منير القادري يدرس دور التأهيل الروحي للتصوف خلال «ليالي الوصال»
اختار رئيس مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورو متوسطي لدراسة الإسلام اليوم، الدكتور منير القادري خلال مشاركته في الليلة الرقمية السابعة والثمانين المنظمة من طرف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال ، في إطار فعاليات ليالي الوصال الرقمية "ذكر وفكر في زمن كورونا"، تناول دور التأهيل الروحي للتصوف وكسب رهان الحداثة والتطور.
وأشار في بداية مداخلته الى غنى الفكر الإنساني عامة والفكر الإسلامي خاصة بما تزخر به المكتبات العالمية من تراث صوفي ضخم، وبما نشأ حول هذا التراث من حوارات وجدالات مختلفة سواء من حيث منطلقاتها المرجعية أو من حيث غايتها التي تسعى لتحقيقها، والتي تتراوح بين الاحترام والتقدير لجلال التصوف وشموخه، وبين الحقد والكراهية بسبب الجهل بسمو مكانته، أو بدافع الحسد لأهله وأصفيائه الذين تألقوا في سماء الحب الإلهي الخالص وارتقوا في المعراج الروحي والخلقي.
وأعطى "القادري" لذلك مثالاً بموقف الماديين المعادي للتصوف الذين اعتبروه مجرد هراء، مبينا إفلاس مذاهبهم، و مشيرا الى وصف الفيلسوف الروسي نيكولاي فيتس تلستوي لهم بأنهم "بؤساء روحانيون "، وكذا وصف الكاتب و الفيلسوف البريطاني ألدوس هكسلي لهم بـ "المنتحرين الضالين"، واللذين أكدا معا على أهمية الجانب الروحي، واعتبر القادري أن هؤلاء الماديين ينطبق عليهم الحكم الرباني في القرآن الكريم: " إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ".
كما تطرق الى موقف الفلاسفة العقلانيين المتعصبين للعقل البشري باعتباره الأداة الوحيدة للمعرفة وإدراك الحقيقة، مشيرًا إلى إنكارهم على رجال التصوف اتخاذهم أدوات أخرى للمعرفة تفوق العقل البشري وتتجاوز حدوده وقدراته ومداه، وتابع أن الصوفية رفضوا في حوارهم مع هؤلاء الفلاسفة إيمانهم المطلق بعصمة العقل البشري، لكونه أداة للتفكير العلمي والمنطقي والتأملي في العالم المادي، وأنه أداة فاشلة وعاجزة عندما تريد أن تقتحم مجال المعرفة الإلهية التي لا يحيط بها عقل بشري مهما عظمت عبقريته، ولا تصفها لغة بشرية مهما سمت وارتفعت وتطورت، لأنها معاني سامية تستلزم أدوات معرفية روحية وقلبية ، مستشهدا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "أنا أعلمكم بالله"، وأن المعرفة فعل القلب لقوله تعالى: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " (رواه البخاري).