رجاء النقاش يتذكر: سر اللقاء العاجل مع جمال ودور ثروت عكاشة في انقاذنا من فضيحة
لم يكن يمضي على تعييني وزيراً أكثر من شهرين عندما اتصل بى سكرتير رئيس الجمهورية يدعوني إلى لقاء عاجل مع الرئيس "عبد الناصر" الذي ما إن لقيته حتى طلب منى الاستماع إلى شريط صوتي مسجل لمجموعة من الأشخاص انهالوا على شخص الرئيس بالشتائم البذيئة ناعتين إياه بأحط الصفات، وسألته مندهشاً عمن يكونون، فذكر لى اسم أحد الوزراء واسم أديب رائد مرموق وأنه استغنى عن خدمات الوزيرة، وأمر باعتقال الأديب الشيخ.
ولما سألته عن الغرض من دعوتى للاستماع إلى ذلك التسجيل قال:"إن يحيي حقى رئيس مصلحة الفنون كان موجوداً معهما ويتعين إحالته إلى المعاش.. بهذه الكلمات كشف الكاتب الكبير رجاء النقاش فى كتابه "يحيي حقى الفنان والإنسان والمحنة"، عن ما عنونه فى كتابه بـ"فضيحة ثقافية أنقذنا منها ثروت عكاشة"، وقت أن كان وزيراً للثقافة والإرشاد القومي خلال فترة من فترات توليه الوزارة 1958-1962 و1966-1967.
ثروت عكاشة حاول الدفاع عن يحيى حقى أمام الرئيس جمال عبد الناصر؛ حيث قال له لكن الواضح من الشريط الصوتى أنه لم يشارك فى هذا السباب وهو رجل مشهود له بعفة اللسان ودماثة الخلق فضلاً عن أنه أديب مرموق ومحبوب، وتوقيع العقاب عليه ظلماً على هذا النحو سوف يكون له أثر سيىء فى أوساط المثقفين وعامة الشعب على السواء، فقال له "جمال"، لكنه كان موجوداً، ولم يعترض، وهذا يكفى فناشته أن يترك الأمر لى حتى أعالجه بأسلوب مناسب فوافق مقتنعاً بعد إلحاح". وقد عالج الدكتور ثروت عكاشة الموضوع بمنتهى الحكمة حيث يقول:" أسندت ليحيي حقى الإشراف على مركز تدريب العاملين بالوزارة كما أسندت إليه بجوار ذلك منصباً مهماً بدار الكتب، ثم رئاسة تحرير "المجلة" حتى لا يشعر بغربة عن عالمه فى مجال الفكر والأدب والفن. فقبل منى ما عرضته عليه بدماثته المعهودة، وطبعاً كان ذلك كله بعد إعفائه من منصبه كمدير لمصلحة الفنون.
ثروت عكاشة مواليد القاهرة بمصر 1921 - توفي 27 فبراير 2012)، تولى منصب وزير الثقافة ونائب رئيس الوزراء المصري سابقا، وله العديد من الإسهامات في العديد من المشروعات الثقافية والحضارية منها إنقاذ معبد ابوسمبل ومعبد فيلة.