«اجري جري الوحوش».. حكاية مثل شعبي اقتبس من حديث قدسي

“يابن آدم تجري جري الوحوش.. غير رزقك لن تحوش”، هو واحد من الأمثال الشعبية الدارجة في الحارة المصرية، ويقال في حق الشخص الطماع الذي يريد أن يستحوذ على كل شىء وكأنه يريد أن يمتلك الدنيا بحذافيرها، مما يجعله يجمع المال من الحرام  ثم يأتي عدل الله فينتقم منه فيخسر ما جمعه من مال أو يخسر نفسه وماله، هنا تجد الجمع يقولون من قبيل العظة والتدبر  أو من قبيل التندر أو الشماتة، صحيح يا ابن آدم تجري جري الوحوش غير رزقك لن تحوش، أي لن تحصل إلا على رزقك فقط. 

علاقة المثل بالدين

يقول الحديث القدسي:
يا ابن آدم لا تخف من ذي سلطان مادام سلطاني وملكي لا يزول، يا ابن آدم لا تخف من فوات الرزق ما دامت خزائنى مملوءة لا تنفذ، خلقت الأشياء كلها من أجلك وخلقتك من أجلي فسر في طاعتي يطعك كل شىء، لي عليك فريضة ولك علي رزق، فإن خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، فإن رضيت بما قسمته لك أرحت بدنك وعقلك  وكنت عندي محمودًا وإن لم ترض بما قسمته لك 
فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها كركض الوحوش في البرية ولا ينالك منها إلا ما قسمته لك وكنت عندي مذمومًا. 

الاقتباس أو التناص
 من خلال مفردات المثل الشعبي يابن ٱدم تجرى جرى الوحوش غير رزقك لن تحوش يتضح لنا أنه التناص أو الاقتباس الواضح للمثل  من الحديث القدسي فكلاهما يهدف إلى الرضا بالقليل من حيث الرزق والرضا بالمكتوب إجمالا وذلك يرجع إلى أمر مهم وهو أن الله هو الذي يقدر للإنسان رزقه بقدر معين وهو أعلم بمن خلق كما أن الاعتراض على ما قدره الله لن يعود على صاحبه إلا بسخط المولى سبحانه وتعالى فالتشابع بين المثل والحديث القدير واضح من حيث المعنى ومن حيث بعض المفردات ، فالحديث والمثل كلاهما يبدأ بعبارة يابن آدم.

 كما وردت كلمة الوحوش فى الحديث القدسي وفى المثل بنفس المعنى. 

جدير بالذكر أن بعض العلماء يشككون في صدق الحديث القدسي ويقولون إنه من الإسرائيليات إلا بعض العلماء يستدلون بهذا الحديث وكان منهم الشيخ الشعراوي رحمه الله.