رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ابحث عن «الكافر» في فتاوى السيستاني

جريدة الدستور

التهمة الأولى التي تلقيها المرجعية الدينية السيستاني للسلفية هي التكفير، رغم أن موقعه الرسمي مليء بالجهود التنظيرية الضخمة، ويعج بالتناقض واللعب بالآيات والأحاديث للدفع في سياق هذه الجريمة، وهذا اللون من الرصد يساعدنا على إدراك مخاطر التورط في هدر الدم، فليست الغاية اتهام الشيعة بالتكفير وتبرئة السلفية السنة، ولا العكس، بل المقصود أن في الفريقين من يعمل على إنتاج فتاوى الدم والترويج لها.

السيستاني الذي ولد في 1930م، وتتلمذ على عدد من مراجع الشيعة الكبار أبرزهم الخوئي في النجف، يجيب في موقعه الرسمي، عن تحديده للكافر الحربي غير المحترم النفس والمال، وهل يعتبر حربياً، وإن لم يكن في حالة عداء،  فهل هو مع الإسلام، ويقول: الكافر غير الذمي إذا منح الأمان على نفسه وماله من قبل المسلمين بعقد أمان أو صلح أو عهد، أو نحو ذلك فهو محترم النفس والمال بمعني أنه لا يجوز قتله وأخذ أمواله، ما دام الأمان باتاً، وأما غيره فإن كان محارباً فلا إشكال في عدم احترام نفسه وماله.. نعم ربما يحرم قتله وأخذ أمواله لعنوان ثانوي طارئ، ككون ذلك موجباً للإضرار بالمسلمين من حيث تحريض الكفار على الاعتداء عليهم ونحو ذلك، وأما من لم يكن محارباً فإن دعي إلي الإسلام ولم يستجب كان في حكم الحربي، وأما قبل عرض الإسلام عليه فلا يجوز أخذ أمواله.

أفتى السيستاني في 13 يونيو عام 2014، بالجهاد الكفائي عبر مساندة القوات المسلحة في حربها التي تخوضها ضد العناصر الإرهابية المتمثلة بعصابات داعش، التي اتهمها بالكفر، وفق التقارير الإعلامية، التي نقلت الفتوى.

في نفس اليوم الجمعة الموافق 13 يونيو 2014 اعتبر الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ممثل مرجعية السيستاني الشيعية العليا، في حديث مع "ايلاف" دعوة السيستاني للعراقيين لحمل السلاح بمثابة اعلان للجهاد في البلاد، خاصة أنه اعتبر من يقتل منهم شهيدًا، وأن من يواجههم حربي، دعا لطمس القبور، وطالب نساء الموصل بترك الخروج من المنزل.

يعرّف السيستاني الكافر، أنه من لم ينتحل ديناً، أو انتحل ديناً غير الإسلام، أو انتحل الإسلام، وجحد ما يعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة، و لو في الجملة بأن يرجع إلى تكذيب النبي صلى الله عليه و آله في بعض ما بلغه عن الله تعالى في العقائد ـ كالمعاد ـ أو في غيرها كالأحكام الفرعية، وأما إذا لم يرجع جحده إلى ذلك بأن كان بسبب بعده عن محيط المسلمين و جهله بأحكام هذا الدين فلا يحكم بكفره، و أما الفرق الضالة المنتحلة للإسلام فتختلف الحال فيهم (يقصد السنة).

يعتبر السيستاني أن أهل السنة كفار نجسين، ويقول إن الكافر، هو من لم ينتحل ديناً، أو انتحل ديناً غير الإسلام أو انتحل الإسلام وجحد ما يعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة ولو في الجملة، بأن يرجع إلى تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض ما بلغه عن الله تعالى في العقائد كالمعاد أو في غيرها كالأحكام الفرعية، وأما إذا لم يرجع جحده إلى ذلك بأن كان بسبب بعده عن البيئة الإسلامية وجهله بأحكام هذا الدين فلا يحكم بكفره، وأما الفرق الضالة المنتحلة للإسلام فيختلف الحال فيهم، فمنهم: الغلاة، وهم على طوائف مختلفة العقائد، فمن كان منهم يذهب في غلوه إلى حد ينطبق عليه التعريف المتقدم للكافر حكم بنجاسته دون غيره، ومنهم: النواصب، وهم المعلنون بعداوة أهل البيت (عليهم السلام) ولا إشكال في نجاستهم، ومنهم: الخوارج، وهم على قسمين: ففيهم من يعلن بغضه لأهل البيت (عليهم السلام) فيندرج في النواصب، وفيهم من لا يكون كذلك وإن عدّ منهم ــ لاتباعه فقههم ــ فلا يحكم بنجاسته. هذا كله في غير الكافر الكتابي والمرتد، وأما الكتابي فالمشهور بين الفقهاء نجاسته ولكن لا يبعد الحكم بطهارته، وإن كان الاحتياط حسناً، وأما المرتد فيلحقه حكم الطائفة التي لحق بها. حين سئل السيستاني هل ما يوجد في يد الكافر من لحم وشحم محكوم بالطهارة، حكم بنجاسة الحيوانات، وأجاب قائلاً: ما يوجد في يد الكافر من لحم وشحم وجلد إذا احتمل كونه مأخذواً من المذكى يحكم بطهارته، وكذا بجواز الصلاة فيه على الأظهر، ولكن لا يحكم بتذكيته وحلية أكله ما لم يحرز ذلك، ولو من جهة العلم بكونه مسبوقاً بإحدى الإمارات الثلاث المتقدمة، ولا يجدي في الحكم بتذكيته أخبار ذي اليد الكافر بكونه مذكى، كما لا يجدي كونه في بلاد المسلمين، ومن ذلك يظهر أن زيت السمك ـ مثلاً ـ المجلوب من بلاد الكفار المأخوذ من أيديهم لا يجوز أكله من دون ضرورة، إلاّ إذا أحرز أن السمك المأخوذ منه كان ذا فلس، وأنه قد اُخذ خارج الماء حياً، أو مات في شبكة الصياد أو حظيرته.

