أحمد رامي.. عاشق أفلاطوني أحب دون أن يتقاضى عشقا ولا أجرا
تحل اليوم ذكرى ميلاد الشاعر أحمد رامي الذي ولد في 9 أغسطس عام 1892 بحي السيدة زينب.
كان رامي مولعا بالثقافة ويعشق الشعر والأدب منذ نعومة أظفاره، لذا سافر إلى فرنسا ليدرس نظم الوثائق والمكتبات بجامعة السوربون، بعد أن تخرج في مدرسة المعلمين بالقاهرة، ولم يكتف رامي بدراسة نظم المكتبات بل أتقن الفرنسية ودرس الفارسية في معهد اللغات الشرقية مما ساعده في ترجمة رباعيات الخيام التي صارت قسمة بين عمر الخيام وأحمد رامي.
عاد رامي إلى مصر وعين أمينا لمكتبة دار الكتب المصرية ثم أمينا لمكتبة عصبة الأمم في ١٩٤٥ ثم عاد إلى مصر ليعمل مستشارا للإذاعة المصرية ثم نائبا لرئيس دار الكتب المصرية.
رامي شاعر الشباب
ربما لا يستسيغ البعض هذا اللقب الذي أطلق على أحمد رامي بعد أن ولى زمنه منذ عقود، غير أنه كان يستحق هذا اللقب عن جدارة لأنه كان متجددا، واستطاع بأشعاره التي كتبها بالفصحى وبالعامية أن يخرج بالأغنية من الرتابة إلى الانطلاق مع الحفاظ على الرصانة والقيمة الفنية والإنسانية.
رامي وأم كلثوم
«عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك» هذا السطر الذي كتبه رامي في أغنية «يللي كام يشجيك أنيني» يمكن أن يختصر علاقة هذا الشاعر الكبير بسيدة الغناء العربي التي أحبها بكل جوارحه فلم تعر حبه اهتماما فكتب لها أحلى أغاني الحب مما ساهم في صعودها إلى قمة الغناء العربي، فتحصل على لقب كوكب الشرق عن جدارة، دون أن يتقاضى أجر، وقال في ذلك: «حبي لأم كلثوم مثل خب قيس لليلي وقيس لم يتقاضى أجرا عن أشعاره التي كتبها في ليلي».
يوضح أن رامي كان مولعا بأم كلثوم دون أن يخفى مشاعره نتيجة صدها، لذا كان يسقط كل مواقفها معه على الورق ثم يركض إليها بأشعاره وبعد أيام يستمتع الشرق والغرب بما تغنيه الست غير أن صاحب القصيدة هو الوحيد الذي لم كان حبيسا لعزلته واكتئابه، قصة حب رامي لأم كلثوم ثرية جدا نظرا لدرامية أحداثها وتركيبتها المعقدة بين عاشق أفلاطوني يحب دون أمل يتفانى في بذل كل ما يملك من أجل حبيبته التي جعلته كعصفور في قفص ذهبي لم تبل ريقه بكلمة حب ولم تتركه يرحل بعيدا، لذا قال رامي حبي لأم كلثوم مثل حبي للهرم لم ألمسه ولم أصعد أليه لكني أحبه».
أحداث كثيرة مرت في قصة حب رامي لأم كلثوم التي دامت لنصف قرن تقريبا نتج عنها ١٣٧ أغنية في العشق واللوم والهجر كتبها رامي بدمه ودموعه.
اللقاء الأول بين أحمد رامي وأم كلثوم
كان اللقاء الأول بين رامي وأم كلثوم في مسرح الأزبكية عام ١٩٢٤ حين دعاه أحد أصدقائه لسماع المطربة الشابة أم كلثوم، بعد قدومه من باريس، فقال لها وهي على خشبة المسرح أريد أن أسمع قصيدتي الصب تفضحه عيونه فعرفت أنه أحمد رامي فقالت أم كلثوم حاضر ياسي رامي، تلك القصيدة التي أخذها الملحن أبو العلا محمد من رامي ولحنها لأم كلثوم وكان رامي وقتها في باريس.
ولما غنت أم كلثوم الصب تفضحه عيونه بدا الشاعر الملهم يذوب في صوت المغنية الشابة بل ذاب فيها بكل ما فيها، لتبدأ الرحلة التي لم تنته نهاية سعيدة بالنسبة للعاشق.
رامي المعلم
في عام ١٩٢٦ بدا اهتمام رامي بأم كلثوم ليكون معلمها الأول، حيث أطلعها على العديد من الكتب ليثقل موهبتها الفنية وقيل إن شقيقاته علمن أم كلثوم فنون الإتيكيت وفي هذا العام كتب رامي لأم كلثوم سبعة عشر أغنية، ثم توالت كتاباته لأم كلثوم حتى ١٩٧٢ في أغنية يا مسهرني التي كانت عبارة عن رسالة عتاب لمحبوبته.
أم كلثوم في بيت رامي
عرف القاصي والداني قصة حب أحمد رامي لأم كلثوم، وعرف الجميع يعرف ما يمر به رامي من اكتئاب بسبب غيرته على أم كلثوم ولولا أن زوجة رامي كانت امرأة عاقلة لما استمرت هذه الزيحة لأيام.
يذكر أنه في لقاء إذاعي مع زوجه رامي سألتها المذيعة هل تغضبين لأن زوجك يحب أم كلثوم قالت زوجة رامي وأنا أيضا أحبها.
رامي يرثى الست
قال رامي في حفل تأبين سيدة الغناء الغربي وفي حضور الرئيس الراحل أنور السادات
ما جال في خاطري أنى سأرثيها
بعد اليوم صغت من أشجى أغانيها
قد كنت اسمعها تشدو فتطربني
واليوم أسمعني أبكى وابكيها
ورحل الشاعر المصري الكبير في 5 يونية 1981 مخلفا لنا أشعاره الباقية وقصة حبه الخالدة.