رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إسرائيل تعد خططا لإضعاف ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية


تراقب إسرائيل بحذر كبير تفاصيل التطورات الدائرة في سوريا والتي تشهد ثورة شعبية للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وأكثر من تخشاه إسرائيل هو استخدام دمشق أسلحة كيميائة ضد تل أبيب وربما نقل ترسانتها من الأسلحة الكيميائية إلى حزب الله اللبناني.

ومع دخول المعركة التي يخوضها نظام الرئيس بشار الأسد ضد الثوار مرحلة جديدة، بدأت تشعر إسرائيل بالقلق من احتمالية لجوء الأسد إلى استخدام ترسانته الضخمة من الأسلحة الكيميائية ضد شعبه أو جيرانه أو ربما يمنح جزء منها لحزب الله.

بيد أن كثير من الخبراء رفضوا تلك الاحتمالية، واعتبروها غير واردة الحدوث، لكن إسرائيل مازالت تتدارس الموقف وتفكر في ما إن كانت سترد على ذلك بهجوم أم لا.

وأشارت في هذا الصدد مجلة "دير شبيغل" الألمانية إلى حالة الشغف والقلق التي تهيمن في تلك الأثناء على الإسرائيليين من فرط ترقبهم لما يمكن أن يتمخض عنه الصراع الدائر في سوريا من نتائج، خاصة في حال رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة.

ومضت المجلة تشير إلى وجود تلك المخاوف لدى الجانب الإسرائيلي منذ عام 2003 ، حين قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بمهاجمة العراق ، وأطاحوا بصدام حسينK وهو نفس ما حدث بدرجة ما عند سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي وعند سقوط نظام الرئيس المصري حسني مبارك، ونفس ما يحدث الآن بالنسبة للوضع في سوريا.

وبينما بدأت تتحدث تركيا عن أن الأمور في سوريا تمضي نحو "حقبة جديدة"، خاصة مع اقتراب الأسد من التنحي، فإن الرئيس السوري مازال يتشبث بالبقاء في منصبه، وقد أعلن للتو عن معركة جديدة في الصراع على السلطة مع الثوار في حلب الكبيرة بالقرب من الحدود التركية.

ومن الجدير ذكره أن حلب تقع على بعد حوالي 400 كلم من مرتفعات الجولان، لكن الإسرائيليين نجحوا في تعزيز الحواجز الحدودية على مدار الأيام القليلة الماضية، وبعثوا بجنود إضافيين للمنطقة. حيث يخشون أن تتسبب الاضطرابات التي تشهدها سوريا في نزوح عدد من اللاجئين كذلك عبر الحدود إلى داخل إسرائيل.

وقال مؤخرا وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك "يمكننا رؤية القتال من هنا، قذائف الهاون، ويمكننا سماع صوت رصاصات المواجهات في المعركة المشتعلة بين الجيش السوري والجماعات الثورية، وعلى بعد 200 متر إلى الجنوب، يمكننا رؤية الأمم المتحدة، وعلى بعد 800 متر إلى الغرب يوجد هناك سياجا حدوديا. وهو ما يظهر لنا مدى تفكك النظام، ولهذا يتعين على إسرائيل أن تتحضر لكل السيناريوهات".

وأردفت المجلة في هذا السياق بتأكيدها على صعوبة لجوء نظام الأسد إلى استخدام الأسلحة الكيميائية ضد إسرائيل في هذا التوقيت، وأظهر خبراء إسرائيليون إجماعا مدهشا في تقييمهم الذي تحدث عن أن شن هجوم مباشر أمر مستبعد وغير وارد الحدوث حاليا.

ومع هذا، فإن ذلك لم يمنع إسرائيل من إجراء تدريبات تحاكي شن هجوم بالغاز السام على حيفا، وأن عدد الإسرائيليين الذين يتحصلون على أقنعة الغاز من مراكز التوزيع المخصصة لذلك قد تضاعف تقريبا في غضون بضعة أيام قليلة.

بينما قال إيساك بن إسرائيل، الرئيس السابق لقسم البحوث بالجيش الإسرائيلي " بمجرد أن يضع حزب الله يده على الأسلحة الكيميائية، فإنهم سيتعلم طريقة استخدامها، وسبق للإيرانيين والسوريين أن علموهم بالفعل كيفية إطلاق صواريخ بعيدة المدى".

