حوارات لم تنشر من قبل لصاحب «قنديل أم هاشم» (2)
«كشف ثقافى».. يحيى حقى: كفّرنى خطيب الجمعة وأنا أصلى معه فى نفس المسجد
إذا أردت أن ترتب أدباءنا من الجانب الإنسانى، أو على الأقل الذين عرفتهم واقتربت منهم، فيمكننى أن أقول لك بكل يقين واطمئنان إن أديبنا الكبير يحيى حقى هو على رأس القائمة، يؤيدنى فى ذلك إحسان عبدالقدوس الذى قال للسيدة نهى حقى إنه يتصور أن أباها قبل أن يفتح درج مكتبه يستأذنه «ممكن أفتحك؟!»، وهو ما يشى بأن رهافة حس يحيى حقى كانت معروفة بين أقرانه، حتى وهو فى سكرات الموت، حينما كان يفيق يسأل ابنته: «هل تحدثت دون أن أدرى بما يسىء لأحد؟»، فكانت تطمئنه، وعكس كثيرين من الأدباء لم يكن يحيى حقى يهمل رسائل قرائه، فكان يطلبنى لزيارته، فأجده قد جمع لى الرسائل التى وصلته، ويطلب منى قراءتها له، ويتولى هو إملائى رده عليها، وكان بعض أصحاب الرسائل يطلبون إهداءهم كتبه، فأعطانى عشرين جنيهًا مصاريف البريد «كانت العشرون جنيهًا فى ثمانينيات القرن العشرين مبلغًا له شأن.. لذا لزم التنويه»، وتمنى يحيى حقى لو كان بقدرته لأهدى كل مؤلفاته لمن يطلبها، وبعد وفاته بقيت بضعة جنيهات أردت إعطاءها لوريثته، فاندهشت نهى يحيى حقى، وطلبت أن أخرجها صدقة على روح أبيها، وقد أتاحت لى تلك الزيارات الودية فرصة كبيرة لأن أتحدث مع يحيى حقى فى أمور كثيرة، كنت أسجلها معه أولًا بأول، حتى تجمعت لى مجموعة من الحوارات التى لم تنشر، وقد ملأت كشكولًا بلغت صفحاته المائة، وكان ثمن الكشكول خمسة وتسعين قرشًا، فى ذلك الزمن الذى يبعد عنا حوالى أربعين سنة، وقد وجدتها فرصة لأستعيد ذكرياتى مع أديبنا الكبير، وأنشر على صفحات «الدستور» ما قاله لى بنصه وحرفه ولغته البسيطة بساطة شخصيته، تحية لذكراه، بمناسبة اختياره شخصية معرض القاهرة الدولى للكتاب، لهذا العام ٢٠٢٢.
لا تزال خطبة الجمعة، لأهميتها فى التأثير على الناس، تشغل بال يحيى حقى، ولذلك يحاول أن يضع لها شروطًا وضوابط.. يستكمل رؤيته قائلًا:
إذن لا حل لمشكلة خطبة الجمعة إلا إذا دب فى المجتمع الإسلامى فى مصر إيمان حقيقى بالعقيدة، وإيمان بأن خطبة الجمعة مهمة جدًا، فيستطيع هذا المجتمع أن يفرز خطباء لا يحتاجون إلى نص مكتوب، ولا يحتاجون إلى أن يخترعوا كلامًا خارجًا عن الدين، لنصل إلى المستوى المعقول المطلوب، لكن هذا لا يتحقق.
وكان من التجارب الغريبة جدًا وأنا شاب إنى أدخل المسجد كرجل مؤمن وعايز أصلى، أبص ألاقى خطبة الجمعة كلها شتيمة فيا، يا كفرة، يا للى مش عارفين تتبعوا دينكم، كل الخطبة شتيمة فيا، طيب دا أنا جاى أصلى!
وبعدين كيف نفصل بين الأسلوب الإنشائى وخطبة الجمعة التى تقال بزعيق، ليه الزعيق؟، مفيش داعى للزعيق وأنت تطلب من المسلم الغنى أن يتصدق بأمواله للفقراء.
