«من إعلان المكتبة الإسرائيلية لإحالة شخصين إلى النيابة».. قصة تسريب وسرقة أرشيف الأهرام
نشرت صفحة "إسرائيل بالعربية" الناطقة بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية تغريدة مثيرة للجدل عبر حسابها الرسمي على "تويتر"، مساء 28 من أكتوبر الماضى، أكدت فيه أن المكتبة الوطنية الإسرائيلية في القدس دشنت أرشيفاً رقميًا لصحيفة الأهرام المصرية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا حول حقيقة تعاون مؤسسة الأهرام مع المكتبة الوطنية الإسرائيلية.
وأفادت الخارجية الإسرائيلية بأن المشروع الجديد يهدف لمشاركة الجمهور بمخزونها من الوثائق والمعلومات، حيث ارتأت أن تضع بين أيدي القراء نسخًا من صحيفة "الأهرام"، التي تأسست في العام 1875.
مؤسسة الأهرام فتحت تحقيقاً فى الواقعة منذ هذا الإعلان المريب حتي انتهت التحقيقات بوصول اثنين من أبناء المؤسسة إلى النيابة العامة، وهو ما كشف عبد الرؤوف خليفة عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام عبر حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قائلاً: “الحديث عن سرقة أرشيف مؤسسة الأهرام ليس حديثا ذات خصوصية وإنما أمره يتعلق بالدولة.. كونه يحتوي تاريخها الطويل ومن حق المصريين أن يعرفوا الحقيقة.. فيما حدث. انتظر مجلس الإدارة- بالحرص- للوقوف على حقيقة سرقة أرشيف الأهرام وتسريبه خارجها ليعبث به أصحاب المصالح واللصوص.. انتظر جلاء لوجه الحقيقة الوضاء ومعرفة أبعاد الكارثة”.
وأضاف: “بالأمس انعقد مجلس الإدارة وجرت مناقشات مستفيضة فى شأن سرقة أرشيف الأهرام وتسريبه وعرض رئيس المجلس عبد المحسن سلامة التفاصيل كاملة.. وضع الحقائق أمام المجلس حتى تتضح معانى حروف هاربة.. ظلت طوال الأيام الماضية غامضة يجتهد البعض فى تفسير معناها واعتقدوا أنهم يملكون الحقيقة وحدهم”.
وتساءل "خليفة" كيف تسرب أرشيف الأهرام بالسرقة إلى خارج المؤسسة؟! مجيباً: "قبل ثلاثة أعوام حققت الشئون القانونية فى سرقة الأرشيف ولم تتوصل التحقيقات إلى الفاعل الحقيقى وحفظ التحقيق لغياب الأدلة وعدم القدرة على الإمساك بخيوط الجريمة. عندما أشتد العدوان على أرشيف الأهرام وسرقته على نطاق واسع.. تحركت جهات سيادية عديدة فى الدولة.. كونه تاريخ مصر ويجب الحفاظ عليه وصونه.. تحركت جهات مسئولة بالمساندة فى جلاء الحقيقة .. لتميط الستار عن خيوط الكارثة وما كان للأمر أن ينقضى مرور الكرام.. الوقفة واجبة والتفريط- بإهمال- الواقعة خيانة للأمانة التى يحملها مجلس الإدارة فى أعناق أعضائه.
وتابع: “خرج التحقيق الذى أجرى بإشراف الهيئة الوطنية للصحافة بالتعاون مع الشئون القانونية بالمؤسسة.. جرى التحقيق بصورة مهنية ودقة شديدة وبدت خيوط الجريمة تتكشف وتنجلى الحقيقة”.
انحسار الاتهام فى شخصين
كشف "خليفة" عن نتيجة التحقيق بالتوصل إلى شخصين فى تلك الواقع الأول هو حاتم هزاع المشرف السابق على مشروع التطوير.. سجل اعترافا فى التحقيق أنه احتفظ بنسخة من أرشيف الأهرام منذ عام 1876 وحتى عام 2013 احتفظ بها على (هارد) ووضعها فى منزله وعندما سأله المحقق عن وجودها فى حوزته الشخصية.. لم يجيب على السؤال وعندما طلب منه إعادتها للمؤسسة أقر فى التحقيق أن (الهارد) احترق عندما احترق منزله، الثانى هو عمر محمود سامى مدير مركز أماك السابق الذى أتاح منفردا فى شهر سبتمبر عام 2011 لشركة سيند جيت الأردنية الحصول على المحتوى الألكترونى لعدد 12 موقعا من إصدارات المؤسسة دون وجود عقد اتفاق أو تفويض بذلك سلك طريقه فى غياب القواعد المتبعة ولم تحصل المؤسسة على مستحقاتها المالية جراء عقد وهمى فى شأن عملية البيع وأتاح للشركة الدخول على مواقع تلك الإصدارات لتأخذ ما تشاء دون محاسبة مالية أو قواعد حاكمة.. أتاح ذلك وكأنها تملك تلك المواقع.
