رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الغنية الفقيرة».. أدباء ومثقفون يروون لـ«الدستور» معاناة قنا الثقافية

أشرف البولاقي
أشرف البولاقي

لا تقل محافظة قنا فى إفراز المواهب عن غيرها من محافظات الجمهورية، فكم من شعراء وروائيين وقصاصين خرجوا من عاصمة الجنوب، فقد أنجبت قنا قاماتٍ شعرية وأدبية مثل عبد الرحمن الأبنودي وأمل دنقل وغيرهما الكثيرين، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى اهتمام وعناية ثقافية أكبر. 

“لا فعاليات ولا حفلات ولا بيع للكتب”، الكثير من أهالى قنا طالبوا بأهمية وجود مركز ثقافي واحد على الأقل، فقد كتب الشاعر أشرف البولاقي عبر صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" مطالبًا بضرورة إيجاد مكان يشغل منفذًا للكتب ويكون به أماكن لإدارة الأنشطة الثقافية المختلفة التي يود أبناء المحافظة فى عقدها، حتى أنها من بين المحافظات القليلة التي لا يوجد بها فرع لهيئة الكتاب.

وأضاف: إذا كنت قنائيًا فعليك أن تسافر إلى القاهرة كل حين لتتزود بالكتب وعليك أيضًا أن تتماشى مع مأساتها ولا تفكر في شراء كتب منها أو إقامة اي فعالية فيها.

«الدستور» التقت عددًا من أدباء قنا وكان سياق حديثهم كالتالي..

أشرف البولاقي: نحلم أن يناقش هذا النادي قضايا الكاتب

الشاعر أشرف البولاقي، قال إنه لا تخلو محافظة من محافظات مصر من مركز ثقافي يشكّل بؤرة إشعاعية مختلفة، بعيدًا عن دور المؤسسات الرسمية الأخرى، حتى هذه الأخيرة موجودة ومنتشرة في عدد كبير من المحافظات، فعلى سبيل المثال فإن فروع هيئة الكتاب موجودة في أسوان، وسوهاج، وأسيوط، وليست موجودة في قنا!

وتابع فى تصريحات لـ«الدستور»، رغم ما تشكله محافظة قنا من ثقل أدبي وإبداعي وثقافي، لا يتمثل فقط في منتج الأبنودي ودنقل ومنصور، لكنه يتمثل في الأجيال التي تَلَتهم والتي استطاعت أن تفرز لحركة سوق الكتاب العربي آلاف الكتب والمطبوعات التي أمدّت المكتبة العربية بكنوز المعرفة في مختلف الفنون والآداب والعلوم، الأمر الذي يدفعنا للحلم بنادٍ للكتاب، يضم على الأقل الكتب والمطبوعات التي أصدرها أدباء قنا ومثقفوها عبر العصور، وهي الكتب التي يحتاجها الباحثون في جامعة جنوب الوادي ويطلبونها دون أن يحصلوا عليها بسهولة، إمّا لقِلة الكتب، وإمّا لرحيل مؤلفيها. 

وأضاف، نحلم أن يناقش هذا النادي قضايا الكتاب، وأزمات سوق النشر، وأن يهتم بمناقشة الأطروحات التي يقدمها المؤلفون.

وأكمل: "لقد بدأتُ منذ أيام بإنشاء هاشتاج على صفحتي بالفيس بوك تحت عنوان "حلم تأسيس نادٍ للكتاب في قنا"، أنشر خلاله ما وسعني النشر تفصيلاً وبيانًا بالكتب والمطبوعات التي أصدرها كتّاب قنا، في محاولةٍ مني للفت انتباه الرأي العام الثقافي الرسمي والأهلي للكنز المعرفي الكبير الذي تضمه هذه المحافظة.

محمد صالح البحر

الحديث هنا عن الكتاب كقيمة حضارية، فالثقافة ليست فقط ندوات وأمسيات وفعاليات، لكن لبِنَتها الأولى توفير الكتاب، ومناقشة قضاياه.

محمد صالح البحر:" لا أحد يعرف لماذا تبتعتد المشاريع الثقافية عن قنا

ويقول الأديب محمد صالح البحر:" لماذا تبدو الأماكن الغنية بمبدعيها، فقيرة بإمكانياتها؟!، لقد أرقني هذا السؤال كثيرًا على مدار العقود الفائتة، ورغم الإجابات التي حاولت أن أرد بها عليه، والمحاولات التي بذلتها ـ وبذلها غيري ـ من أجل تجاوزه، وتغييره إلى واقع أفضل، ظلت قنا محافظة غنية بمبدعيها، وفقيرة جدًا في الإمكانيات التي من شأنها أن تبرز هذا السياق الثقافي المتميز، لتضعه في مكانة مناسبة، تليق به، وظل المبدعون يدورون حول الإمكانيات القليلة التي تتيحها هيئة قصور الثقافة فقط، والتي تتقلص في مرور الوقت، وتغير الإدارات.

ويضيف صاحب روايات "موت وردة" و"حقيبة الرسول"و"نصف مسافة": "لا أحد يعرف حتى الآن لماذا تبتعد المشاريع الثقافية الكبرى عن قنا، ولا متى من الممكن أن يكون لدينا مركزا ثقافيا كبيرا نقدر من خلاله على تنفيذ آفاق ثقافية واسعة، نستقدم فيها صانعي الفكر والثقافة والإبداع من مكان في مصر، وعلى المستوى الدولي أيضا، بحيث تعود قنا مرة أخرى منارة للإبداع المتميز، وأرضا خصبة لا تكف عن إنبات المبدعين.

فتحي عبد السميع

فتحي عبد السميع: من أشد المحافظات فقرًا في البنية الثقافية

بدوره قال الشاعر الكبير فتحي عبد السميع :" قنا من أشد المحافظات التي تحتاج إلى جهود جادة في مجال التنمية الثقافية، ومع ذلك فهي من أكثر المحافظات فقرا من حيث البنية الأساسية للعمل الثقافي والأنشطة الثقافية بشكل عام، وتأتي حاجة المحافظة الشديدة لجهود ثقافية مميزة أو إضافية لأنها من أشد مناطق التعصب القبلي، ومن أشد مناطق الخصومات الثأرية، أي أننا أمام حالة عنيفة من الفراغ الثقافي التي يجب الانتباه إليها، والعمل على حمايتها من مخاطر كثيرة، وذلك من خلال إنشاء مراكز ثقافية متعددة، أو على الأقل مساواتها بالمحافظات الأخرى.

وأضاف:" ولا شك في وجود ظلم ثقافي كبير واقع على تلك المحافظة، وهو ظلم متفق عليه فيما يبدو، لأن صراخات المثقفين لم تصمت منذ عقود وهي تطالب بأشياء بسيطة مثل إنشاء منفذ لبيع كتب  هيئة الكتاب، أو إنشاء فرع لمكتبة مصر العامة، او أي مكان يصلح لإقامة ندوة، وتلك الصرخات لم تجد من يلتفت إليها حتى انطفأت، واستسلمت لليأس، وكأننا أمام حالة إجماع غامضة على حرمان تلك المنطقة من الحد الأدنى من حقوقها الثقافية.