أسامة أنور عكاشة.. صاحب الليالى
أسامة أنور عكاشة واحد من أهم كتاب الدراما الذين عرفتهم مصر والعالم العربى، بما قدمه من أعمال خالدة لا يمل الجمهور من إعادة مشاهدتها واستيعاب الحكمة منها.
بدأ «عكاشة» الكتابة قاصًا وروائيًا، ثم اتجه لكتابة السيناريو، وفى جميع أعماله استفاد من دراسته بكلية الآداب قسم الدراسات النفسية والاجتماعية، فى البناء المحكم لشخصياته ورسم صراعاتها الداخلية وخريطة علاقاتها وتشابكاتها الاجتماعية بدقة عالية.
وعبر أعماله الكثيرة ناقش فترات مهمة جدًا فى التاريخ المصرى، وربط بين التحولات السياسية والتغيرات الاجتماعية ببراعة شديدة، من خلال الشخصيات الواقعية التى يستخدمها والصراعات المعقدة التى يقحم فيها أبطال أعماله، الذين يشبهون الطيف الواسع من المصريين، فيثير فى نفوس المشاهدين الدهشة من دقة وصفه أحوالهم ويصدمهم ويعرى لهم حقيقة ما يدور فى نفوسهم بحواراته المحملة بالفلسفة والحكمة على بساطتها وسهولة فهمها. بخلاف ما كتب من أعمال درامية كان أول ما صدر له مجموعة قصصية تحت عنوان «خارج الدنيا»، عام ١٩٦٧، تلتها رواية «أحلام فى برج بابل»، عام ١٩٧٣، ثم مجموعة قصصية أخرى اسمها «مقاطع من أغنية قديمة»، عام ١٩٨٥، ثم رواية «منخفض الهند الموسمى»، عام ٢٠٠٠، ثم رواية «وهج الصيف»، عام ٢٠٠١، وأخيرًا رواية «سوناتا لتشرين»، عام ٢٠١٠.
استفاد «عكاشة» من كتابته القصة والرواية فيما بعد، حين توجه لكتابة السيناريو، ومن أشهر أعماله الدرامية مسلسل «ليالى الحلمية» الذى أخرجه إسماعيل عبدالحافظ، وصور التاريخ المصرى الحديث من عصر الملك فاروق حتى مطلع التسعينيات فى عدة أجزاء كان آخرها عام ١٩٩٥.
تحدث فى حوار سابق له عن شخصيات المسلسل قائلًا: «ليس هناك خيال روائى بحت معلق فى الهواء، فهذه الشخصيات تطوير لما يراه الكاتب فى الواقع حوله. الواقعية مسألة ضرورية وحتمية، كل الإبداع الفنى والشخصيات التى قدمتها هى رصد واختزال شخصيات كثيرة رأيتها، فالكاتب الموهوب يعتمد أساسًا على قدرته على الرصد والملاحظة والتخزين ويفهم العلاقات بينها ويختزنها فى الذاكرة ثم يرسمها على الورق».
ومن أهم وأبرز شخصيات المسلسل كان الفنان يحيى الفخرانى، الذى لعب دور سليم باشا البدرى، فهو الشخصية الارستقراطية ابن الباشوات الذى غادر مصر بعد ثورة يوليو ثم عاد فى مرحلة الانفتاح الاقتصادى ليتوسع ويترك إمبراطوريته لأبنائه، وكذلك الفنان صلاح السعدنى الذى لعب دور العمدة سليمان غانم، الذى يهجر قريته ويتجه إلى القاهرة للثأر لوالده من عائلة البدرى، ودخل عالم الأعمال مع مرحلة الانفتاح الاقتصادى فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، واستقر وتزوج «نازك» التى لعبت دورها الفنانة صفية العمرى. وفى مسلسله الشهير أيضًا «ضمير أبلة حكمت» من إنتاج عام ١٩٩١ وإخراج إنعام محمد على، قدم الشخصية المصرية بشكل مختلف تمامًا، إذ تدور الأحداث حول «أبلة حكمت»، ناظرة إحدى المدارس الثانوية النموذجية بالإسكندرية، والمعوقات التى تواجهها لتحقيق رؤيتها الخاصة فى العملية التعليمية، لكنها تفاجأ بفساد النفوس من حولها، فتتحول إلى واعظ أو نبى يجترح المعجزات لإصلاح قومه وتخليصهم من خطاياهم ودنسهم