«سند محفوظ».. هكذا دافع 3 كُتاب عن «أديب نوبل»
أعد حلمي سالم ملفا كاملاً نشر على جزأين في مجلة أدب ونقد عن أزمة رواية أولاد حارتنا، وذلك في عام 1984، وفي المقدمة التي كتبها حلمي سالم للملف يقول: “قوة المثال التطبيقي أو ضعفه لا يجب أن بمنعنا أبدا من مناقشة القضية العادلة التي تثيرها حالته، وإلا فإن امتداد هذا المنطق على استقامته سيؤدي بنا إلى نوع من الفاشية، مؤداها الدفاع عن حرية الإبداع في حالة تعرض حرية المبدعين الكبار الأفذاذ للعدوان، أما إذا تعرضت حرية الادباء الصغار للعدوان فسحقا لهذه الحرية، وسحقا لهؤلاء الصغار”.
وهكذا ينتهي بنا هذا المنطق نهاية مأساوية، أبرز وجوه مأساويتها، أننا أول ضحاياها لأن معظمنا من صغار الكتاب لا من الأفذاذ.
أما عن الملف فقد كتب فيه الكثير من الكتاب ومنهم فريدة النقاش وأحمد عبد المعطي حجازي والدكتور صلاح فضل، والدكتور نصر حامد أبو زيد وغيرهم.
تقول فريدة النقاش في مقالها المقدم والمشتبك مع قضية أولاد حارتنا: "ملفنا عن أولاد حارتنا لعله يكون خطوة للأمام في عملية فض الاشتباك بين الدين والفن، ولعل المثقفين أن يساندوا الدعوة التي أطلقها عدد منهم في البيان المنشور هنا للإفراج عن الرواية ولعلهم أيضًا يتكاتفون ويخرج البعض منهم الذي انساق لخوض معارك صغيرة مجانية ليخوضوا المعارك الكبيرة التي يتظر الوطن قولهم وعملهم فيها".
أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي فيقول: “ما رأيم لو ادعى الناقد لنفسه حق الفتوى الدينية، لا شك أنه في هذه الحالة يتجاوز حدود علمه ويتكلم فيما لا يحسن الكلام فيه، ويكون لأبي حنيفة أن يمد رجليه ولا حرج، والأمر بالمثل تماما حين يدعي الفقيه لنفسه الحق في نقد الشعراء والروائيين، كما حدث كثيرا في بلادنا وبلاد الآخرين، وكما لا يزال يحدث عندنا وحدنا إلى هذا الزمن الاخير، إذ يظن الكثير منا لناس أن التخصص المطلوب في مناقشة مسائل الادب والفن، وأن من حق أي انسان أن يدلي دلوه في حديث الشعر والنثر والتصوير والنحت والتمثيل والغناء وأن يكلم في هذه الفنون كلام المصلح الاجتماعي والزعيم السياسي والواعظ الغيور”.
بدوره كتب الدكتور صلاح فضل يقول: "عندما نتأمل شفرة الزمن نجد أن المؤلف يستخدم في هذه الرواية حيلة فنية يكررها بعد ذلك في الحرافيش، وهي تكنيك التصغير، فبعد أن كان يتميز في أعماله السابقة بنزعة التكبير الواقعي لحيوات الاشخاص والاجيال حتى تستغرق مجلدات عديدة، فإنه قد شرع هنا في اتخاذ منظور فني معاكس، إذ يقف على مسافة بعيدة من مدى بصره، ويحاول في لقطة شاملة أن يحيط علما لا بالمكان كله فحسب، بل بالزمان برمته ايضًا، وهذا الطموح الأسطوري يجعل واقعيته الحديثة ذات مذاق ميتافيزيقي واضح، على أن زمنه الروائي لا يمكن أن يتطابق مع الزمن الخارجي الأبدي بطبيعة الحال بل إن مباينته له في الترتيب والإسقاط ودرجة الاستغراق ومعدلات التكرار تجعله من ابرز الخوالف المجازية للرواية".
أما المفكر نصر حامد ابو زيد: “من علامات التخلف الفكري والعقلي في حياتنا الثقافية التطوع بإبداء الرأي وإصدار الحكم من جانب غير ذوي العلم والخبرة في الموضوع المطروح للنقاش، لكن مما يزيد الطي بلة ويعمق التخلف ويرسخه ان يصمت أهل العلم والخبرة تهاونا أو تواطؤا فيشعي الجهل في حياتنا، وإذا كان هذا بالضبط هو ما يشكو منه علماء الدين حيث يعيبون عىل بعض قطاعات شبابنا التصدي للفتيا في شئون العقيدة والدي دون أن يونوا مؤلهلين لذلك، فإن تصدي هؤلاء العلماء أنفسهم لإصدار الأحكام وإبداء الآراء في مجالات لا تؤهلهم لها معرفتهم وخبرتهم يضعهم في خانة واحدة مع أولئك الشباب الذين يصفونهم بالجهل والجرأة غير المحمودة”.