قلت لصاحب قنديل أم هاشم: أحيانًا الناس بتنام أثناء الخطبة، فيصحيهم الصوت العالى، فرد متعجبًا: هو ده يصح وفى إيده ميكروفون!- وأضاف: أنا أريد إن خطبة الجمعة تتحول من خطابة إلى حديث، كإننا رحنا زرنا الإمام وبيكلمنا- ويفجر يحيى حقى مفاجأة على الأقل بالنسبة لى، فلست عالمًا، قال: وفى ذهنى من بعض قراءاتى إن الجمعة لازمة حينما يكون فيه جهاد فى سبيل الله، ففى هذا الجو تقام صلاة الجمعة لتكملة هذا الالتحام، ولتشجيع الدعوة إلى الجهاد، فإذا بطل الجهاد- فى بعض ذهنى فيه آراء تقول لا تجب الجمعة، يعنى لما يكون العالم الإسلامى فى حالة ركود يبقى إيه لازمة خطبة الجمعة، يعنى لازم يكون فيه تحرك، وأنا ما عرفش إن هذا رأى صحيح أم لا، لكنه فى قاع ذهنى أنه مر بى فى أحد قراءاتى.
اعترضت هذه المرة بيقين وقلت: لكن صلاة الجمعة منصوص عليها فى القرآن ولها سورة كاملة باسمها، فقال يحيى حقى: صلاة الجمعة شىء، والخطبة شىء آخر.
قلت لأديبنا الكبير: ولكننا نجد الأزهر غائبًا بعد أن وجهت له ضربات حتى لا تقوم له قائمة فى توجيه المجتمع وقيادته كما كان من قبل.. فهل تعتقد أنه ضُرب فعلًا؟
أجابنى يحيى حقى قائلًا: ضُرب من أيام محمد على، ودى كانت فرصة كبيرة، لأنه حاول يسيطر على الأزهر ماقدرش، فقال أنا هسيبه على جنب، وأنشئ مدارس أهلية للأفندية، وأنا قلت إن هذه أكبر نكبة حصلت، كأن فيه بلطة وقعت على شجرة قسمتها قسمين، فأصبح عندنا أفندية ومشايخ، والحاجة اللى مزعلانى إن طبقة المشايخ عاشت محرومة من حاجات كتير، لابس عمة لا يقدر يسمع غنا، ولا يدخل مسرح أو سينما، وحتى طلعنا كلمة «فقهنة»، خصصناها للجماعة اللى لابسين عمم، وهم زودوها لما بدأوا ينطقوا اللغة الفصحى بقلقلة القاف، وحاجات زى كده، فكلمة «فقهنة» مزعلانى جدًا، وأكرهها جدًا، إزاى تحكم على نصف المجتمع تقريبًا إنه سقيم الذوق وإنه متأخر، إزاى الفقى يبقى سبة.
وفى الإذاعة «أعجب العجب فى لغة العرب»، تبص تلاقى كلام تنطق فيه اللغة العربية بقلقلة القاف بنغمة هزلية، بحيث إن اللغة العربية بتتهزأ فى هذا البرنامج، طيب ما تقولوها كما تقرأ، فدى بلوى كبيرة جدًا.
وكررت ليحيى حقى ما يعرفه عما يُفعل برجال الدين فى الدراما بتصويرهم بشكل مزرٍ، فأضاف قائلًا: وشوف المأذون بيعملوا فيه إيه فى التمثيليات عندنا.
طلبت منه العودة إلى ما حدث للأزهر.
قال صاحب القنديل: أغرب ما حدث، الجدع اللى اشتغل فى إصلاح الأزهر، لا ننكر أنه محمد عبده، لكنه ماقدرش، ثم جاءت النهضة بعد ثورة ١٩، قالوا تعديل الأزهر، نسلخ منه دار العلوم، رغم إن الأزهر قائم على اللغة العربية، وقالوا نسلخ منه حاجة مهمة جدًا وهى القضاء الشرعى، مع أن الأزهر هو الذى كان يُخرّج القضاة والمحامين.. فبالله عليك ماذا بقى من الأزهر بعدما اُنتزع منه اللغة والدين والقضاء، لم يبق شىء، وهذه القوانين التى كان القصد منها هدم الأزهر، سميت إصلاح الأزهر، فكانت نكبة كبيرة لم ينتبه إليها أحد.
