علي المريخي: جداريات الحج فن سريع الزوال وقمت بتوثيق هذا الأمر
نعيش تلك الأيام طقوس رحلة الحج المقدسة، والاحتفال بها في أقصى جنوب مصر، له طابع مختلف، فرسم رحلة الحج المقدسة عبر الجدران لأصحاب تلك الرحلات، هو أحد أبرز الطقوس الاحتفالية برحلة الحج، وقد وثق الفنان التشكيلي على المريخي منذ أكثر من 22 عامًا عبر فيلم "جداريات الحج.. عيد السلواوي" والذي حصل بها على جائزة الهرم الفضي من مهرجان الإذاعة والتليفزيون في هذا التقرير يروى الفنان التشكيلي والمخرج علي المريخي الأسباب التي حرضته على إنجاز فيلم متعلق برسومات الحج ولماذا عيد السلواوي.
يقول الفنان التشكيلي علي المريخي ردًا على سؤال لماذا فيلم عن جداريات الحج؟ “ما حرضني على توثيق رسومات جداريات الحج وأن تكون من ضمن اهتمامي يعود لارتباطي الوثيق بالفن وبجانب ذلك سبب رئيس يعود إلى سنوات دراستي بالمرحلة الثانوية، فقد عملت في تلك الفترة بالرسم على الحيطان في مواسم الحج والأفراح ، وهذا ما حرضني على العمل على إنجاز فيلم يوثق جداريات الحج”.
وأشار المريخي، إلى أن تلك الأعمال عظيمة ومهددة دومًا بالزوال نتيجة لعدم وجود أي حماية لها ضد اشعة الشمس الحارقة والرياح الرملية والأمطار الموسمية، وتعاني رسومات الجداريات من تحلل ألوانها وضياع معالمها دون أن يهتم أحد بتصميمها أو إصلاحها، فرسومات جداريات الحج هي فن عظيم ولكنه سريع الزوال بفعل كل تلك العوامل السابقة.
وأشار المريخي، إلى أن بطل فيلم "جداريات عيد السلواوي "، هو فنان الجداريات عيد السلواوى والذي ينتمي إلى منطقة سلوى جنوب مصر، وقد عمل عيد السلاوي بهذا الفن اوائل عام 68 ، وبدأ في الذيوع والشهرة في مناطق مثل "إسنا وإدفو وأسوان، وكوم أمبو" وكان السلاوي هو الفنان الوحيد المتفرغ لهذا الفن في موسم الحج إلى جانب عمله بأعمال النقاشة.
ولفت الفنان التشكيلي علي المريخي إلى أن “المصورة الأمريكية أن باركه، فردت لرسوماته ما يقرب من 23 صفحة في كتابها الصادر من الجامعة الأمريكية تحت عنوان رسوم الحج”.
وأشار المريخي، إلى أن مدة عمل الفيلم استمرت ثلاث سنوات من عام 99 حتى 2001، وكانت مهمتنا هو رصد عن هذا رسوم الجداريات المتعلقة بالفنان الفطري عيد السلوي، وتحصلت عبر الفيلم على الجائزة الفنية عام 2002 من مهرجان الإذاعة والتليفزيون، جاء الفيلم من تصوير الفنان سعيد عبد العظيم ومن إخراجي".
وأوضح المريخي، أن الفيلم "يستعرض الفيلم رحلة الفنان الفطري عيد السلواوي في رسم الجداريات المتعلقة بالحج، حيث تمتد رسوماته، على طول الطريق من إسنا حتى أسوان، على حيطان تلك المنطقة.
وأكد المريخي، على أن من أهم المهارات التي تتمتع بها هي أنه يطوع فنه وفق المتاح أمامه من مساحات وتعكس أعماله رؤية واقعية، من قلب واقع بيئة القرية الجنوبية وما تحمله من طقوس الاحتفالية بموسم الحج.
وتابع المريخي "تتميز الرسومات، بالإتقان حيث اهتمامه بالتفاصيل، كما يستطيع ممارسة عمله تحت ظروف مناخية صعبة.
وتابع "من أهم ما يميزه عن كل أقرانه، أنه لا يكتفي برسم الزيارة المقدسة بل يستطيع التعبير عن عادات مجتمعية، من مشاهد احتفالات، بموسم الحج، وكذلك رسوماته احتشدت بتفاصيل واعية تظهر أثر الفنانين الشعبيين، والتي تعبر عن بهجة استقبال الحجاج في جنوب مصر، وذلك من خلال تقديم العازفين والمنشدين والتحطيب، وراقصي الخيول، والمبتهجين الذين يطلقون الأعيرة النارية.
وتكشف رسومات جداريات الحجيج الذي قدمه السلاواوي عن تلك الحالة التي يعيشها جنوب مصر من مشاركة المرأة في الطقوس الاحتفالية، وجسد هذا في رسوماته لسيدات وهم يقدمون لضيوفهم الشربات والكركديه والتمر الهندي، واحتفالات السيدات بفرحة الحجيج.
وختم المريخي: "من أروع أعماله تجسيد حالة العناق وتمثلت في صورة "لعناق الحاج ذوي البشرة البيضاء مع آخر صاحب بشرة سمراء" ووضعهم داخل إطار دائري يضمهم بكلمة حج مبرور وذنب مغفور، دلالة على التسامح وعلاقة الأخوة والمحبة التي تعكسها فريضة الحج، كما أنه يتميز عن أقرانه بأنه يمزج بين الخط العربي والرسم في عمله بطريقة، يتماهى فيها الحرف مع الرسم، ليصبح معبرًا عن حالة من الألفة والمحبة كما في كتابته لكلمة حج مبرور، وكلمة لبيك حيث تحتضن الكلمة الحجاج في بوتقة واحدة.