.. كولر لديه رقمى يمكنه الاتصال بى
أثناء تقديمه كمدرب جديد لفريق كرة القدم بنادى الأهلى، أشاد السويسرى مارسيل كولر باللاعب الألمانى من الأصول البولندية لوكاس بودولسكى، الذى لعب معه فى نادى كولن الألمانى.
ويمثل «كولر» الأب الروحى للمهاجم الألمانى الكبير، فهو أول من سلّط الضوء على اللاعب، وصعده للعب مع الفريق الأول بنادى كولن وهو لا يزال فى الثامنة عشرة من عمره، لتنطلق من حينها مسيرة واحد من أفضل اللاعبين الألمان على الإطلاق.
ترعرع «بودولسكى» فى بولندا، ثم نضج فى ألمانيا، وأصبح «أمير كولن»، كما لعب لكل من: بايرن ميونخ وأرسنال وإنتر ميلان وجالاتا سراى، وكان حديث العالم فى مونديال ٢٠٠٦، عندما فاز بجائزة أفضل لاعب شاب، وهو ثالث الهدافين التاريخيين لمنتخب ألمانيا، وشارك فى كأس العالم ٣ مرات، وتُوج مع بلاده بالمونديال عام ٢٠١٤.
فى السطور التالية، يفتح «بودولسكى»- الذى عاد إلى المكان الذى نشأ فيه طفلًا صغيرًا، ليلعب لفريق مدينته، جورنيك البولندى- قلبه لجريدة «الدستور»، فى أول حوار له مع وسيلة إعلام مصرية أو عربية، متحدثًا عن «كولر» وتوقعاته لتجربته مع الأهلى، وكيف يرى فريق «القلعة الحمراء»، إلى جانب تفاصيل عن مسيرته الشخصية.
■ بداية.. أمضيت أكثر من عام مع ناديك الحالى جورنيك، كيف تقيّم تجربتك معه؟
- لقد عدت إلى نادى موطنى، نادى مدينتى، حيث نشأت كطفل، لقد وضعت دائمًا فى ذهنى أن أعود يومًا من الأيام لأنهى مسيرتى هناك، لذا أنا هنا، وأنا سعيد جدًا لأخذ تلك الخطوة، وأن أساعد هذا النادى داخل الملعب وخارجه، وأن أجعل الناس هنا سعداء.
■ أسهمت فى زيادة شعبية جورنيك دون مقابل.. لماذا؟
- لأننى سأموت هنا، وفى مدينتنا يحبون هذا النادى، وأعتقد أن هذا هو السبب الوحيد، أن هذا هو نادى أهل مدينتى.
عندما كنت صغيرًا، كنت دائمًا أذهب لملعب الفريق مع عائلتى، هناك ذكريات كثيرة، لهذا السبب عدت لديارى، وأنا سعيد جدًا بذلك وفخور باللعب هنا، وبالنسبة لى لا يهمنى إذا سجلت ٢٠ أو ٣٠ هدفًا، أنا فقط سعيد بأن ألعب وأكون هنا فى ذلك النادى.
■ أداؤك رائع مع فريق وطنك.. فهل تفكر فى الاحتراف مرة أخرى؟
- إذا كنت أفكر فى الاحتراف ما أتيت إلى هنا، فلقد تلقيت عروضًا أخرى، حتى بعد نهاية الموسم الماضى، لكننى لم أوافق. عندما يقول لك قلبك: «ابق هنا»، وعائلتك كذلك، فعليك أن تستجيب، وأنا الآن أراهم سعداء، فلماذا أذهب إلى مكان آخر؟
أحب أن أكون هنا، أحب أن أكون فى المدينة وفى النادى ومع الناس هنا، وبالنسبة لى لا أهتم بالأرقام، لأننى لست فى الخامسة والعشرين من عمرى على سبيل المثال.
أريد الاستمتاع بسنواتى المتبقية فى كرة القدم، بالطبع أُقدم كل ما لدىّ على أرضية الملعب، ولا يمكننى فعل كل شىء، لكن سنى ليست السبب فى عودتى هنا، بل أردت العودة إلى منزلى والنادى الذى أحببته، وأن أكمل حلمى ومسيرتى هنا، أعتقد أن هذا أكثر شىء عظيم يمكننى فعله.
