كـ"مُصممة مجوهرات".. كيف اخترقت الجاسوسة الروسية "أولغا كولوبوفا" الناتو ؟
كشف تحقيق نُشر في الصحف الأوروبية نهاية الأسبوع الماضي، قصة أولغا كولوبوفا، جاسوسة الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU)، التي ظهرت في الأوساط الأروربية منذ سنوات كمصممة مجوهات إيطالية، واستطاعت الاقتراب من مسؤولين في حلف الناتو والبحرية الأمريكية، وأقامت علاقات مع كبار المسؤولين العسكريين قبل أن تختفي عام 2018.
جاسوسة روسية في الناتو
ذكرت منظمة التحقيق المستقل Bellingcat ، التي تعمل على كشف قضايا التجسس المتعلقة بروسيا، في نهاية هذا الأسبوع الماضي، أنها تمكنت من الكشف عن جاسوسة روسية تسللت إلى الدائرة القريبة من مسؤولين في الناتو في إيطاليا، بينما كان تتظاهر بأنها مصممة مجوهرات من بيرو.
وبحسب التقرير، الذي نُشر في وقت واحد في عدة صحف أوروبية رفيعة المستوى، من بينها "دير شبيجل" الألمانية و "لا ريبوبليكا" الإيطالية، فقد نجحت الجاسوسة في التسلل لسنوات إلى الأحداث المرموقة لحلف شمال الأطلسي والبحرية الأمريكية وإقامة علاقات وصداقات مع المسؤولين، مما يرجح أنها منحزها معلومات سرية.
فما استخدمت أولغا كولوبوفا اسم ماريا أديلا كوهفيلدت ريفيرا، وأدعت أنها ابنة بأب ألماني وأم بيروفية، وفي عام 2006، بدأت في استخدام اسم "ماريا ريفيرا" وفي السنوات التالية سافرت بين روما ومالطا وباريس، حتى استقرت في عام 2013 في نابولي، حيث يقع مقر الناتو.
حياة نشطة
وفقا للتقرير، افتتحت "ريفيرا" في نابولي متجرا للمجوهرات وامتلكت ملهى ليلي وقادت حياة اجتماعية مفعمة بالحيوية، ونجحت في الحصول على وظيفة سكرتيرة للفرع المحلي لمنظمة "ليونز" الدولية، التي تعمل على تحسين نوعية الحياة في المجتمع، مما سهّل عليها الاتصال بأفراد الناتو، والتواصل مع مسؤوليه، وعلى الأرجح تمكنت من الوصول إلى مواد سرية.
وفقًا للتحقيق، فإن ما أجبر ريفيرا، وهي الآن في الأربعينيات من عمرها، على التخلي عن مهمة التجسس هو جوازات السفر الروسية التي كانت تحملها، حيث كانت تستخدم عدة جوازات تحمل أرقامًا تسلسلية، فيما تم الربط بين هذه الأرقام وبين رقم تم استخدامه من قبل أحد العملاء الروس الذين سمم العميل الروسي المزدوج سيرجي سكريبال وابنته في إنجلترا عام 2018 .
اختفاء مفاجي
اكتشف محققو Bellingcat أنه في 15 سبتمبر 2018، بعد يوم من نشر تحقيق تم فيه الكشف عن تفاصيل مشبوهة حول جواز السفر الذي استخدمه أحد عملاء الاستخبارات الروسية الذي قام بتسميم العميل الروسي سيرجي سكريبال – وهي التفاصيل التي ساعدت في الربط بين العميل و"ماريا"، والتي أكدت أنهما الاثنان ينتميان إلى المخابرات الروسية ، فقامت "ريفيرا" بشراء تذكرة طائرة من نابولي إلى موسكو، على ما يبدو لأن مشغليها أُمروا بالعودة خوفًا من الكشف عن هويتها بسبب التشابه بين رقم جواز سفرها ورقم جواز سفر المشتبه بالتسميم. منذ ذلك الحين، على ما يبدو، لم تغادر روسيا.
بعد شهرين من مغادرتها إيطاليا، نشرت "ريفيرا" تدوينة باللغة الإيطالية على Facebook ، زعمت فيها أنها اختفت بسبب إصابتها بالسرطان: "حان الوقت لكشف الحقيقة. الشعر ينمو الآن بعد العلاج الكيميائي. قصير جدًا" ، لكنه موجود، أفتقد كل شيء، لكني قادرة على التنفس".
في السنوات التي زُعم أنها عملت فيها كعميل سري، عاشت "ريفيرا" حياة نشطة على الشبكات الاجتماعية. سافرت إلى الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، والتُقطت صورًا مع الزعماء، وكانت تبرر رحلاتها أنها مرتبطة بعملها كمصممة مجوهرات، ولكن المجوهات التي تتاجر بها كانت مجوهرات صينية ذات نوعية رديئة. وكان معروفًا أيضًا أنها تزوجت في عام 2012 في إيطاليا برجل مزدوج الجنسية من روسيا والإكوادور، لكنهما انفصلا بعد فترة وجيزة. وفقا للتحقيق، توفي في ظروف غامضة بعد عام.