وأشار "خليفة " إلى أن كلاهما سجل اعترافا كاملا بما حدث عندما جرت عملية المواجهة بالمعلومات التى توصلت إليها أجهزة معاونة مدعمة بالأدلة.. انهار كلاهما معترفا بالمسئولية فى التحقيق.. لتستبين الحقائق فى وقائع تلك الكارثة.
نتيجة التحقيق بحسب "خليفة" هي أن يتم عرض أمر فصل حاتم هزاع من الخدمة بالمؤسسة على المحكمة العمالية وتحويله للنيابة العامة بتهمة الاختلاس والاستيلاء على أرشيف المؤسسة والتسبب فى تسريبه إلى جهات أخرى بطرق غير قانونية وإهدار حقوق المؤسسة المالية، أما بالنسبة الي عمر محمود سامى.. فإنه جرى تحويله للنيابة العامة كونه بلغ السن القانونية للمعاش- باتهامه- تسهيل الاستيلاء على المال العام والتربح وتربيح الغير، وهو ما اعتمده مجلس الإدارة فى اجتماعه أمس نتيجة التحقيق واتخذت الإجراءات القانونية فى شأن ما حدث.
حقائق فى أحداث الواقعة
وسرد "خليفة" عددً من الحقائق في أحداث الواقع، الأولى أن الجهد الكبير والإصرار القوى والإرادة الصلبة للمهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة الذى قدم كل الدعم لإنهاء التحقيق والتوصل لنتائج حقيقية فى شأن الإمساك بتفاصيل واقعة التسريب.. قدم الدعم فى سبيل ذلك على مستويات عدة وبصور مختلفة، ثانياً أن ما انتهجه رئيس مجلس الإدارة عبد المحسن سلامة رئيس مجلس الإدارة فى التعامل مع مجريات التحقيق- حرصا- بالوصول للفاعل الحقيقى.. حتى وثق مراحل عملية التسريب والسرقة لأرشيف الأهرام بالمستندات.. فجاءت الحقيقة موثقة.. مما كان له انعكاس بالغ لوضع الحقائق فى نصابها الحقيقى، وثالثاً التزام المجلس- الصمت وعدم استباق الأحداث وتحمل قسوة الانتقادات فى شأن موقفه.. كان ذلك- اتفاقا بين أعضائه ليكون الحديث وحده بما تقره التحقيقات الجارية، ورابعاً أن قدر مجلس الإدارة تحمل أوزار الماضى وسداد فواتير لكوارث جرى ارتكابها بتغييب للقانون واللائحة وتفريط رؤساء مجالس الإدارة السابقين فى عدم الحفاظ على تراث الأهرام.. لأنهم جميعا لم يقدروا أهميته البالغة ولم يوفروا الضمانات الكافية لصيانته.
واختتم عضو مجلس إدارة "الأهرام" حديثه قائلا إنه عرض على المجلس حزمة من الإجراءات لحماية تراث الأهرام هي، توحيد أرشيف المؤسسة فى جهة واحدة وتوفير وسائل الأمان اللازمة لحمايته من السرقة، تكليف هيئة قضايا الدولة بإقامة دعوى قضائية بالتعويض على الشركة التى سرقت الأرشيف دون مراعاة لحقوق الملكية الفكرية للمؤسسة، مخاطبة الجهات التى حصلت على أرشيف المؤسسة منها.. مكتبة الإسكندرية ودار الوثائق والكتب والكونجرس الأمريكى وغيرها للتأكيد عليهم جميعا بمخاطبات رسمية بعدم التعامل عليه بصورة تهدر حقوق المؤسسة، وهو ما وافق المجلس عليه ليكون فى إطار رؤية متكاملة بتحقيق إصلاح شامل فى شأن الحفاظ على تراث الأهرام والحصول على حقوقه المالية وغلق منابع السرقة.