رئيس المركز الأورومتوسطى: الفكر الصوفى يمثل الإسلام المعتدل
نوه الدكتور منير القادرى بودشيش رئيس المركز الأورمتوسطى لدراسة الإسلام اليوم، إلى أن المفهوم الواسع للأخلاق يستوعب تكاليف الدين كلها، سواء منها ما اتصل بعلاقة العبد مع الخالق أو علاقته مع غيره من المخلوقات وأنه يشمل الأخلاق الحسنة كلها سواء منها ما طبعت عليه النفس وقهرت على الاتصاف به، أو ما أمر به الشرع مما يشق عليها التحلي به ولا يصير لها خلقا إلا بعد طول مجاهدة، موردا مقولة الإمام الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين) "إن الأخلاق الحسنة تارة تكون بالطبع والفطرة وتارة تكون باعتياد الأفعال الجميلة، وتارة بمشاهدة أرباب الفعال الجميلة ومصاحبتهم وهم قرناء الخير وإخوان الصلاح، إذ الطبع يسرق من الطبع الشر والخير جميعا"، وكذا مقولة ابن خلدون في كتابه (شفاء السائل لتهذيب المسائل)، على كون "الباطن" الذي يشتغل به الصوفي قبل غيره هو "أصل الاستقامة ومنبع الصلاح والفساد لجميع الأعمال".
وأكد رئيس مؤسسة الملتقى، أن الفكر الصوفي الذي يمثل الإسلام المعتدل وقيمه الروحية والأخلاقية هو دعوة للإنسان كي يعيش حياة سوية مطمئنة مع نفسه ومع محيطه الإنساني القريب والبعيد ومع الوجود بأكمله، من خلال الإقبال على طلب التربية الروحية الأخلاقية التي تعمل الطرق الصوفية الأصيلة والعلماء العاملين على تجديد مناهجها وجعلها ملائمة لروح وفكر العصر، ومقتضيات الحياة داخل الوطن وخارجه، وتحقيق مواطنة صالحة صادقة وتنمية بشرية وعمرانية مستدامة.
وأضاف، أن علماء المغرب حرصوا على تنزيل العلوم الشرعية على أرض الواقع وتحويلها إلى مواقف عملية حية، لا مجرد عقائد وتصورات ومفاهيم وقواعد نظرية مجردة، مع حرصهم على أخذ هذا العلم من أفواه الرجال والتحقق من نجاعته عن طريق التربية والممارسة العملية؛ بالعلم والعمل إقرارا بأهمية وفائدة "النموذج التربوي" المتمثل في الشيخ المربي، الذي يعد تنزيلا حيا للعلم على أرض الواقع ، مستشهدا بقوله تعالى: (الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ) (سورة الفرقان الآية59) و قوله عز وجل: ( اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) (سورة لقمان الآية 15 ).
واختتم مداخلته بالتأكيد على أن الأمن الروحي المنشود من لدن جل الأمم، لا يتأتى إلا في ظل مقاربة صوفية للأخلاق، مقاربة تنشد الازدهار ومواصلة البناء والإنتاج والاسهام في نشر إسلام الرحمة والسلم والسلام، وتحقيق الأمن و الأمان، وخدمة قضايا الإنسان، معتبرا أن "هذا هو الأساس والمنطلق الذي يصبوا المغرب إلى تحقيقه بإذن الله من نهضة وتنمية بشرية واقتصادية وصناعية، شبانا نساء ورجالا مجندين وراء قائد الأمة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده".