عرّاب السينما.. سر خيرى بشارة الذى لا يعرفه أحد
كرم مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة فى دورته الثالثة والعشرين، قبل أيام، المخرج الكبير خيرى بشارة، خلال ندوة بقصر الثقافة بالمدينة، باعتباره واحدًا من كبار المخرجين الذين قدموا إسهامات جادة فى فن السينما فى مصر خلال العقود الماضية.
بدأ خيرى بشارة المولود عام ١٩٤٧ فى مدينة طنطا، مشواره الفنى بالالتحاق بالمعهد العالى للسينما فى فترة الستينيات، حيث تخرج فيه عام ١٩٦٧ ثم عمل مساعد مخرج فى تلك الفترة، ثم تنوعت خبراته بعد سفره عام ١٩٦٨ إلى بولندا لدراسة الزمالة، وهى الرحلة التى توجت بزواجه من مونيكا كووالتشيك عام ١٩٦٩.
وبعد عودته إلى مصر، سخر المخرج الكبير كل الخبرات التى اكتسبها فى الخارج خلال عمله فى السينما أو فى تدريس التمثيل والكتابة السينمائية، وحملت تجربته بصمة خاصة تميزت بالتنوع، بحيث يمكن تقسيمها إلى عدة مراحل، الأولى خلال الفترة بين عامى ١٩٧٤ و١٩٨٦ التى قدم خلالها ١٢ عملًا من الأفلام الوثائقية والقصيرة شديدة التنوع، أولها فيلم روائى بعنوان «الأقدار الدامية» وهو إنتاج مشترك مع الجزائر، وقد بدأ تصويره فى عام ١٩٧٦، وانتهى عام ١٩٨٠ وعرض عام ١٩٨٢.
وفى المراحل التالية، انطلق «بشارة» بشكل أوسع فى عالم الإخراج، صانعًا العديد من الأفلام المهمة مثل «يوم مر ويوم حلو» و«آيس كريم فى جليم» و«أمريكا شيكا بيكا» و«إشارة مرور»، كما اقتحم مجال الدراما بعدة مسلسلات أهمها «مسألة مبدأ» و«ملح الأرض» و«ريش نعام» وغيرها.
وفى عام ١٩٩٦ قرر اعتزال الإخراج، وكان حينها فى قمة نجاحه، حيث أخرج قبلها اثنين من أنجح الأفلام فى عام واحد، وكان الأعلى أجرًا فى مصر، وحملت مسيرته الفنية أكثر من ٣٠ فيلمًا روائيًا وتسجيليًا.
ونجح خيرى بشارة فى حماية إبداعه، حيث عمل على ترميم مجموعة من أهم أفلامه السينمائية، منها «الطوق والأسورة» عام ١٩٨٦، و«يوم مر.. يوم حلو» عام ١٩٨٨ وهو الفيلم الذى يقدم تحليلًا للمجتمع المصرى فى فترة الانفتاح، وكيف تغيّر المجتمع، ونتائج هذه التغيّرات، فضلًا عن «آيس كريم فى جليم» ١٩٩٢ مع النجم عمرو دياب، و«أمريكا شيكا بيكا» ١٩٩٣ و«إشارة مرور» عام ١٩٩٥ مع النجم محمد فؤاد.
وحصل المخرج الكبير على العديد من الجوائز، أهمها جائزة الفكرة عام ١٩٧٥ عن فيلمه «صائد الدبابات» فى مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة، وهو الفيلم الذى خطف إعجاب الجمهور فى مهرجان الإسماعيلية هذا العام خلال عرضه، الذى يروى حكاية البطل «عبدالعاطى» الذى دمر دبابات العدو فى ملحمة نصر أكتوبر المجيد، كما توج بشارة بجائزة الدولة التشجيعية فى الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.
وخلال فعاليات المهرجان، وقع «بشارة» كتابه الجديد الذى يحمل اسم «السينما والواقع»، الذى شرح خلاله تجربته فى السينما التسجيلية، قبل أن يتجه إلى السينما الروائية، ويحتوى الكتاب على نماذج من سيناريوهات أفلامه التسجيلية والمقالات المهمة التى تم نشرها عن هذه الأفلام.
ولم يكن هذا الكتاب هو الأول له، حيث أصدر كتابًا آخر لا يقل أهمية، صنعه الناقد محمد سيد عبدالرحيم تحت عنوان «المتمرد»، ويصيغ فيه قوة شخصية الرجل الذى قرر الابتعاد عن العدسة والشهرة والأضواء، ويحكى عن عشقه لفن السينما، الذى أعاد رسم ملامحه لأكثر من عقدين من الزمن.
وتحدث خيرى بشارة لجمهور المهرجان عن كتابه «السينما والواقع»، قائلًا: «كتبته على الحدود الإيطالية الفرنسية على البحر، وتعتبر تجربة تأمل، وحاولت نشره فى تونس وضاعت بعض أوراقه، ثم أحضرتها لى صديقة».
وخلال ندوة التكريم، عبر المخرج سعد هنداوى، رئيس مهرجان الإسماعيلية عن اعتزازه بـ«بشارة»، قائلًا: «نسعد بوجود مخرج قيمة وقامة هو المخرج الكبير خيرى بشارة، الذى تشكلنا جميعًا من أفلامه سواء تسجيلية أو روائية».
وأضاف: «فكرة توثيق المخرج خيرى بشارة تجربته مع الفيلم التسجيلى فى كتاب بعنوان «السينما والواقع» لرصد تفاصيل الانتقال من مرحلة الأفلام القصيرة إلى مرحلة أخرى وهى الروائية تعد تجربة فريدة مثيرة».