■ هل ترى أن هناك مساحة للولاء والمحبة فى كرة القدم؟
- نعم.. أعتقد أن كل واحد يمكنه تقرير ما يشاء بنفسه، فهناك من يقرر أن يُكمل مسيرته فى موطنه، وهناك من تكون لديه إصابات فيقول إنه اكتفى، وهناك من يقول إنه يريد أن يجرب شيئًا آخر.
أما أنا فأريد أن أستمر فى اللعب، لأن ذلك ما أحب، لقد ترعرعت فى هذه الشوارع وتعلمت لعب الكرة، ولن أبتعد عما أحببت. ما زلت قادرًا على اللعب والتمرين والوصول لمستوى عالٍ، فلماذا أترك كل ذلك؟
لقد كنت أحلم بأن أصبح لاعب كرة قدم، والآن ما زلت قادرًا على اللعب والركض والاستمتاع، لماذا أترك هذا الشعور؟
■ حاليًا يبحث معظم اللاعبين عن المال.. هل ترى أن هذا الأمر سيؤثر سلبًا على كرة القدم مستقبلًا؟
- نعم.. لكن لا يمكننى دائمًا توجيه اللوم للاعبين بخصوص حرصهم على المال، والأمر الآن مختلف، مقارنة بالوقت الذى بدأت فيه لعب كرة القدم، أى منذ ٢٠ عامًا. الآن هناك أموال تدخل الأندية، من خلال بيع التذاكر والبث التليفزيونى، واللاعبون يجنون حاليًا مالًا أكثر مما كان يجنى اللاعبون منذ ١٠ أو ١٥ عامًا، وأعتقد أن ذلك طبيعى.
وفى الحياة العادية خارج الملاعب، أصبح الموظفون يجنون مالًا أكثر من السنوات السابقة، لكن عندما ترى بعض أرقام الانتقالات والرواتب بالنسبة للاعبين حاليًا، فهى فوق المستوى الطبيعى والمنطقى.
لن ألوم اللاعبين على ما يجنونه بكل تأكيد، فشىء لطيف أن تحصل على عقد جيد، أما عن حياتى فأنا لا أبحث عن ذلك، يمكننى أن آكل وأتدرب وأعمل وأهتم بعائلتى، هناك أشياء أخرى فى الحياة تصنعنا وليس المال فقط.
■ حظيت بمسيرة مهنية مشرفة.. هل ندمت على أى خطوة فى طريقك؟
- نعم.. ربما ندمت على خطوة الإعارة، فالإعارة لنادٍ آخر تكون صعبة خاصة فى الشتاء، لقد ذهبت لنادٍ وحيد على سبيل الإعارة، من أرسنال إلى إنتر ميلان.
والندم هنا لا يتعلق بالانتقال إلى الدورى الإيطالى، بل الانتقال إلى نادٍ عمومًا على سبيل الإعارة لمدة ٦ أشهر، هو شىء لم أكن لأفعله مرة أخرى، لكن بخلاف ذلك، ومع كل شىء، فأنا حظيت بمسيرة رائعة، ليس فقط داخل الملعب بل وخارجه، قابلت ثقافات متعددة، زرت وعشت فى بلدان مختلفة، مع جمهور وأشخاص مختلفين فى قارات مختلفة وأنا فخور بذلك.
أنا شاب نشأت بين الشوارع فى بولندا، وعندما أنظر لمسيرتى قبل عدة سنوات، فإنه من الغباء ألا أكون فخورًا بتلك المسيرة وما حققته.
■ هل أنت غاضب من المدرب أرسين فينجر بسبب رحيلك عن أرسنال؟
- لا.. فقد رحل فينجر عن أرسنال، وحظينا بعلاقة رائعة، وتقابلنا عدة مرات بعد رحيلى عن أرسنال. أنا فخور باللعب فى الدورى الإنجليزى ومع أرسنال تحت قيادة مدرب عظيم مثل أرسين فينجر، وأنا لست غاضبًا من أى شىء.
■ عندما تسمع اسم مارسيل كولر.. ماذا يأتى فى ذهنك؟
- كان أول مدرب يمنحنى الفرصة فى كرة القدم الاحترافية، فعندما كنت فى سن الـ١٧، شاهدنى ألعب فى الأكاديمية، وكان الشخص الذى دعانى لمباراتى الأولى مع الفريق الأول، عندما كان مدربًا لفريق كولن.
