تهريب محصول القمح
«مافيا ذهب الغلابة».. «الدستور» ترصد عصابات تهريب الأقماح المحلية
تكثف الدولة جهودها من أجل إتمام عمليات توريد محصول القمح بالشكل المطلوب، باعتبار موسم حصاد القمح هذا العام استثنائيًا وهامًا، في سبيل امتصاص عواقب الأزمة المقبلة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، كما ويعتبر الذهب الأصفر أحد المحاصيل الاستراتيجية الهامة لتأمين احتياجات السوق المحلي وتوفير رغيف الخبز المدعم للمواطنين.
وقد وضعت الدولة المصرية المتمثلة في وزارتي الزراعة والتموين عددا من الضوابط لإمكانية توريد كميات أكبر من محصول القمح مقارنة بالأعوام السابقة، وهناك بعض التجار والمزارعين يخترقون تلك الضوابط، ويقومون بالمتاجرة بتلك المحاصيل لغير الجهات التسويقية الحكومية، فقد ضُبط مؤخرًا شخصًا بمحافظة الفيوم يتاجر في الأقماح المحلية، وتم بالفعل مصادرة محصول القمح منه.
ومن هنا تسلط "الدستور" الضوء على عمليات تهريب الأقماح المحلية من خلال إجراء بعض الاتفاقيات مع تجار ومزارعين لشراء الأقماح.
«هوفرلك الكمية اللي محتاجها والنقل والعمالة عليكي»
أجرت محررة "الدستور" اتصالًا هاتفيًا مع تاجر من محافظة المنيا، لإمكانية الاتفاق معه على شراء 650 إردبًا من محصول الذهب الأصفر درجة أولى من حيث النظافة، فقال: إنه سيوفر تلك الكمية من تجار ومزارعين قمح داخل المحافظة، معلقًا "لو معاكي فلوس هتلمي من المزارع علطول بدلا من الجهات الحكومية التسويقية" موضحًا أن الحكومة تسعر إردب القمح بدءًا من 850 جنيهًا.
وقد عرضت عليه محررة "الدستور" شراء محصول القمح بالسعر الذي يرغب فيه مزارع القمح، فقال: إن السعر المرغوب فيه للحصول على تلك الكمية المطلوبة أن يكون الإردب الواحد بـ 950 جنيهًا، معلقًا "توردي فلوس هتلمى عالطول من المزارعين، لو عرضتي أعلى بعشرة جنيه عن الحكومة هتشتري طبعًا الغلة كلها".
وسألت المحررة بدورها تاجر القمح عن الإجراءات التي يجب أن يتم تنفيذها لإتمام نقل الشحنة، فأجاب التاجر: إنها ستتحمل أجر العمالة والعربات التي سيتم من خلالها نقل الشحنة، وأكد عليها إنه سيتحرى الأمر لإمكانية نجاح نقل الشحنة إلى محافظة القاهرة، منوهًا إلى إن عمولته ستصل إلى 1000 جنيه.
«الناس اللي عندنا مش بتورد الصوامع»
من المنيا إلى الفيوم، وهنا تواصلنا مع تاجر قمح يقطن بمركز إطسا، من خلال منشور له على "فيس بوك" عن إمكانيته في توفير أي كميات من محصول الذهب الأصفر، على الفور تواصلت معه محررة "الدستور" طالبة منه توفير 700 إردبًا في أسرع وقت لإمكانية البدء في مشروعها المخطط تنفيذه.
"أنا أقدر أوفرلك أي كميات بمجرد بدء عملية الدراس بالمحافظة"، بتلك الكلمات بدأ التاجر حديثه مع محررة "الدستور" مضيفًا إن أسعار الأقماح بالمحافظة تتخطى فى الوقت الحالي الألف جنيه، ولكن مع بدأ عملية الدراس لمحصول القمح ستشهد الأسعار الهبوط.
ويتابع: "المزارع يقوم بتخزين كميات التي يمكن أن تكفيه طوال العام، ومن ثم يقوم ببيبع المتبقى".
وعن إجراءات تجميع واستلام الكمية المطلوبة من الذهب الأصفر، يقول: "مع بدء عملية الدراس هجمعلك من المزارعين، وهتجيبي الفلوس والشكاير، وهتبعتيلي حد من طرفك يلم كل يوم عشان نقدر ناخد الكميات اللي محتاجينها من المزارعين قبل التوريد بالصوامع الحكومية"، موضحًا إنه يعرض السعر على كافة مزارعي القمح داخل المحافظة، معلقًا "الناس اللي عندنا مش بتورد الصوامع".
