وهم علاج التوحد بالأكسجين المضغوط.. الجلسة بـ 400 والنتيجة واحدة
بدأ الترويج للعلاج بالأكسجين المكثف منذ فترة كبيرة لقدرته على علاج مرض التوحد لدى الأطفال، لكن هذه الفكرة لم تشهد أي فعالية في علاج الحالات حتى يومنا هذا، كما أنه غير مثبت علميًا، وهناك العديد من الأبحاث التي تنفي استخدام الأكسجين لعلاج مرض التوحد.
أكدت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، أن علاج التوحد بالأكسجين المضغوط لم يثبت سريرياً وغير فعال، وفي بيان أصدرته عام 2014 تحت عنوان "الحذر من الادعاءات الكاذبة والمضللة لعلاج التوحد"، تم إدراج الأكسجين المضغوط، وعملية إزالة السموم والمعادن الثقيلة، وعملية استقلاب الأحماض العضوية، والفيتامينات، والأحماض الدهنية، ضمن العلاجات الوهمية لمرض التوحد، وتحمل مخاطر صحية عدة على حياة الأطفال.
"الدستور" تواصلت مع ضحايا مراكز علاج مرض التوحد باستخدام الأكسجين، وكان من بينهم سيدة أربعينية، كانت تصطحب ابنها دومًا إلى أحد المراكز المتخصصة في علاج التوحد بالأكسجين، بعد أن أوهمها البعض بأنها الوسيلة الوحيدة للتخلص من المرض.
النتيجة كانت واحدة خلال الـ20 مرة التي توجهت فيها السيدة برفقة ابنها إلى المركز، حالة الطفل لم تتحسن على الإطلاق، الأمر بدى كأنه بيزنس فقط، السيدة باعت جميع ممتلكاتها في سبيل علاج الطفل دون أي فائدة، فقد بلغ سعر الجلسة الواحدة حينها 400 جنيه، ورغم ذلك لم تلحظ أي تحسن على ابنها المريض.
كذلك تسافر "أم محمود" بولدها من محافظة لأخرى، قاصدة أحد مراكز العلاج بالأكسجين، تقول إنها تقطع مسافات سفر كبيرة مصطحبة ابنها المصاب من محافظة أسيوط إلى أحد المراكز المتخصصة بسوهاج متكبدة بذلك عناء هذا السفر ومشاقه وكذلك نفقاته من أجل أن يتحقق الشفاء لابنها.
وتتابع أنه حدد لابنها 25 جلسة بشكل مبدئي للعلاج، سعر الجلسة الواحدة 190 جنيهًا، بالإضافة إلى قيمة الكشف الأول وماسك العلاج وهم 250 جنيهًا، ما دفعها للاستدانة لتوفير هذه المبالغ من بعض جيرانها المتعاطفين مع حالة ابنها فقد توفي عنها زوجها منذ سنوات، وبعد عدد من الجلسات لم يعد لديها أى أمل في الشفاء قائلة: "عوضي على الله بالمبالغ اللى ادفعت وربنا يقدرني أسددها".
وعن جدوى للعلاج بالأكسجين، أكدت دكتورة سلمى حسن، ماجستير أمراض التخاطب من جامعة عين شمس، أن علاج مشاكل التوحد عبر العلاج بجلسات الأكسجين المضغوط من الناحية العلمية لم يثبت سريريًا، كما أنها من خلال عملها تابعت حالات لأطفال مصابين بالتوحد والشلل الدماغي قبل وأثناء وبعد الخضوع للعلاج بالأكسجين ولم تلمس أي تحسن يذكر بالنسبة لمصابي التوحد بينما لمست تحسنًا لدى المصابين بالشلل الدماغي.
فيما يوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بالأكاديمية العسكرية، أن هذه العيادات وهمية تعمل على استغلال الأهالي من حيث أسعار المبالغ فيها، مضيفًا أن بعض المراكز تعمل على علاج مرضى التوحد دون علم مسبق من وزارة الصحة والخضوع للشروط التي يجب توافرها في كل من العيادات الأخرى.
ويضيف في تصريح خاص لـ"الدستور" أن هناك العديد من هذه المراكز تعمل على خضوع المريض إلى فترات طويلة قد تصل إلى 60 جلسة متتالية دون نتيجة فعالة بنهاية المطاف، مشيرًا إلى أن جميع مراكز الأكسجين بمصر لم تحقق نتائج مرجوة أو إيجابية لمرضى التوحد إلى الآن، فأغلبها يخرج عن القواعد الطبية المعترف بها عالميًا بل ويلجأ إلى استخدام أساليب كثيرة للنصب واستنزاف أموال الأهالي.
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن طفلًا واحدًا من كل 160 طفلا يعاني اضطرابات التوحد، التي تظهر في مرحلة الطفولة وتميل للاستمرار في فترة المراهقة وسن البلوغ وفي الولايات المتحدة يوجد أكثر من 3 ملايين ونصف المليون شخص مصابون بالتوحد.
فيما تقدر الأرقام الأمريكية أن واحدًا من كل 68 مولودًا جديدًا في البلاد يولدون ولديهم هذا المرض، وفي أستراليا، يقدر عدد المصابين بمرض التوحد بنحو 164 ألف شخص (واحد من كل 150 شخصا)، بحسب أرقام دائرة الصحة للعام 2015، غالبية هؤلاء من عمر 25 عامًا.
وبحسب أرقام منظمة الأمم المتحدة، فإن حوالي 1% من سكان العالم مصابون بمرض التوحد، أي حوالي 70 مليون شخص، وتكشف الأرقام أن الذكور معرضون للإصابة بالتوحد أكثر من الإناث بمعدل 4 أضعاف، ولا يزال 80 %من كبار السن ممن يعانون المرض عاطلون عن العمل، وفق الأمم المتحدة.