«حريق التاسعة».. كواليس حادث «قداس الأحد» بكنيسة أبوسيفين
في التاسعة من صباح اليوم استيقظ أهالي حي المنيرة في إمبابة بمحافظة الجيزة على صراخ يسبقه دخان كثيف وألسنة لهب شديدة تخرج من نوافذ الدور الثاني بمبنى كنيسة «أبوسيفين» العتيقة، إثر حريق ضخم تسارع كثيرون لإخماده، لكن المشهد كان مخيفًا ما استدعى تدخل العشرات من سيارات الإطفاء وقوات الحماية المدنية ورجال الشرطة.
التهمت النيران كل شيء خلال صلاتهم الصباحية في قداس الأحد الشهير، حسبما قال شهود عيان لـ«الدستور» حتى هبطت النيران للدور السفلي بالكامل، فتدخل الأهالي وتعاملوا مع الحريق، لكنهم كانوا يتساءلون هل هناك أشخاص في الدور العلوي؟ لكن لا أحد يجيب؛ بسبب الذعر الذي أصابهم جراء الحادث.
سرعان ما صعدت النيران في الأدوار حتى وصلت إلى الثالث الذي كان مغلقًا تمامًا، فجميع من فيه أصابهم الاختناق ومنهم من توفي ومنهم من دخل في حالة إغماء وكان هناك عدد كبير من الضحايا.
كاهن الكنيسة «عبدالمسيح» ظل مفقودًا حتى وجدته فرق الإنقاذ والأهالي، وكانت حالته الصحية متدهورة للغاية بحسب شهود عيان، فيما تدخل أحد أمناء الشرطة سريعًا وقطع الكهرباء عن المكان وبدأ الأهالي في التوافد سريعًا لإنقاذ الأطفال، كان المشهد بالدور الثالث مروعًا للغاية، حتى إن حضانات الأطفال تآكلت من النيران.
كيف تعاملت الحكومة؟
وصلت 30 سيارة إسعاف مدعومة بأطقم طبية من وزارة الصحة لنقل الوفيات والمصابين إلى مستشفيي إمبابة العام والعجوزة، حيث تم رفع حالة الاستعداد القصوى بمستشفيات القاهرة والجيزة وتوفير جميع فصائل الدوم وأدوية الطوارئ.
وقدّم الرئيس عبدالفتاح السيسي التعازي لأسر الضحايا الأبرياء الذين انتقلوا لجوار ربهم في بيت من بيوته التي يُعبد بها، في حادث كنيسة المنيرة الأليم بمحافظة الجيزة، وقال إنه يتابع عن كثب تطورات الحادث الأليم بكنيسة المنيرة بمحافظة الجيزة.
وأضاف الرئيس السيسي عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي: «وقد وجهت كافة أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة، وبشكل فوري، للتعامل مع هذا الحادث وآثاره، وتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية للمصابين».
فيما زارت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي مصابي حادث كنيسة أبوسيفين بإمبابة، الذين تم نقلهم لمستشفى العجوزة وإمبابة العام من أجل الاطمئنان على حالتهم الصحية، ووجهت فور وقوع الحادث مدير مديرية التضامن الاجتماعي بالجيزة بسرعة التحرك وضرورة تكثيف الجهود نحو مساعدة الأهالي مقدمة التعازي لأسر المتوفين، وتقديم الدعم اللازم لأسر الضحايا والمصابين، كما وجهت فرق الهلال الأحمر المصري بالتواجد في الموقع لتقديم أوجه الرعاية.
وتقرر صرف مبلغ 50000 جنيه في حالة وفاة رب الأسرة ومبلغ 25000 جنيه في حالة وفاة أحد أفراد الأسرة ومبلغ 5000 جنيه لكل حالة إصابة ودعم أسر الضحايا لمدة عام مع صرف معاش شهري للأسر التي فقدت عائلها، بالإضافة إلى تقديم كل أوجه المساعدات التي تحتاجها الأسر المنكوبة، كما تقرر صرف 50 ألف جنيه أخرى لأسر الضحايا من قبل الأزهر الشريف والجمعيات الأهلية.
في مكان الحادث
الظلام يخيم على منازل إمبابة بعدما تم قطع التيار الكهربائي خوفًا من حدوث تداعيات للحادث لكنها عادت لاحقًا، ركام الحريق يشير إلى حادث ضخم لم يفرق بين كبار وصغار، وفرضت فرق الأمن كردونًا أمنيًا لمعاينة المكان.
وقال أحد شهود العيان على حادث حريق كنيسة «أبوسيفين» لـ«الدستور»، إن الكهرباء انقطعت بشكل كامل عن منطقة مطار إمبابة، والكنيسة لديها مولد كهرباء يعمل بشكل تلقائي بمجرد انقطاع الكهرباء، لكنها عادت سريعًا، ما أعطى لأجهزة مكيف الهواء كهرباء زائدة جدًا، فسرعان ما اشتعل، وخرجت النيران منه، معلقًا: «قلبنا مع إخوتنا الأقباط بشكل عام وأهالي الضحايا والمصابين بشكل خاص».
إلى ذلك، قال عبدالله محمود طبيب بقسم الطوارئ في مستشفى العجوزة، إن ضحايا حريق كنيسة أبوسيفين في منطقة المنيرة حتى الآن هم أطفال دون العاشرة وأغلبهم حالات اختناق وحروق وصلت شدتها للدرجة الثالثة في بعض المصابين، موضحًا أنه لم يتم حتى الآن حصر أعداد المصابين الذين توافدوا على مستشفى العجوزة العام، خاصة أن هناك عددًا كبيرًا من الأطفال توفوا في المستشفى، معقبًا: «واضح أن الحادث كان صعب أوي بالذات على الأطفال اللي أكيد عاشوا لحظات صعبة جدًا عليهم».
ما سبب الحادث؟
قالت الشرطة المصرية إن الحادث الذي وقع صباح اليوم وبعد السيطرة عليه من خلال قوات الحماية المدنية وإخلاء المصابين والمتوفين ونقلهم للمستشفيات، أسفر فحص أجهزة الأدلة الجنائية عن أن الحريق نشب بتكييف بالدور الثاني بمبنى الكنيسة، الذي يضم عددًا من قاعات الدروس نتيجة ماس كهربائي، وأدى ذلك لانبعاث كمية كثيفة من الدخان كانت السبب الرئيسي في حالات الإصابات والوفيات.
وكشفت الشرطة عن إصابة 5 من أفراد الشرطة (ضابطين و3 أفراد شرطة) من قوات الحماية المدينة باختناقات خلال عملية مكافحة الحريق الذي نشب في الكنيسة.
تداعيات الحادث
قال بيان رسمي صادر عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن 41 لقوا حتفهم وأصيب 14 جراء الحريق الذي شبَّ في كنيسة أبي سيفين بمنطقة مطار إمبابة بالجيزة، فيما أمر المستشار حمادة الصاوي النائب العام، بتشكيل فريق تحقيق كبير للتحقيق في واقعة حريق كنيسة المنيرة بإمبابة، والذي انتقل على الفور لمعاينتها وبدء إجراءات التحقيق.