نقيب عام الفلاحين: عقوبة المخالف لضوابط الحكومة الحرمان من الدعم المقدم له ودفع غرامات مالية
وقال الحاج حسين عبدالرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، في تصريحات لـ"الدستور" إن موسم حصاد محصول الذهب الأصفر هذا العام يعد أكبر موسم له مقارنة بالمواسم السابقة، فقد تخطت المساحات المنزرعة بهذا المحصول 3 مليون، وهناك توقعات للوصول إلى إنتاجبة تزيد عن 10 ملايين طن، نظرا لأن الأقماح هذا العام لم يصيبها أى أذى، نتيجة زراعة أصناف جديدة ذات جودة عالية ومقاومة للظروف البيئية المختلفة.
وعن الطريقة المثلى لحصاد القمح، قال نقيب عام الفلاحين: يلزم حصاد القمح في الميعاد المناسب له، وذلك حين بلوغه مرحلة النضج، ويكون فى وقت غروب الشمس، أو بالصباح الباكر ولا يستحب حصاده وقت الظهيرة، حيث ارتفاع درجة الحرارة، وشدد على ضرورة استخدام آلات حديثة عند الحصاد، لأنها تسهم بدورها في تقليل الفقد في الأقماح، مقارنة بطرق الحصاد التقليدية.
ويستكمل: سعر إردب القمح هذا العام يرتفع عن العام السابق بـ 160 جنيهًا، ويختلف السعر وقفًا لدرجة النظافة، وأشار إلى أن الحكومة قد وضعت عدد من الضوابط لتوريد القمح، ولا تسمح باختراق أيًا منها، معلقًا "الجهات الحكومية عليهم بالمرصاد"، فقد اشترطت توريد ما لا يقل عن 12 إردبا عن الفدان الواحد، كما يمنع بيع المحصول للتجار.
وعن عقوبة المزارع المخالف لتلك الضوابط المنصوص عليها لتوريد عمليات القمح للجهات التسويقية الحكومية، يقول أبو صدام: عند ضبط مزارع قمح يخالف تلك الضوابط سيحرم من أشكال الدعم المقدمة له، كدعم الأسمدة، وسيكون هناك دفع غرامات مالية كبيرة.
تموين القليوبية: لن يُسمح بخرق الضوابط الموضوعة.. وسيكون هناك عقابًا قاسيًا للمخالفين
وفي السياق، أكد عربي عبد الحليم، وكيل مديرية التموين بمحافظة القليوبية، لـ "الدستور" إن الوزارة تبذل جهود مضنية من أجل إتمام عمليات توريد القمح بالشكل المطلوب، بتشكيل اللجان وتجهيز الصوامع، وذلك قبل بدء موسم حصاد الذهب الأصفر بشهر كاملًا.
ويتابع عبد الحليم: لن يُسمح بخرق الضوابط الموضوعة، وسيكون هناك عقابًا قاسيًا للمخالفين، لأن هذا العام استثنائيًا لما يمر به العالم من ظروف عصيبة نتيجة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومن ثم تسعى الحكومة جمع أكبر قدر محصول القمح لهذا العام.
القرش: توريدنا مش هيقل عن 5 ملايين طن وقد نسقنا مع 22 دولة لاستيراد القمح
ومن جانبه، يؤكد الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، في حديثه لـ"الدستور" أن وزارة الزراعة تبذل جهود مضنية من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول الذهب الأصفر وخاصة مع حلول الأزمة الروسية الأوكرانية، فقد استهدفت منذ البداية العمل على التوسع في الأراضي المنزرعة بمحصول القمح، حتى وصلت إلى 3,65 مليون فدان، والذي يسهم بدوره في نحقيق طفرة في معدل إنتاج محصول الذهب الأصفر مقارنة بالأعوام السابقة، حيث إنه من المتوقع إنتاج 10 ملايين طن.
ويستكمل “القرش” حديثه، فقد تم التنسيق مع وزارة التموين على توريد مزارع القمح 12 إردبا كحد أدنى للفدان الواحد، معلقًا "توريدنا مش هيقل عن 5 ملايين طن"، منوهًا إلى إن العمل على زيادة السعات التخزينية من محصول القمح بملء الصوامع، سيعمل على تحقيق احتياطي استراتيجي جيد يكفي لنهاية العام.
كما أشار المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي إلى إن وزارة الزراعة حريصة كل الحرص على تأمين رغيف الخبز للمواطن المصري، وذلك باعتماد مناشأ أخرى لاستيراد القمح، حيث قامت مؤخرًا بالتنسيق مع عدد 22 دولة للاستيراد منها، وأضاف أن وزارة التموين قد وضعت قرارًا لمنع تداول الأقماح المحلية، إلا في وجود تصريح وزارة التموين.
واختتم الدكتور محمد القرش حديثه لـ"الدستور" إن الدولة المصرية قامت بزيادة حجم متوسط سعر الإردب الواحد، مع وضع حافز للمزارع تشجيعًا لهم، ليزيد سعر الإردب 165 جنيهًا مقارنة بالعام السابق، رغبة منها في تحقيق أعلى معدلات من توريد المزارع للأقماح، وبالفعل هناك إقبالاً كبيرًا من المزارعين في المحافظات المختلفة.