يتوسع السيستاني في مسألة التكفير توسع داعش تماماً، ويؤكد أنه إذا أسلم الكافر يتبعه ولده الصغير في الطهارة بشرط كونه محكوماً بالنجاسة تبعاً ـ لا بها أصالة ولا بالطهارة كذلك، كما لو كان مميزاً واختار الكفر أو الإسلام ـ وكذلك الحال فيما إذا أسلم الجد أو الجدة أو الأم، ولا يبعد اختصاص طهارة الصغير بالتبعية بما إذا كان مع من أسلم، بأن يكون تحت كفالته أو رعايته، بل وإن لا يكون معه كافر أقرب منه إليه!.

يشترط السيستاني في تذكية الذبيحة أُمور منها ألا يذبحها الناصبي، أي (أهل السنة)، ويقول: الشرط (الأول) أن يكون الذابح مسلماً ـ رجلاً كان أو امرأة أو صبياً مميزاً ـ فلا تحل ذبيحة غير المسلم حتى الكافر الكتابي، وإن سمى على الأحوط لزوماً، كما لا تحل ذبيحة المنتحلين للإسلام المحكومين بالكفر، ومنهم الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام.

وبينما ذهب السنة إلى تأويل آية التوبة: انما الشركون نجس، بالنجاسة المعنوية فإن عموم الشيعة ذهبوا إلى أن نجاسة المشركين نجاسة حسية، وأنه يجب غسل موضع الملاقاة وجوباً إذا كان اللامس رطبا  بعد مصافحتهم ومجالستهم، فيقول السيستاني: والكافر ما عدا الكتابي نجس مالم ينطق بالشهادتين، فاذا نطق بهما صار مسلماً وطهر تمام بدنه من النجاسة الناشئة من كفره.

وتمضي تأويلات الشيعة لآيات الجهاد في كتب التفاسير بأنها موجهة ضد النواصب من أهل السنة، وأنهم هدف مشروع للجهاد، حيث لا يقبل من النواصب إلا التوبة أو القتل، وهو ما اتهم به المرجعية الشيعية العربية الصرخي، المرجعية السيستاني في جواز قتلهم واستباحة أموالهم، مستدلاً بقوله: إن أكثر الأصحاب ذكروا للناصبي ذلك المعنى الخاص في باب الطهارة والنجاسات وحكمه عندهم كالكافر الحربي في أكثر الأحكام، وأما على ما ذكرناه له من التفسير فيكون الحكم شاملا كما عرفت،

قال الصدوق: قلت لأبي عبد الله الامام الحسين عليه السلام، ما تقول في الناصب؟،  قال: حلال الدم لكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل، قلت: فما ترى في ماله؟ قال خذه ما قدرت.

يقول الصرخي وفق موقع إيلاف، إن السيستاني تسبب بمقتل وتشريد الملايين، بتكفير الآخرين واستحلال دماء أهل السنة.

في كتاب (المرجع الشيعي علي السيستاني تحت المجهر)، وهو كتاب صغير الحجم، 104صفحات، من تأليف الباحث محمد بن سعد العيد،  مركز الإمام ابن خزيمة للبحوث والدراسات العلمية، أن السيستاني أساء في تعريفه لمعنى الناصب، وفي جواز قتله واستباحة أمواله، حيث ذلك المعنى الخاص في باب الطهارة والنجاسات وحكمه عنده

الخلاصة ليست ثقافة التكفير حكر على السلفية السنية، بل هناك ثقافة تكفير شيعية، ضد ثقافة الإخاء والرحمة والتسامح.