ولا ينكر يحيى حقى الفضل التاريخى للأزهر قائلًا: لم يشهد العالم منذ ألف سنة جامعة بمعنى الكلمة مثل الأزهر، وما تكلمت فى الخارج بالإنجليزى أو الفرنساوى إلا قلت لهم: أنتم فاكرين إيه، إحنا عندنا جامعة منذ ألف سنة، كان يكفى أن تدق يدًا على الباب فتفتح له، ويقال له هل تحفظ شيئًا من القرآن؟ فيقول: نعم- اتفضل ادخل، هنا تأكل وتسكن مجانًا، وتدخل ستجد جنب كل عمود أستاذًا يلقى الدرس، لن نفرض عليك أستاذًا، أنت تلف والأستاذ اللى تستريح له اقعد جنبه، ثانيًا: لا نفرض عليك موعد الامتحان، أنت الذى تجىء وتقول: أنا مستعد لدخول الامتحان. يمكن إحنا فى المدارس الأهلية، يوم الامتحان أنا عيان، يضيع علىّ الامتحان، لكن الطالب الأزهرى لما يجد نفسه حفظ يدخل الامتحان، لذا كان فيه تلامذة عمرهم أربعون وخمسون سنة، لهم لحية بيضاء، لا يدخلون الامتحان، قاعدين ياخدوا جراية وساكنين، وأغرب من ذلك أن الأزهر كانت له حرمة، فلا يجوز للبوليس أن يدخل الأزهر، ولذلك الجبرتى يقول: كان مزيفو النقود مقرهم الأصلى داخل الأزهر يحتمون به.
وكل تاريخ مصر الحديث وجميع الثورات الشعبية قامت من الأزهر. وكان العلماء لا يعتمدون على مرتباتهم، بل كانت لهم مهن أخرى- الحقيقة لم يكن فيه تعليم فى العالم، بينما فى مصر كانت المؤسسة التعليمية ناجمة ومنبعثة من صميم ضمير الشعب، يعنى الفلاح أمله إنه يبعث ابنه للأزهر، حتى عائلة مصطفى عبدالرازق واسعة الثراء كانت لا بد أن تبعث بابنها الأكبر للأزهر، فكان فيه التحام بين المؤسسة والمجتمع التحامًا شديدًا جدًا، وفيه فخر إن ده متعلم فى الأزهر.
وشوف العظمة إن إحنا فتحنا الباب لكل الشعوب الإسلامية.. رواق الأتراك، رواق الشراكسة، رواق المغاربة.. إلخ، كل شعب إسلامى له رواقه، فعظمة من العظمة.
سألت: احتفظ الأزهر باستقلاله لفترة طويلة.. كيف حدث ذلك؟
وأجاب يحيى حقى: المسلمون تكفلوا بصيانة استقلال الأزهر، عن طريق انتشار الأوقاف الأهلية فى ذلك الوقت، وكان الوقف الأهلى يتضمن نصيبًا من الريع للخيرات، فكان كثير جدًا من الواقفين يطلعون الوقف للأزهر، وبعض حجج الوقف مكتوب فيها: وكذا لبغلة شيخ الأزهر- حتى يضمن ألا يمد يده لأحد.. فكان المجتمع الإسلامى شايل الأزهر على إيده بالأوقاف الخيرية، عشان يوفر له الاستقلال عن الحكومة وعن الوالى. وكان عندى سؤال فى ذهنى فى وقت من الأوقات: هل يجوز للوالى أن يعزل شيخ الأزهر؟ لأن من بعض قراءاتى أنه أيام الخديو عباس، لما يزعل من شيخ الأزهر ما يرفدوش، إنما فى حفلة التشريفة وهمه جايين يسلموا عليه، وشيخ الأزهر جاى يسلم، الخديو شيح عنه بوجهه، فيروح يستقيل، وسألت الله يرحمه عبدالله عنان- المتخصص فى التاريخ الإسلامى- هل يجوز للوالى أن يعزل شيخ الأزهر لأنه هو الذى يعيّنه؟، فقال: نعم- لأنه كان تصورى للأزهر ومكانته أن الوالى لا يستطيع عزل شيخ الأزهر، لأنه غير قابل للعزل، لأن المسلمين والمجتمع متكفلون به، محتضنون الأزهر يبعثون له بأبنائه، ويكتبون له أوقافه، فأنت أيها الوالى لست صاحب فضل على الأزهر، إنما هو المجتمع الإسلامى.