تجمعنا علاقة رائعة منذ ٢٠ عامًا، وحتى الآن، وما زلنا نتحدث عبر الهاتف ونتواصل كتابيًا، فلقد وثق بى فى وقت لم يثق بى أى مدرب آخر قبله، ورأى شيئًا فىّ، ولذلك السبب سأكون دائمًا ممتنًا له لأنه منحنى الفرصة، وآمن بى كلاعب صغير، ودعانى للفريق الأول.
فى الماضى، كان التركيز على اللاعبين الكبار، أما الشباب والصغار فلا فرصة لهم للانضمام للفريق الأول، ولقد كنت اللاعب الشاب الوحيد فى كولن عندما تم تصعيدى، لذا فأنا فخور بذلك.
«كولر» يتمتع بشخصية جيدة خارج الملعب، لذا فما زالت علاقتى به قائمة وجيدة حتى الآن.
■ تحدث «كولر» كثيرًا عنك فى مؤتمر تقديمه كمدرب لنادى الأهلى.. ما توقعاتك لأدائه فى وظيفته الجديدة؟
- «ضحك».. فى الحقيقة لم يتصل بى لسؤالى ما إذا كنت أحب أن آتى لألعب معه فى الأهلى، لكن ربما ينظر فى الأمر.
هو مدرب رائع وشخصيته جميلة خارج الملعب أيضًا ويحب الضحك، لكن على الجانب الآخر، هو منظم للغاية ولديه حماسة غريبة على أرضية الملعب، وأتوقع أن يمتع الجمهور. لقد درب «كولر» منتخبات وفرقًا جيدة، وأنا أنتظر أن أرى ماذا سيفعل فى مصر مع أكبر فريق، ليس فى مصر فقط بل الأكبر فى إفريقيا أيضًا، سنرى كيف يمكنه التعامل مع ذلك، وإذا حظيت بالفرصة سأتابع له عددًا من المباريات مع الأهلى.
■ ما رسالتك له قبل قيادة الأهلى بشكل رسمى خلال الفترة المقبلة؟
- ماذا عساى أقول سوى أن أتمنى له التوفيق، أتمنى أن يتمكن من البقاء مع الأهلى عدة سنوات، وأن يجلب لهم بعضًا من الفلسفة، بعضًا من الفخر والألقاب، وأتمنى أن يكون الجميع سعداء معه.
■ لنفترض أن كولر اتصل بك وسألك إذا كنت تريد إنهاء مسيرتك معه فى الأهلى كما بدأت مسيرتك معه، ماذا ستقول؟
- لديه رقمى، يمكنه الاتصال بى فى أى وقت، لقد لعبت أمام عدد من اللاعبين المصريين، هم رجال رائعون بشخصيات جيدة، وأيضًا لديهم الجماهير، جمهور رائع وطموح وهذا ما أحبه، إضافة للثقافة الرائعة.
عندما ترى جمهور الأهلى، عدد مشجعيهم وكيف هم فخورون، كيف يشجعون فريقهم، بالنسبة لى هذا أمر مذهل، ولهذا السبب أحب الأندية مثل تلك، أندية تقليدية لكن تتمتع بالفخر والجماهير الرائعة، وهذا ما أحبه، أحب دائمًا متابعة مدربينى السابقين، أحب أن أتابع نتائجهم، ودعنا نرى ماذا سيحدث.
■ كيف كان شعورك حينما شاركت فى كأس العالم وفزت به؟
- لقد كنت محظوظًا باللعب فى ٣ بطولات لكأس العالم، خاصة اللعب فى مونديال ٢٠٠٦ حيث أُقيمت فى الوطن ألمانيا، وكانت واحدة من ضمن أفضل المسابقات، بسبب التنظيم والاستادات والجو الرائع المُحيط بالبطولة.
أعتقد أن من يتذكر بطولات العالم، سيقول إن تلك البطولة كانت الأفضل إلى حد بعيد، وبالنسبة لى لعب المونديال فى الوطن كان شيئًا خاصًا، فأنا أتذكر الأجواء المذهلة حولى.
بالنسبة لى، عندما تلعب كرة القدم فى الشوارع وترى كأس العالم على التلفاز، وبعد أكثر من ٢٠ عامًا ترى نفسك قد لعبت ٣ بطولات كأس عالم، فهذا شىء أنا فخور به.