على جمعة : مظاهر الدنيا تتبدل بإرادة الله
قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن الله تعالى هو الخالق ولا خالق سواه، وهو القوي ولا قوي سواه، وهو القادر والقاهر فوق عباده، وليست هذه الصفات لأحد في العالمين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فربنا سبحانه وتعالى يرشدنا إلى أن نتأمل الكون من حولنا، في عالم الحيوان، وفى عالم النبات، وفى عالم الجماد، فى السماء، في الأرض، فى البشر، فى أنفسنا، فيقول: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الدابة تسير وليس لها حول ولا قوة، والمفروض أنها لا تجد ما تأكله؛ لأنها لم ترتب لذلك ولأنها لم تضع خطة لهذا، والعجيب أن الله سبحانه وتعالى يرزقها ويحافظ على كل تلك الحياة البرية- كما يقولون- ، من أين تأكل؟ من أين تشرب؟.
وتابع " جمعة" خلال مشاركته فى برنامج القرآن العظيم : سيدنا النبي ﷺ يقول : " لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله ؛ لرزقكم كما يرزق الطيرَ : تغدوا خماصًا -جائعة- وتروح بطانًا -شبعانة-" لكن لابد من الذهاب والعودة –كما ذكرنا سابقا، {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ، { وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} صفتين من صفات الله تعالى ؛ "السميع" أى مجيب للدعاء، "العليم" عليم بالحال، ولذلك {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } ، -{ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } يعنى لماذا يكذبون.
وأضاف: قال تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} بعض الناس أغنياء وبعض الناس فقراء طعامهم كفافا، فما هو حد الكفاف ؟ الذي يقوم بجسده نأكل ونشرب ونتعالج وكذا إلى آخره ، وفى حد الكفاية وهو يأكل ويشرب ويتفقه ويتعلم،...وهكذا، وهناك حد الكفاءة يمارس الرياضية ويمارس النشاط ويتنزه ويسافر،...وهكذا.
وأوضح" جمعة" :"مظاهر الدنيا تتبدل وذلك بإرادة الله سبحانه وتعالى"، نجده في بدايات سورة الروم {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} هذه القصة جاءت في أن الفرس غلبوا الروم، وكان المؤمنون قلوبهم مع الروم لأنهم من أهل الكتاب -وذلك في مكة-، فلما غلب الفرس الروم؛ جلس المشركون في حالة من السعادة، حتى إن أبا بكر لما نزلت هذه الآيات قال لهم: أتناحبوننى؟ - يعنى تراهنونى على أن الروم تنتصر على فارس بعد ٣ سنين، لأن كلمة "بضع" من ٣ إلى ٩، فهو حملها على الأقل-، قالوا: نراهنك، على كام؟ قالوا: على عشرة من الإبل، وذهب إلى النبي ﷺ يخبره بمناحبته، فقال له: يا أبا بكر زد في المناحبة وزد في الزمن -النبي ﷺ عربى فيريد أن يأخذ أقصى ما تدل عليه العبارة من ٣ إلى ٩، فحينئذ فهذا يقين لا يمكن أن يتحرك- ولذلك ذهب أبو بكر إلى المشركين ورفع الرهان من ١٠ إلى ١٠٠ من الإبل، ومن ٣ إلى ٩ سنين، وقد كان وغلبت فعلا الفرس بعد ٩ سنين، وهذا أخذ منه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه أن جميع العقود الفاسدة حلال في دار غير المسلمين مع غير المسلمين لأن مكة حينئذ لم تكن دار إسلام، فيجوز كل عقد من هذا النوع بين المسلمين وغير المسلمين في بلاد غير المسلمين.