الملامح الجسدية للسيد المسيح
ليس لدينا لوحة لملامح يسوع الجسدية أو وصف لهذه الملامح في الوثائق القديمة. فقد عاش يسوع في مجتمع يهودي يحرم تصوير الكائنات الحية تحسبا لانتشار الوثنية. والجيل الأول من المسيحيين واغلبهم من أصل يهودي لم يميلوا الى تصوير يسوع أو رسم ملامحه.
وفي وقت لاحق كثرت اللوحات والتماثيل في الغرب المسيحي التي تصور السيد المسيح بشتى الطرق ماخلف تراثا فنيا خالدا تفخر به البشرية. وفي الشرق كانت الايقونات البيزنطية التي قدمت صورا رمزية للسيد المسيح الغرضمنها ترسيخ المعنى الروحي والغيبي لا الملامح الحقيقية لصاحب الصورة.
أما النصوص المكتوبة فمنها مايصور يسوع بلا جمال ولا منظر ومنها مايقدمه في صورة رائعة الجمال.
فيتحدث النشيد الرابع من سفر أشعيا عن عبد يهوى بقوله:"... من أرض قاحلة. لاصورة له ولا بهاء فننظر اليه ولا منظر فنشتهيه. مزدرى ومتروك من الناس رجل أوجاع وعارف بالألم" (53: 2-3). ويشير هذا النص الى المسيح المتألم والمهان على يد اليهود. بينما نقرأ في المزمور 45: " انك أجمل بني آدم والظرف على شفتيك انسكبفلذلك باركك الله للأبد".
والتيار القديم يميل الى تصور أن يسوع لم يكن جميل الملامحاستنادا الى قول أشعيا. أما الجيل الأكثر حداثة ويمثل الأغلبية فيعتبر أن المسيح كان بارع الجمال استنادا الى قول المزمور. ومنالذين حاولوا أن يقدموا وصفا لصورة يسوح الراهب ابيفانيوس حوالي عام 800 فيالقسطنطينية. فقال أن يسوع طول قامته حوالي 6 أقدام(أي مايقرب من 170 سنتيمترا) وشعره أشقر ورقبته تميل قليلااالى الأمام. مستطيل الوجه الى حد ما مثل أمه الذي كان يشبهها في كل شيئ.
وانتشرت في القرنين الرابع عشر والخامس عشر ماعرفت برسالة لينتولوس وهو أحد الحكام الرومان والذي ذكر أنه أرسلها الى مجلس الشيوخ الروماني.
وهذه الرسالة هي أهم ماورد فى وصف ملامح يسوع.وجاء فيها: "انه ظهر في تلك الأزمنة رجليتسم بفضائل جمة اسمه يسوع المسيح ويقول الناس عنه أنه نبي الحق بينما تلاميذه يدعونه ابن الله.
يقيم الموتى ويشفي من الأمراض. وهو متوسط القامة مهيب الطلعة يبعث على الاحترام. يحبه من يراه. شعره كستنائي اللونوجبهته مستوية شديدة الصفاء والهدوء. وجهه نقي بلا تجاعيد وأنفه وفمه بلا شائبة.
لحيته كثيفة بلون الشعر متوسطة الطول بها فارق أعلى الذقن وملامحه العامة توحي بالبساطة والنضوج.
عيناه سماويتا اللون صافيتان رهيبتان عند الغضب، تشعان هدوءا ولطفا عند الصفح. قامته ممتدة معتدلة ويداه وذراعاه مححبان للناظرين. هادئ ورصين ومتواضع عند الحديث. فصدقوصف النبي له:" ابرع جمالا أنت من بني البشر".
وتبني المسيحيون في العصور الوسطى هذه الأوصاف وتوارثتها الأجيال. كما تبنوا الرسوم المستوحاة منها وأبدعوا في تصويرها. فكان هذا التراث الفني المسيحي الرائع الذي تتوارثه الأجيال.