«داعش وطالبان هما نفس الشىء».. قائد عسكرى أمريكى يصف لـ«أمان» مشاهد الإجلاء الأخيرة بمطار كابول ولحظات الانفجار (خاص)
وسط زحام الإجلاء الجاري في أفغانستان منذ سقوط النظام الأفغاني السابق وسيطرة حركة طالبان على البلاد، تواصل "أمان" مع أحد قادة القوات الأمريكية في أفغاستان، والذي يتواجد حاليا في مطار كرازي بالعاصمة الأفغانية كابول، لمعرفة كيف سيتعامل الجيش الأمريكي مع "داعش- خراسان" والأيام الأخيرة لمشاهداته فى أفغانستان.
وقال تيم كينيدي، وهو من قادة «القبعات الخضراء» وقناص من القوات الخاصة وقائد لإحدى الكتائب العسكرية الأمريكية في كابول، عن تجربته في أفغانستان خلال الأيام القليلة الماضية، إنه وكتيبته استطاعوا إنقاذ أكثر من 8900 فرد من المواطنين الذين لهم حق الخروج من العاصمة الأفغانية.
وناقش كينيدي تفاصيل الوضع هناك قائلا إن نظرات الناس الذين يصلون إلى الطائرات حزينة جدا، يريدون الرحيل ولكن لا يريدون أيضا، كنا نشعر بما يشعرون فنحن أيضا عندما توجهنا لخدمة بلادنا في بلد آخر كنا ذاهبين من أجل وطننا ولكننا أيضا لم نكن نريد الذهاب.
وقال كينيدي، الذي أمضى ثلاثة أيام في أفغانستان قبل رحيله الأخير عن أفغانستان مساء أمس، إنه حاول المساعده حتى آخر لحظة في مهمات الإجلاء والعمل على تحديد الأهداف التي كانت أشد حاجة للإنقاذ.
وأكمل كينيدي أنه عايش مواقف كثيرة في أفغانستان منذ سفره إليها منذ عام 2018، ولكنه لم يشهد أمرا مؤسفا كمناظر الآلاف الذين يقفون أمام بوابات المطار، وهؤلاء الذين تسلقوا الأسوار وتواجدوا في القاعدة الجوية يركضون خلف الطائرات العسكرية ويحاولون الإمساك بها من الخارج، كان مشهدا مميتا ومخيفا للغاية.
وتابع كينيدي: أقف أمام الزجاج بداخل قاعات الانتظار حيث نحاول تنظيم الأمر، ولم أتخيل للحظة أن الكثير من الناس سيحاولون تسلق الطائرة من الخارج والاختباء على أجنحتها وفي دواليب عجلاتها، كانوا يتساقطون وهي تسير محاولة الهرب من كم التدفق الذي حدث في ذلك اليوم، لم تكن الطائرة الوحيدة التي حدث فيها ذلك، لكن كثيرا منهم استطاع النجاة بمجرد أن تحركت الطائرات هربوا بعيدا.
وقال إن حادثة سقوط شخصين من أعلى الطائرة ووفاتهما جعلت آخرين يدركون أنهم لا يجب أن يفعلوا ذلك.
وصرّح كينيدي بأنه يشعر بالتعجب حيث إن «طالبان» تجعل كل من لا يريد العيش معهم يذهبون نحو المطار بلا أزمة، فلماذا كثير من هؤلاء يريدون الرحيل رغم أن كثيرا منهم لم يكونوا على علاقة بالحكومة السابقة أو بمهن تعرضهن للخطر، لذا لم يكن الأمر سهلا، كثير منهم لم يمتلك أوراقا ولا تصاريح للسفر، ومع ذلك هاجر كثير منهم بالفعل.
وقال كينيدي: لقد كانت مناظر طبيعية وساحة قتال شيئًا لم أشهده من قبل، وكانت فوضى عارمة.
