رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسين مطاوع يكتب: سيد قطب من الإلحاد إلى التكفير

جريدة الدستور

لم يمر الإسلام عبر عصوره بمحن كالتى يمر بها منذ ابتلى بجماعة الإخوان التى فرقت المسلمين وزرعت فيهم الفرقة والشقاق والعصبية، ولم يناله من أذى كما ناله من رجلين كانا سببا مباشرا فى ما فيه المسلمون وبلادهم من عدم استقرار وفوضى وحزبيات بغيضة وتكفير وتفجير وكله تحت مسمى الدين وعودة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية ! 

فأولهما:حسن البنا الذى أسس الجماعة فى عام 1928 بأموال بريطانية وهو ما لا يخفى على أحد وبدأ يضع منهجا يسير عليه أتباعه وبدأ يدخل فى صدامات مع الدولة ( المملكة حينذاك ) تارة، ويداهنهم لينال كسب سياسى تارة، حتى انتهى الأمر بمقتله. والثانى وهو محل حديثنا: سيد قطب ( أيقونة التكفير وأبو التكفيريين فى عصرنا الحديث )، وهذا الرجل الذى يسير على نهجه وطريقه الآن جميع الجماعات التكفيرية بلا استثناء، فمن هو سيد قطب ؟ وما كان عمله قبل أن يتكلم فى الإسلام ؟ وهل تلقى العلم الشرعى عند أهله أم مجرد قراءات قرأها وفهمها كما أراد هو ؟ ومن كان له السبق فى كشف ضلالاته وتعريف المسلمين بها ؟ فسيد قطب لمن لا يعرفه ولد سنة ١٩٠٦م، و فى سنة ١٩٣٣م ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺑﺸﻬﺎﺩة ﻣﻌﻠﻢ ﺗﺮﺑﻮﻱ وبالتالى فهو ﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺷﺮﻋﻴة ﺑﻞ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ !! كان يهوى الكتابة ويمارسها ففى عام ١٩٣٤ ﻧﺸﺮ ﻣﻘﺎﻝ (اﻟﺸﻮﺍﻃﺊ ﺍﻟﻌﺎﺭﻳﺔ) ﻳﺪﻋﻢ ﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻮﺍﻃﺊ، وفى عام ١٩٤٣ ﻧﺸﺮ مقالا بعنوان ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺻﺮﺕ ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺎً ﻳﻌﻠﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺘﻪ، ثم فى عام ١٩٤٨ ﺍﺑﺘﻌﺚ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ فى أمريكا تحديدا ﻭﻋﺎﺩ ﻋﺎﻡ ١٩٥٠ ثم ﺭﺟﻊ ﻟﻠﻐﺮﺏ مرة أخرى ﻭ ﻋﺎﺩ ﻗﺒﻴﻞ ثورة ١٩٥٢، وفى عام ١٩٥٤ ﺍنضم ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻻﺧﻮﺍﻥ ﺭﺳﻤﻴﺎ، وبدأ يكتب فى الإسلام واختار جانب الحاكمية ليكتب فيه فلم يخل مؤلف للرجل إلا وتكلم فى هذا الباب.

 وفى عام ١٩٥٦ حوكم ﻭﺩﺧﻞ ﺍﻟﺴﺠﻦ ( ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﺭﻫﺎﺏ ) ﻭﻣﻜﺚ ﻣﺴﺠﻮﻧﺎ إلي ﻋﺎﻡ١٩٦٤م، وفى عام ١٩٦٤ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺑﻌﻔﻮ ﺭﺳﻤﻲ ﺑﻌﺪ ﺿﻐﻂ ﺩﻭﻟﻲ ﻟﻼﻓﺮﺍﺝ ﻋﻨﻪ !!!!! وفى عام ١٩٦٥ ﺗﻢ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ لضلوعه ﻓﻲ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﺭﻫﺎﺏ ﻭ ﺣﻜﻢ عليه ﺑﺎﻹﻋﺪﺍﻡ وكتب فى السجن أشهر مؤلفاته ( فى ظلال القرآن ) والذى يعد مرجعا رئيسيا عند الإخوان ودستورا لهم، وهذا الكتاب ينضح بتكفير الأمة كلها ليس حكامها فقط، ومن كتبه أيضا ؛ العدالة الاجتماعية، معالم فى الطريق، ولماذا أعدمونى، وكلها مع ما فيها من تطاول غير مسبوق على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها تمتليء بالفكر التكفيرى، ومن أعماله أيضا ( خطة رد الاعتداء ) وفيه وضع تصورا كاملا لما يجب أن يفعله الفرد الإخوانى فى مواجهاته مع الدولة وعند القبض عليه فعلى سبيل المثال شرح فيه كيفية ضرب أبراج الكهرباء والهجوم على السجون وحرقها وهو ما فعله الإخوان حرفيا، كذلك عندما يتم القبض على الفرد الإخوانى فعليه ألا يبدى جزعا بل يضحك فى وجه سجانه حتى لا يشعره بالانتصار، وهذه أيضا رأيناها عند القبض على أى منهم. مات سيد قطب وعمره ٥٩ ﺳﻨﺔ تاركا خلفه جيوشا جرارة من أتباعه المؤمنين بأفكاره والتى تعانى منها الأمة إلى الآن.

 ويبقى سؤال نسأله لأتباعه المتشدقين به المدافعين عن باطله: متى ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ؟! ﻭﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻢ ؟! ﻭﻫﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺆﺧﺬ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ؟! ﻭﻫﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻌﺎﺩﻯ ﻭﻳﻮﺍﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ ؟! حفظ الله بلادنا من كل شر وكفاها أصحاب هذه الأفكار.