زوجي بخيل ويتهمنى بالتبذير فما حكم الشرع؟.. داعية بالأوقاف يرد
ورد سؤال إلى الشيخ مكرم عبد اللطيف، الداعية بالأوقاف، من أحد المتابعين يقول: بيني وبين زوجتي خلافات شديدة على الأموال وهى تطلب مني باستمرار طلبات كثيرة ومكلفة وحالتي المادية لا تسمح بذلك لانخفاض مستوى الأجور وقد أخبرتها وأهلها بوضعي المالي قبل الزواج وأنا وإياها في شجار دائم هي تتهمني بالبخل وأنا اتهمها بالإسراف وتحميلي ما لا أحتمل فماذا أفعل في هذه المشكلة التي تكاد تبلغ حدّ الإنفصال.
من جانبه، رد قائًلا:"من أعظم حقوق الزوجة على زوجها أن ينفق عليها ، ونفقته عليها من أعظم القرب والطاعات التي يعملها العبد ، والنفقة تشمل: الطعام والشراب والملبس والمسكن، وسائر ما تحتاج إليه الزوجة لإقامة مهجتها، وقوام بدنها" .
وتابع بالنسبة لما ذكرت من أن زوجتك تشكو من تقصيرك في نفقتها، فقد أخبر الله عز وجل أن الرجال هم المنفقون على النساء ولذلك كانت لهم القوامة والفضل عليهن بسبب الإنفاق عليهن بالمهر والنفقة، فقال تبارك وتعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)، وقد دل على وجوب هذه النفقة: الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع أهل العلم.
أضاف أن أدلة الكتاب: فمنها قوله تعالى: ومنها قوله تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها)، ومنها قوله تعالى: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن).
وأكمل: أما أدلة السنة، فقد وردت أحاديث كثيرة تفيد وجوب نفقة الزوج على أهله وعياله، ومن تحت ولايته ، كما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي (ص) قال في خطبة حجة الوداع: "اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف".
أشار إلى أنه يتضح ما سبق من النصوص الشرعية يدل على وجوب نفقة الرجل على أهل بيته والقيام بمصالحهم ورعايتهم، وقد ثبتت أحاديث متكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد فضل هذا وأنه من الأعمال الصالحة عند الله تعالى، كما جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: “إذا أنفق المسلم نفقة على أهله، وهو يحتسبها، كانت صدقة له”.
ونوه بأنه من جهة أخرى فعلى زوجتك أن تعلم أن إنفاق الزوج إنما هو بحسب إمكانياته ووضعه المادي، كما قال تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرًا).
ولفت بأنه لا يحق لها أن تتعنت في معاملة زوجها بكثرة طلباتها وإرهاقه في النفقة عليها، فإن ذلك من سوء العشرة، ولعلك إذا استجبت لها في طلباتها المعقولة وذكّرتها دون منّة ولا إيذاء بما وفّيت لها من الطلبات تتمكّن من امتصاص بعض فورتها وإقناعها بالكفّ عن المزيد من المطالبات.
وكذلك المناقشة الهادئة، دون مراء، في درجة أهمية بعض ما تطلبه، وأن توفير هذا المبلغ لأمر أهم كدفع إيجار البيت ونحو ذلك يُمكن أن يُؤدي إلى اقتناعها بالتنازل عن طلبها، واعلم بأن كثيرًا من النّقص المادي يُعوّض بالكلام الطيّب والوعد الحسنُ.
أضاف بأن حسن الخُلق يُنسيها ما أنت فيه من الضائقة فعليك بالصبر والمعاملة الحسنة مع تكرار نصحها ودعوتها، فإن عسرت المعيشة وازداد الوضع سوءاً بينكما حتى وصل إلى طريق مسدود ولم تُفلح جهودك في درء الشرّ وصارت الحياة لا تُطاق فإن الله تعالى قد شرع الطلاق في مثل هذه الحال وقد يكون فيه خير للطرفين كما قال تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته، وكان الله واسعاً عليمًا).