قلت لأديبنا الكبير: التطوير الذى أحدثته ثورة يوليو فى الأزهر بإدخال التعليم المدنى.. هل أضر بالأزهر؟
نفى يحيى حقى قائلًا: لا أبدًا، هذا التعليم كان يجب يتعمل من زمان، الإسلام يطلب من المسلم أن يتعلم العلم، علم الكون وأى علم ينفع المجتمع من واجب الأزهر أن يدرسه، يعنى مثلًا علم الأجنة، وارد فى القرآن كيف يخلق الطفل، هذه الآية كان يجب أن تكتب على قسم الولادة فى قصر العينى- والصناعات والكيماويات.. إلخ، من واجب المسلم أن يتعلمها، ولذلك كان ينبغى لإصلاح الأزهر من إدخال كل هذه العلوم الحديثة، لأنه فى الحقيقة أدمغة مشايخ الأزهر شىء لا يتصوره عقل، اللى يستطيعوا يقسموا الشعرة إلى اثنتين وثلاث وأربع فى دراسة مسائل النحو والفقه، فما بالك لو كانت هذه العقول استغلت فى دراسة العلوم الحديثة كنا وصلنا لإيه؟، والدليل على ذلك بعثات محمد على الأولى من طلبة الأزهر، ومنهم الطهطاوى، شوف عملوا إيه لما راحوا أوروبا واتعلموا ورجعوا. فمصر والعالم الإسلامى أضاعوا على الأزهر فرصة كبيرة جدًا فى استغلال عقول النوابغ فى العلوم الحديثة، وقصروا الدراسة على علم اللغة والدين، فضاع علينا كنوز، بيطلع من الصعيد جبابرة، وعقول كلها راحت. صحيح علم اللغة والدين من أساسيات المسلم، لكن بجانب العلوم الحديثة، فإحنا كنا عاوزين الأزهر يدخل العلوم الحديثة بروح دينية، يعنى لما يؤذن للصلاة يطلعوا يصلوا، ويبدأ الدرس بالبسملة أو قراءة القرآن، ويدرسوا الدين مع كل كلية.. صيدلة، طب، هندسة.. إلخ.
ولم أستطع أن أخفى عن يحيى حقى ملاحظتى على استغراقه فى أمور الدين والأزهر، بينما هو كاتب وأديب، فقال لى: أى كاتب هو مسلم أولًا، وله رأيه فى دينه، ويجب أن يعبر عن رأيه ويبين جوانب الجمال والسمو فى هذه الرسالة التى هو متأثر بها، فيجب على كل واحد أن يكتب فى هذا الموضوع، وأنا كتبت شيئًا من هذا فى كتابى «من فيض الكريم»، هل قرأته ؟- نعم- إيه رأيك فيه؟ عظيم جدًا، ويتناول قضايا من واقع الحياة، ويلتقط بعض الأشياء التى توضح سماحة الدين- وسألنى يحيى حقى: فإنت شايف إن أنا قمت بواجبى؟ قلت: نعم- فقال متأسيًا: أنا كنت منتظر إن واحد من الأزهر يعلق على هذا الكتاب، وأظن إن فيه نسخة أنت وصّلتها للشيخ الشعراوى، قلت: نعم، فقال: لكن بص فيه كده وتصفحه، زى ما قلت لى- ولما كنت أعرف أن يحيى حقى من مستمعى إذاعة القرآن الكريم.. سألته: هل ترى أنها تقوم بدورها المطلوب منها؟، ففوجئت به منفعلًا وهو يقول: من أكبر نكبات حياتى ما أسمعه فى باب اسمه «من المقالات الإسلامية فى صحافتنا»، كل المقالات التى يأتى بها إنشا، زى ما يكون كاتبها تلميذ واخد الابتدائية، وده فاهم إن له أجر- استدركت: هم يأتون بما نشرته الصحف، فقال: ما تجبهاش، أنت يا مذيع، أو يا إذاعة لما تجدى إنه كلام فارغ وإنشا ما تسمعهوليش. المسألة ليست فردية، هى روح الجماعة، إذا ماكنتش تدب فيها الحيوية والشعور بالمسئولية، وشعور بقيمة الأشياء فى حياتنا، فلن نتحرك، وهنا يجب على الفن أن يلعب دوره، فهو وحده القادر على تحريك هذه الأمة.
