الهاربات من هول "داعش" يروين مأساتهن مع التنظيم
يفرّ المدنيون بطريقة مكثفة من آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي في جيبه الأخير في ريف دير الزور شرق سوريا، غالبيتهم من الأطفال والنساء الأجانب والسوريين من عوائل مسلحي التنظيم الإرهابي، اللواتي قتل أزواجهن في معارك التنظيم، تاركين خلفهم "دولة الخلافة" الوهمية تلفظ أنفاسها الأخيرة.
وكثر في الآونة الأخيرة فرار عدد من النسوة اللواتي التحقن بركب التنظيم فور إعلان قيام دولته المزعومة، حيث أقبلن عليها بسرعة متزايدة موهمين أنفسهم بأن الحياة بداخلها سيملؤها الرغد والعيش والهناء، متناسين وحشية أفعال عناصر داعش الإرهابي في سوريا والعراق، مؤكدين بعد مرور الوقت خطأهن في الانضمام له، حيث يروين مأساتهن في كنف التنظيم وأيامه الأخيرة.
أكلنا العشب كالأغنام
أكدت امرأة سورية من دير الزور تدعي "هالة حسن"، وتبلغ من العمر 29 عامًا، بأن طعامها داخل جيب التنظيم الإرهابي الأخير كان العشب، قائلة "أكلنا العشب من الأرض مثل الأغنام، لم يكن هناك طعام.. داعش أغلقت الطرق، والمهربون كانوا يريدون آلاف الدولارات.. القصف كان غير متصوَّر.. فررنا من مكان لآخر.. مقاتلون من كل الجنسيات كانوا في المنطقة".
وقالت هالة" التي فرّت برفقة أطفالها الخمسة، إن القصف كان غير متصور، وفررنا من مكان لآخر، مضيفة "كان هناك مقاتلين من كل الجنسيات، والتنظيم أغلق كل الطرق والمهربون كانوا يريدون آلاف الدولارات نظير هروبنا".
فيما قالت امرأة أخرى تدعى "انتصار عبد الحافظ "، وتبلغ من العمر 30 عامًا، من العراق، فرت مع أطفالها، إن زوجها كان معلمًا ظل في باغوز مع والدته المسنة، موضحة أنه نقل الأسرة عبر الحدود إلى سوريا قبل نحو ثلاث سنوات، ولم تغادر المنطقة قبل ذلك بسبب القصف.
مصيرنا مجهول بعد الخروج
وقالت امرأة مغربية، وتعدعى" كناز باده"، "لم أكن أعرف بالأساس إلى أين كنتُ قادمة، وقد حاولت الفرار ولكنهم أعادوني ومنعوني من العودة إلى بلادي، موضحة أن مصيرها مجهول، مطالبة الحكومة المغربية بإعادتها إلى بلدها مع أطفالها".
وتمكنت امرأة أوكرانية من الوصول إلى منطقة آمنة بصعوبة بالغة، وتتحدث تلك المرأة اللغة الروسية، وكذلك العربية بأسلوب ركيك، ولا تعلم كيف سيكون مصيرها في بلدٍ غريبٍ عنها، مؤكدة أن القصف كان كثيف على الباغوز، ونحن خائفون جدًا، ونخشى على أطفالنا، كما لم يكن هناك شيء لنأكله".
كنا ساذجات ونتمنى العودة لديارنا
نساء أخريات هربن من آخر جيوب التنظيم الإرهابي، بدير الزور السورية، انضموا إلى داعش عقب اعتناقهم الإسلام، مع أزواجهن، معبرن عن استائيهم بعد مرور العديد من السنوات في كنف التنظيم، آملين العودة لديارهم مرة أخرى برفقة أطفالهن.
وروت امرأة ألمانية تدعي "لي نورا" وتبلغ من العمر 19 عاما ماساتها برفقة التنظيم الإرهابي مؤكدًة أنها ساذجة حين انضمت للتنظيم الإرهابي.
وقالت "ليونورا"، التي اعتنقت الإسلام عام 2015، وهي في سن الخامسة عشرة، وفي مارس من العام ذاته غادرت ألمانيا متوجهة إلى سوريا التي دخلتها عبر بلدة تل أبيض الحدودية قادمة من تركيا: "تأثرت ببروباجندا التنظيم الإرهابي عبر مجموعات على تطبيق "واتس آب".
وعن حياتها في ظل المقاتلين الدواعش، تقول ليونورا: "كنت دائمًا في المنزل، أطبخ وأنظّف، وأمضيت غالبية السنوات الأربع الماضية في مدينة الرقة، قائلًة: "حين خسر تنظيم داعش الرقة، بدأنا بتغيير منزلنا كل أسبوع، لأنهم كانوا يخسرون كل أسبوع مدينة، ثم ذهبت كل المدن كسابقيها".
وتقول الألمانية لـ"فرانس برس": "في بادئ الأمر، كان كل شيء جيدًا، حين كانوا يسيطرون على مدن كبرى مثل الرقة، ولديهم الكثير من الأموال، لكن الأمر تغيّر مع خسارة المقاتلين تدريجيًا مناطقهم، وتركوا النساء وحدهن".
وعن عودتها لألمانيا، تقول: "أريد أن أعود إلى ألمانيا، أريد أن أعيش مع أهلي وأصدقائي، واستعادة حياتي الفائتة، منذ وقت طويل أرغب فى ذلك"، مضيفة: "أتمنى أن أمنح طفلي حياة جيدة، وأعرف الآن أنه كان خطأ كبيرًا جدًا".
فيما روت سيدتان فرنسيات هربتا من هول التنظيم الإرهابي في جيبه الأخير شرق سوريا، مأساتهما معه، مؤكدتين أنهما دفعتا المال لمهربين لقاء تأمين خروجهما من المنطقة المتبقية تحت سيطرة التنظيم في ريف دير الزور الشرقي، إلى مواقع قوات سوريا الديمقراطية التي تشن هجوما على التنظيم، منوهين إلى وقوع مجازر في بلدة الباغوز التي ما زال التنظيم يسيطر على أجزاء منها، بينما لا يجد العالقون بين المعارك "شيئا يأكلونه"، بحسب وكالة فرانس برس.
وقالت إحداهن وعرّفت عن نفسها باسم "كريستال" وهي في العشرينات من العمر، إنه لا يزال هناك العديد من الفرنسيين، والعديد من المهاجرين، وآخرون يحاولون الخروج لكن التنظيم الإرهابي لا يسمح بذلك، موضحةً أنهم يسمحون لجميع العراقيين والسوريين بالخروج ولكن يعرقلون خروجنا، مؤكدةً أن التنظيم عبارة عن عراقيين، وليست دولة إسلامية بل دولة عراقية.
وأشارت "كريستال"، إلى أنها خدعت، وخسرت كل شيء بمجيئها للإنضمام للتنظيم الإرهابي، آملة من الحكومة الفرنسية أن يتركوها تحتفظ بأولادها قائلةً "أريد أولادي فقط"، موضحةً أن زوجها قتل جراء غارة جوية، منوهة إلى أن العودة إلى بلد آخر يُمارس فيه الإسلام بشكل أكثر تسامحا أفضل، لأننا في فرنسا لا نتمكن من عيش ديننا كما نريد"، حسب قولها.
فيما أعربت امرأة فرنسية ثانية عن أملها بالاحتفاظ بطفليها لكن ليس بالضرورة في فرنسا، وقالت من دون أن ترفع النقاب عن وجهها، إنهم لا يسمحون لنا بممارسة ديننا في فرنسا.. ليس لدينا حقوق.. لا يسمحون لنا بإرتداء النقاب".
بينما أعربت امرأة أخرى كندية من أصول صومالية فرّت من آخر جيوب تنظيم داعش الإرهابي، بريف دير الزور الشرقي، إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وتدعى "در أحمد"، وتبلغ من العمر 28 عامًا، عن أملها في العودة مرة اخرى لبلادها بعد خروجها من جيب التنظيم الأخير.