عالم مصريات يكشف أسرار أجنة بنات الملك "توت عنخ آمون"
كشف عالم المصريات الدكتور "أحمد صالح" أسرار أجنة بنات الملك "توت عنخ آمون"، والتي تم نقلها مؤخرًا من كلية طب قصر العيني إلى المتحف الكبير، حيث إن تلك المومياوات ظلت موجودة في الكلية منذ عام 1932 بسبب فحص الطبيب البريطاني "دوجلاس دري" لمومياوات الأجنة، والذي كان يعمل كأستاذ تشريح بها، كما كان أحد أعضاء بعثة "هوارد كارتر" مكتشف مقبرة توت عنخ آمون .
وقال "صالح" – في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم -: إنه في عام 1971 أراد طبيب الأسنان البريطاني "فيليس ليك" - أحد أعضاء الفريق الإنجليزي الذي فحص مومياء "توت عنخ أمون" - فحص مومياوات أجنة مقبرة "توت عنخ أمون" باستخدام الأشعة السينية، واعتقد "فيليس" أن مومياوات الأجنة موجودة في المتحف المصري، وبعد أن أخذ تصريحًا لفحصهما لم يستطع العثور عليهما وذهب إلى مستشفى قصر العيني ووجدهما هناك .
وأضاف: أنه في عام 1992 حدثت ضجة إعلامية في مصر حول العثور على مومياوات ملقاة في مخازن الكلية وردهاتها، وكان من بينهم مومياوات الأجنة، وقيل وقتها إنه تم نقلهما إلى المتحف المصري إلا انه اتضح أنهما لم ينقلا إليه حتى قرار نقلهما إلى المتحف الكبير منذ يومين، ويبدو أن "دوجلاس دري" آخر من فحصهما وتركهما في كلية طب قصر العيني بعد انتهاء الفحص ولم يعيدهما إلى المتحف المصري بالتحرير.
واستعرض "صالح" تاريخ اكتشاف الأجنة المحنطة لبنات الملك "توت عنخ آمون"، موضحًا أن العالم "هوارد كارتر" عثر على صندوق خشبي في الركن الشمالي الشرقي من حجرة الخزانة بمقبرة "توت عنخ أمون"، وأعطاه رقم 317 في سجلات أثار المقبرة، ووجد داخل الصندوق تابوتين موضوعين بجوار بعضهما ولكن أحدهما عكس الآخر، ووجد أن نهاية التابوت الأكبر كان مكسورًا ربما لأن الكهنة أرادوا وضعه داخل الصندوق، ولكنه كان أكبر من الصندوق فقاموا بكسر طرفه.
وأشار إلى أنه كان بداخل كل تابوت يوجد تابوت أصغر منه، وأخذت هذه التوابيت الأربعة شكل الجسم وصممت بطريقة تشبه التوابيت المجسمة في النصف الثاني من عصر الأسرة الثامنة عشرة، وعثر "كارتر" بداخل التوابيت على مومياوات لجنينين حديثي الولادة، ويعد ذلك حدثًا فريدًا لأنه لم يعثر على مومياوات الأجنة في أي من المقابر الملكية، ولم يعثر "كارتر" على أية نصوص مسجلة على الصندوق أو التوابيت أو اللفائف تلقي الضوء على هوية الجنينين، ولم يسجل على التوابيت الخارجية سوى كلمة " أوزير" والتي تعني "المرحوم".
وأوضح صالح أن المومياء الأولى كانت لطفلة أنثى حديثة الولادة ويبلغ طولها من قمة الرأس حتى القدمين حوالي 26 سم وعمرها هو خمسة أشهر، أما المومياء الثانية هي لأنثى عمرها سبعة أشهر ويبلغ طولها حوالي 37 سم .
وقال: إنه في عام 1932 قرر "هوارد كارتر" فك لفائف مومياوات الجنينين اللذين عثرا عليهما في مقبرة الملك "توت عنخ أمون" وقد اقتسم كل من "كارتر" و "دوجلاس دري" عمل فك اللفائف، فقام "كارتر" بفك لفائف الجنين الأصغر بينما قام "دري" بفك لفائف الجنين الكبير، وكانت اللفائف في مجملها عبارة عن أربطة عرضية ومتقاطعة ووضعت بينها قطع من الكتان للتعبير عن امتلاء الجسد.
وأضاف: أن "دوجلاس دري" وجد أن المومياء الأولى تخص طفلة حديثة الولادة، يقدر عمرها بأنه كان خمسة أشهر، ويبدو أنها ماتت وهى جنين في بطن أمها، لاسيما وأن جسدها لا يزال يحتفظ بجزء من الحبل السري، ويبدو أن المحنطين لفوا جسد هذا الجنين بالكتان بشكل جيد وبطريقة تشبه أسلوب الأسرة الثامنة عشرة في لف اللفائف ، وبعد أن فك "دوجلاس دري" اللفائف وجد أن المحنطين لم ينزعوا أحشاءها عند التحنيط بسبب عدم وجود فتحة للتحنيط ربما بسبب صغر سنها، وكان لون الجلد غامقًا وفي حالة مهترئة ويمكن لأي شخص رؤية عظام الترقوة والضلوع واليدين، ولا يزال يوجد على رأسها بقايا شعر، ولكن ليس هناك أثر للرموش والجفون، ولم يتم العثور على أية تمائم أو قطع من الحلى بين اللفائف.
وأوضح أن "دوجلاس دري" قام أيضًا بفحص المومياء الثانية ووجد أنها بنت حديثة الولادة يبلغ عمرها سبعة أشهر، ويبدو أنها ولدت بطريقة طبيعية؛ لأنه لم يعثر على بقايا للحبل السري مثل الطفلة الأولى، وكان رأسها خالي من الشعر، ويبدو أنه نزع مع اللفائف حين فحص "دري" مومياء هذا الجنين، وكان حاجباها واضحين ولا يزال يوجد بها بعض الرموش، ويبدو أن المحنطين حنطوا هذا الجنين ونزعوا المخ من خلال فتحات الأنف وحاول "دوجلاس دري" رؤية مواد حشو الرأس، ففتح جزءًا من الجمجمة وعثر على كتان مغطى بحبيبات ملح النطرون وقام المحنطون بإدخاله من خلال محجر العينين.
وأضاف عالم المصريات الدكتور "أحمد صالح" أن المحنطين نزعوا أحشاء البطن من خلال فتحة التحنيط الموجودة في الجانب الأيسر والتي يبلغ طولها 1.8 سم ، ووضعوا في الفراغ البطنى كتان مغموس بملح نطرون، ولصقوا فتحة التحنيط بالراتنج الصمغي، ولم يضع المحنطون أية مواد حشو في عينيها التي بدت مفتوحة، ووضعوا الذراعين ممدتين بجوار الجسد ولكن الأيدى كانت مفتوحة لأسفل ناحية عظام الحوض، وكان لون جلد الجنين الأكبر غامقًا ومهترئًا والتصقت به بقايا الكتان التي لم يمكن نزعها أثناء فك اللفائف، وعثر على نسيج لحيوان ما ملتصق بفتحة التحنيط، وربما أغلق المحنطون فتحة التحنيط بجلد حيوان مكان الشريحة التي تغطي فتحة التحنيط في أجساد البالغين.