«على يد محضر».. لأول مرة «الزوج الناشز» ينتظره بيت الطاعة
ربما لم يعد مُستغربًا في المستقبل أن يجد الزوج نفسه مُستدعيًا فيما يسمى بيت الطاعة ساحبًا أغراضه ممتثلًا لحكم قضائي يفرض عليه المكوث في هذا البيت، بعد أن حدثت واقعة تعد الأولى في مجتمعاتنا العربية بطلب سيدة لزوجها في بيت الطاعة.
أرسلت زوجة بأول إنذار طاعة ضد زوجها تتهمه بالنشوز، يحمل رقم 61581 مُحضرين أسرة مدينة نصر تطالبه فيه بالدخول في طاعتها، ليصبح هو الإنذار الأول من نوعه ، واستندت في دعوتها بنشوز زوجها إلى ما أشارت إليه سورة النساء عن نشوز الرجل مثلما أشارت إلى نشوز المرأة في الآية الكريمة "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا".
وجاء "إنذار" النشوز الذي تقدمت به الزوجة إلى النيابة محتويًا على بيان أوجه نشوز هذا الزوج، والتي جاءت كالتالي بقيامه بطردها من مسكن الزوجية وحصوله بالإجبار على أطفاله، وتفّريقه بين أبنائه الأخوات، حيث أخذ طفلين "ذكور" وترك للزوجة طفلتين، و انتزاع هذا الزوج حضانة الأطفال الصغار، وكذا اتهامه لها بالسرقة وأيضًا التشهير بها.
وكانت قد نشبت العديد من الخلافات بين الزوجة والزوج، ووصلت إلى طريق مسدود حتىى وصل الأمر إلى تهديد الزوج الذي يعمل طبيبًا فيها زوجته بالدخول في طاعته في منزل بخلاف منزل الزوجية، واتهمها بالنشوز، لإجبارها على العيش معه وتقبل الأمر الواقع بكل معاناته، وهو ما دفع الزوجة -حسب قولها- هي الأخرى بإنذاره واتهامه بالنشوز، وذلك لأنه لا ينفق عليها ولا على أطفاله الأربعة، رغم أنه يعمل طبيبًا بشريًا، وبذلك يكون الزوج قد أخلّ بواجباته في القوامة مع زوجته.
ولكن هل ما قامت به الزوجة سيعتد به في المحاكم المصرية، أم أنه أمر هراء ولا يمكن الاعتراف به، وفي حال هذا فكيف إذن تمت إجراءات إنذار الزوجة لزوجها قضائيًا؟
خبير قانوني: الناشز يطلق على للمرأة والرجل
محمود علي استشاري القانون والعلاقات الأسرية يجيب على هذا السؤال في حديثه " للدستور" موضحًا أن دعوى إنذار الزوجة أوضحت فيها أن زوجها ناشزًا مُشيرًا إلى أن الكثيرون يعتقدون أن النشوز أمر يختص بالمرأة فقط، ولا علاقة له بالرجل، وهذا أمر غير صحيح، ولكن الحقيقة هي أن لفظ "الناشز" تطلق على كل من الرجل أو المرأة الذين لا يقومون بواجباتهم الزوجية.
وتابع بقوله أن جاء تعريف نشوز الزوج في بعض التفاسير أنه "ترك مجامعة الزوج لزوجته وهجر مضجعها، وإعراض الزوج بوجهه عن زوجته، وقلة مُجالستها".
أما عن إنذار الزوج للطاعة أوضح محمود أنه على الرغم من نشوز الزوج فإن إنذاره لبيت الطاعة أمر لا يجوز، موضحًا أن ذلك لكون الطاعة قانونًا هي للزوج فقط، أما الزوجة فيمكنها إنذار الزوج فقط، ولها إنذاره نتيجة الهجر، وذلك تمهيدًا للسير في خطوات رفع قضية الطلاق للضرر وهو ما ينص عليه القانون.
كما أضاف أنه بذلك تصبح دعوى طلب الزوج للطاعة غير قانونية وغير جائزة شرعًا، وبالتالي فإن المحكمة التي ستنظر الدعوى ستقوم بإلغائها وعدم النظر فيها لمخالفتها القانون.
الدين أنهى الأمر
ومن الناحية الدينية قال الشيخ ربيع فهمي إمام مسجد النور بمحافظة طنطا أن مسمى بيت الطاعة ليس له وجود في الإسلام لا للمرأة ولا للرجل، بل أنه قانون مأخوذ من بعض الدول العربية التي أخذته من القانون الفرنسي قديمًا، وتابع أن الأصل في الحياة الزوجية بالإسلام هو الرضا والمودة والمعاشرة بالمعروف.
وأضاف أن المشرع قد كفل للمرأة التي أساء زوجها خلقًا وعجزت عن الحياة معه أن تخلعه كما كفل هذا الحق للزوج بالطلاق، إذ أن الدين الإسلامي لا يجبر طرفًا للعيش بالإجبار مع من يكرهه، وتابع أن قصة زوجة قيس بن ثابت رضي الله عنهم دليل عندما ردت إليه حديقته مقابل الخلع.
وأردف بقوله أنه قد صدرت مادة ضمن أحكام نظام التنفيذ في الأحكام القضائية نصها (لا ينفذ الحكم الصادر على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية جبرًا)، بمعنى أن تلك الدعوى لا تنفّذ جبرًا حتى لو صدر فيها حكم قضائي، ولكن غالبا قد تنتهي بالصلح أو الخلع أو الفسخ مؤكدًا أن ذلك الأمر ينطبق على الرجل والمرأة لكي لا يكون أحد الطرفين .
ولفت شيخ الأزهر إلى عدم وجود ما يُسمى بـ"بيت الطاعة" في الإسلام، كما أكد أنه لا يجوز لولي الأمر تزويج ابنته برجل "غير كفء ترضاه" بدون سبب مقبول.
معدلات الطلاق في زيادة مُستمرة
وقد أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن عدد حالات الطلاق سجل زيادة كبيرة على أساس سنوي في 2021، وذلك مقابل زيادة طفيفة في عدد حالات الزواج خلال الفترة نفسها، وهو ما قال محللون إنه يرجع بشكل رئيسي إلى تنامي الضغوط الاقتصادية.
وقال الجهاز في بيان إن عدد حالات الطلاق العام الماضي بلغ 254777 مقابل 222036 حالة في 2020، بزيادة سنوية 14.7 بالمئة.
وأظهرت البيانات زيادة طفيفة في عدد عقود الزواج العام الماضي، إذ بلغت 880041 مقابل 876015 في 2020، بزيادة سنوية 0.5 بالمئة.