كما تحدث كينيدي عن اللحظة التي وقع فيها هجوم انتحاري خارج بوابة «آبي» في مطار كابول، مما أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا وإصابة 18 آخرين على الأقل من الأمريكيين ووفاة ومقتل العشرات من الأفغان، قائلا: كنت بداخل طائرة من طراز سي- 17 عندما انفجرت القنبلة، هرعنا بالطيران نحو السماء، لا يمكنك التوقف فأنت في طائرة بها حياة 500 شخص وتحمل حمولة فوق طاقتها الأساسية، وكان طاقم الطائرة متماسكا وكنا نركز فقط على إكمال المهمة وهي الرحيل.
وأضاف كينيدي: "أهوال وصول الناس إلى المطار لا توصف"، واصفًا مدى خطورة دخولهم عبر البوابات عندما يكون هناك مئات الآلاف من الأشخاص يحاولون شق طريقهم إلى الداخل بتدافع مميت.
استغرقت خدمة كينيدي في أفغانستان في الغالب مع ثلاثة رجال آخرين، أحدهم فقد 12 كيلوجراما من وزنه، 10 أيام، موضحًا: أصبحت جهود الإجلاء أكثر وأكثر كثافة، ولم نستطع النوم أو الحصول على الطعام أو نزع ملابسنا العسكرية، قائلا: لم ننم، لم نأكل.
ووفقًا لكينيدي، فإن عملية تحديد الهوية والتدقيق لأولئك الذين تم إنقاذهم كانت «أكثر تعقيدا، حيث إن هناك أشخاصا كثيرين كان يجب أن يتم تهريبهم من خلف طالبان التي تبحث عن بعض الأشخاص الذين كانوا على علاقة وثيقة بنا أو بالحكومة السابقة ويمتلكون ملفات حساسة»، وأشار إلى أن العثور عليهم مشكلة كبيرة، وإثباتهم مشكلة أكبر، متحدثًا عن إحدى الحالات التي اضطر فيها إلى تغيير خططه لتجنب مراقبي طالبان المسلحين خارج البوابات، حيث أخفى أوراق ذلك الشخص، وعندما سأله عناصر طالبان عن أوراقه قال إنها مع زميل آخر ذهب إلى القاعدة، وحاول إنقاذ ذلك الشاب وأسرته.
وتابع: ذهبنا إلى رصد أماكن سير واختباء الفئران لنبحث عن منافذ تحت المطار تمكننا من إدخال وتهريب المزيد من الأشخاص عبرها، لكننا وجدنا مسلحى طالبان يقفون أعلى مراكز المراقبة وأبراج الاستماع ويبحثون عن تحديد أماكننا خارج المطار وماذا نفعل، كان هناك عشرات القناصين التابعين لطالبان حول المطار من كافة الزوايا، وقال: لا أعلم متى تدربوا أو كيف أصبحوا هكذا؟ لقد عاشوا في الجبال دوما فمتى حصلوا على التدريب ومِنْ مَنْ؟!
وردا على سؤال حول رأيه حول تنظيم «داعش خراسان»، الذي أعلن مسئوليته عن التفجير الانتحاري في مطار كابول، قال كينيدي: "داعش وطالبان هما نفس الشيء"، وأكمل قائلا: "من الصعب التمييز بين الاثنين فعندما تنظر إلى هوية داعش هؤلاء هم المؤسسون الأصليون لمجاهدي طالبان والقاعدة، إنهما ريشتان مختلفتان لنفس الطائر، كأنك تقول إن هناك فرقا بين البيبسي وكوكاكولا وكلاهما يحتويان على الصودا، كلاهما متطرفان".
وأوضح أن عناصر طالبان يحملون قائمة بالأشخاص الذين يريدون قتلهم قبل أن يصلوا إلى المطار، وأنهم يتعقبون أعداءهم قبل الإجلاء، حيث إن طالبان توجه الجميع من داخل كابول للذهاب إلى المطار عبر طريق مدخل البوابة الجنوبية، حيث يوجد هناك نقطة تفتيش ويمكنهم التحقق من كل شخص قادم، وإذا كان أحد أهدافهم شخصًا مهمًا لا يسمحون له بالمرور، بل يقومون باعتقاله، ولا نعلم ما الذي يحدث لهؤلاء.