رسائل حزب الله من هجوم "كاريش" والموقف الإسرائيلي.. هل تغيرت قواعد اللعب؟
قبل أكثر من أسبوع، أطلق حزب الله ثلاث مسيرات في سماء البحر المتوسط في اتجاه منصة الغاز الإسرائيلية "كاريش"، فيما اعترضت المنظومة الدفاعية الإسرائيلية المُسيرات، وعُرض الهجوم كإنجاز للمؤسسة الأمنية. كما كشف الجيش الإسرائيلي لاحقاً، أن هذه الحادثة سبقتها عملية اعتراض أُخرى لمسيّرة لحزب الله فوق البحر حدثت قبل 3 أيام.
رغم إنتهاء الحادث إلان تداعياتها ستظل مؤثرة على المدى البعيد، وبإمكانها أن تغير قواعد اللعب لفترة زمينة، فيما وصف المراقبون الحدث بأنه تطور مثير للقلق؛ فالمواجهات المتقطعة بين حزب الله وإسرائيل دخلت مرحلة جديدة، حيث حدد حزب الله، حقول الغاز الإسرائيلية هدفاً شرعياً للهجوم ، وحتى لو لم يكن هناك ضرراً كبيراً بالمنصة، إلا أن الهجوم واعتراضه يحمل رسائل خاصة لحزب الله يمكن فهمها على النحو التالي:
رسائل حزب الله
طوال أعوام، يناور حزب الله بين صراعه مع إسرائيل، وتخوفه من الاتهام بأنه سبب التدهور الاقتصادي والسياسي في لبنان.
هناك من فسر إطلاق المسيرات اللبنانية بأنها رسالة إلى إسرائيل والحكومة اللبنانية واللبنانيين بوجه عام؛ للتذكير بالقوة التي يملكها الحزب، وتقديم نفسه مدافعاً عن مصالح الدولة اللبنانية، وحريصاً على مستقبلها في مجال الطاقة.
فالرسالة إلى إسرائيل هدفها تهديد الأخيرة من خلال إظهار قدرته على التسلل إلى منطقة المنصة، وحتى التهديد بشنّ هجوم مستقبلاً، وأيضاً عرض صور جوية كمادة دعائية للحزب، ليثبت أنه أنه لا يخاف من إسرائيل، وأنه مستعد للدخول في مواجهة معها وإحراجها، من خلال إظهار قدرته على مهاجمة منصات الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط.
يحمل الهجوم رسالة إلى الولايات المتحدة، في إطار مساعي واشنطن في مفاوضات ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان.
ومن ناحية أخرى التشويش على عمل إسرائيل في منصاتها وزيادة التوتر الذي من شأنه ردع الشركات الأجنبية عن التوظيف في مشاريع تخدم إسرائيل.
يأتي الهجوم استناداُ على إدراك الحزب أن الرد الإسرائيلي سيكون محدودأً، بسبب السياسة الإسرائيلية الحالية التي تفضل ضبط النفس واستيعاب الحوادث التي تنطوي على إمكانية تصعيدية، وخصوصاً قبيل الزيارة المرتقبة لرئيس الولايات المتحدة جو بايدن إلى إسرائيل والسعودية.
الموقف الإسرائيلي
الحادث ترك انطباعاً لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن حزب الله لدية نية للهجمات حتى لو بدون ضرر كبير، وهو ما يستلزم رفع درجة الاستعدادت الإسرائيلية للجولة المقبلة.
الحادث الأمني هو أول حادث خلال تولّي يائير لبيد رئاسة الحكومة، في الوقت الذي يقف فيه "لابيد" على أبواب معركة انتخابية وتحديات كثيرة، مما يعني أن لابيد قد يكون مدفوعاً برد قوي، بيد أن ما جرى انعطافة تتطلب تعاملاً مختلفاً.
اختار لابيد منعطفاً دبلوماسياً للرد، إذ تم التطرق إلى الحادث عندما التقى لابيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فأجرى معه محادثات خصص الجزء الأكبر منها حول لبنان، وقدم أدلة جديدة حول تورط حزب الله في بعض الأعمال. والغرض هو توريط حزب الله مع فرنسا التي لديها علاقات خاصة مع لبنان.
إسرائيل من الناحية الاقتصادية، فإنها مهتمة بالدفع قدماً بمشروع الغاز البحري - وتُجري اتصالات لتصدير الغاز إلى أوروبا، على خلفية أزمة الطاقة التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا، وحمايتها لـ"كاريش" سيساهم في تعزيز الاستثمارات.