وسألت صاحب القنديل: كيف السبيل لإخراج المواطن من أزمته الفكرية والثقافية والدينية.. إذا كنت حضرتك شايف إن فيه أزمة؟
أضاء يحيى قنديله بهذه الكلمات بعد أن وافقنى: طبعًا فيه أزمة، وللخروج منها يجب أن تكثر المؤلفات والمقالات التى تقول للمصرى: لست إنسانًا تأكل وتشرب وتنام ولك مصالح، إنما أنت شخص اسمه بنى آدم، نجعله يشعر بآدميته، فإذا شعر تتحل كل المشاكل، والفن يلعب دورًا فى هذا كما قلت لك، فضلًا عن العلاقة الروحية بين الإنسان وربه، وبين الإنسان والكون، هذا ما يجب أن نشجعه، والشعور به فى قلب كل مسلم، لذلك نحن محتاجون لكتاب ومؤلفين وشعراء يصحوا الوجدان.
قلت ليحيى حقى: لكن القدوة أليست مهمة؟، فأكد: هى شرط أساسى، ما هو ده اللى خلانى أقولك إن الدعاة موظفين، وموش ممكن يكونوا قدوة.
ولأننى أعرف أن يحيى حقى لو لم يكن أديبًا لكان من بين أمنياته أن يكون مؤرخًا، فقد سألته عن سر اهتمامه بالعودة إلى الماضى والاهتمام بالتاريخ الفرعونى خاصة حادثة مقتل توت عنخ آمون التى كتب عنها مقالًا مهمًا، فقال لى: مقالتى عن توت عنخ آمون أقصد أن أقول فيها إن تاريخ الإنسانية متصل، لا شىء يفصله، حتى إنه من أعجب الأبحاث العلمية الآن محاولة العودة إلى الماضى، يقولون إن أصواتنا هذه مسجلة وموجودة فى الفضاء إلى الآن فى مكان ما، والعلم الحديث سيستطيع أن يصل إليها، يعنى العلماء يتوقعون أن نشهد من جديد تاريخنا منذ بدء الخليقة إلى الآن، فهذا التاريخ متصل مامتش، يعنى الكلمة اللى باقولها لك دلوقت، اتوجدت فلا بد إنها فى يوم من الأيام يمكن تظهر، آدى أول مقصد، المقصد التانى إن القاتل لا يستطيع أن يفر، سيأتى يوم من الأيام سيجد إن واحد يجرى وراه، المقصد الثالث زهقى وزعلى من الشعور بالبلادة فى أبحاث علمائنا فى مصر- هذا الموضوع- توت عنخ آمون- كان يجب أن يشعل الرأى العام ويعيدوا ذكراه، اتقتل ليه، ما شفتش أنا كلام كتير فى هذا الموضوع، وبعدين أنا خرمت شوية فى المقالة دى، طيب مين صاحب المصلحة، «آى» اللى جه بعده اللى كان زوج مرضعته، كان رجل طيب جدًا بشهادة العلماء كلهم، فهو «حور محب» اللى جه وراه، وشهادة التاريخ إنه رجل عظيم جدًا، وجرأة منى إنى أتهمه، وأنا لا أعتقد ذلك تمامًا، لكن الرجل اللى دبرها تمام، تدبير غريب جدًا، لكن شوف الفظاعة فى قتله، ولد صغير غلبان ضربوه على راسه بشومة، كان سلاح الفلاح هو الشومة، وضربة الشومة يا إبراهيم على الراس من فوق ما يجرلهاش حاجة، إنما ييجى شرخ فى سقف الحلق لأنه أرق، لأن ربنا سبحانه وتعالى جعل المخ الذى هو أثمن شىء عندنا فى حصن حصين، خزينة من عظام الرأس جامدة جدًا، صعب جدًا إنك تكسرها، إنما سقف الحلق ينشق فينتج تسايل الدم إلى المعدة، وأنا حضرت وفاة فلاح بهذه الطريقة، كان مرمى أمامى، كأنه بيبلع حاجة، وبعد شوية بطنه بترتفع، والأعجب من كده إن طبيب المركز كان يساوم أهل القتيل على إنه يعمل له عملية، وهو عارف إنها لا يمكن تنجح، لأنه عايز ياخد قرشين.