وأشارت المجلة في الإطار عينه إلى أنه من الوارد أن تقوم أمريكا وحلفاؤها في تلك الأثناء بأخذ التدابير اللازمة لتأمين الصواريخ والغاز السام ونظم الأسلحة الحديثة في حال وقوع اضطرابات عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

وبحسب دراسة داخلية أجراها البنتاغون، فإنه ستكون هناك حاجة لـ 75 ألف جندي كي يقوموا بتأمين المنشآت التي تستخدم في تخزين الأسلحة الكيميائية ووضعها تحت السيطرة.

وقالت المجلة الألمانية إن إحدى هذه المنشآت تقع في شمال شرق دمشق، وهناك منشأة أخرى تقع بالقرب من حمص، ومنشأة ثالثة القرب من حماه. أما الموقعين الرئيسيين فيوجدا بمدينتي مصياف والصفير، بشمال سوريا، حيث يتم إنتاج الذخيرة الكيميائية وتتمركز صواريخ سكود ومنصات إطلاق الصواريخ.

وبحسب تقرير لمجلة جينز انتليجنس ريفيو البريطانية المتخصصة في قضايا الأمن العالمي، فإن إيران قد ساعدت الجانب السوري في عدد من تلك المنشآت.

ونوهت دير شبيغل في هذا الشأن إلى أن سوريا ربما بدأت في تطوير الأسلحة الكيميائية خلال ثمانينات القرن الماضي. وكانت الفكرة الأساسية هي أن تقوم بنشرها في حالة نشوب حرب مع إسرائيل، ثم أصبح الهدف من ورائها هو استخدامها كسلاح ردع.

وعن متانة العلاقات بين دمشق وموسكو، قالت المجلة إنهما حليفان منذ ستينات القرن الماضي، وأنه حتى انهيار الاتحاد السوفيتي، كان الكريملين يقوم بتزويد سوريا بأسلحة تقليدية بلغت قيمتها بـ 26 مليار دولار شملت طائرات ودبابات وصواريخ سكود.

لكن موسكو لطالما نفت بشكل قاطع أن دمشق تلقت منها أيضا أسلحة كيميائية، وأوردت المجلة عن إيغور كوروتشينكو، رئيس المجلس العام لدى وزارة الدفاع ورئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني، قوله : "لم يقم الاتحاد السوفيتي عموما بتصدير أسلحة دمار شامل أو أسلحة كيميائية إلى الخارج".

ومضت المجلة تنوه إلى الجهود التي سبق لإسرائيل أن بذلتها لوقف مساعي تطوير أسلحة كيميائية في سوريا، وخصت المجلة بالذكر هنا حالتي وفاة كونتسيفيتش، الذي كان يعمل موظفا في معهد زيلينسكي للكيمياء العضوية، حيث توفي خلال رحلة كان يقوم بها من دمشق لموسكو، وكذلك وفاة يوري ايفانوف، نائب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الأجنبية في روسيا، حيث أثيرت تكهنات عن تورط الموساد في مقتل كلا الرجلين.

وبالنظر إلى كل هذه الملابسات والأحداث المتلاحقة، لم يكن مفاجئا أن تقوم أجهزة المخابرات الإسرائيلية بمراقبة كافة التحركات التي تتم حول المنشآت المعروف عنها اشتمالها على أسلحة كيميائية مثل ذلك المبنى الموجود في مدينة الصفير.

ومع هذا، أكدت المجلة أنه لا توجد حاليا أي إشارات دالة على أن الأسد يعتزم استخدام الغاز السام في الصراع العسكري الحالي. وأن هناك بدلاً من ذلك إشارات دالة على أن النظام يقوم بتحويل تلك الأسلحة الخطرة إلى المنطقة الصحراوية الشرقية.

وسبق لوزير الخارجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، ورئيس الوزراء، بنيامين نيتنياهو، أن أكدا مجددا الأسبوع الماضي أنه سيكون هناك سبب لنشوب حرب في حالة وقوع الأسلحة الكيميائية في أيدي عناصر حزب الله.

وأضاف داني ياتوم الرئيس السابق للموساد "إن أتيحت لنا معلومات تفيد أن حزب الله أو القاعدة على وشك وضع أيديهم على أسلحة غير تقليدية، فإننا سنبذل قصارى جهدنا للحيلولة دون ذلك".