إفريقيا تعلّق آمالًا على لقاح للملاريا
يعزز لقاح غير مسبوق ضد الملاريا الآمال في إفريقيا حيال إمكانية مكافحة مرض يحصد مئات آلاف الأرواح سنويًا، خصوصًا في أوساط الأطفال.
ومنذ العام 2019، حصّنت غانا وكينيا وملاوي أكثر من 800 ألف طفل بموجب برنامج تجريبي باستخدام لقاح RTS,S.
وكانت تلك أول خطوة تتوافر في إطارها حماية كبيرة من المرض الطفيلي، ما يخفض خطر الإصابة بالمرض الشديد بنسبة 30 في المئة، وفق الاختبارات.
وفي التاسع من أكتوبر، أوصت منظمة الصحة العالمية بعدما اطلعت على نتائج الخطة التجريبية، بإعطاء اللقاحات للأطفال البالغين أكثر من خمسة أشهر في المناطق التي تواجه خطر الملاريا.
ويموت حوالى 260 ألف طفل جرّاء الملاريا كل عام في إفريقيا، حيث تسجّل 90 في المئة من الإصابات المعلنة على مستوى العالم.
وقال مدير برنامج الملاريا العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية بيدرو ألونسو "من وجهة نظر علمية، يعد ذلك اختراقًا هائلًا".
بدورها، أفادت منسقة برنامج النيجر الوطني لضبط الملاريا دجيرماكوي هاديزا جاكو أن إعلان منظمة الصحة العالمية "استقبل بسعادة بالغة". وتابعت "إنه أمر كان منتظرًا بحماسة".
وفيما أشارت إلى وجود مشكلة كبيرة في إطلاق اللقاحات، قالت منظمة الصحة العالمية إنها شهدت طلبًا عامًا "قويًا" على اللقاح. وقامت شركة "جلاكسو سميث كلاين" البريطانية العملاقة بتصنيع اللقاح الذي يحمل الاسم التجاري "موسكيريكس".
وأعرب العديد من الآباء الذين تحدّثت إليهم فرانس برس عن دعمهم للقاح، رغم تردد البعض بسبب آثاره الجانبية المحتملة.
وقالت والدة طفلة تبلغ 11 شهرًا تدعى هاجيا أمينو باوا في منطقة غوموا في جنوب غانا "أشعر بحماسة بالغة حياله".
وأضافت "تلقت طفلتي اللقاح ولم يحصل أي شيء.. أرغب بتشجيع كل عائلة لديها أطفال تحت سن الثانية على تطعيمهم، إذ إن ذلك سينقذ حياة كثيرين".
ويهدف اللقاح لدفع جهاز المناعة لوقاية المتلقي من أولى مراحل الملاريا.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الآثار الجانبية الرئيسية قد تشمل ألمًا في مكان تلقي الجرعة وحمى، وهي عوارض مشابهة لتلك الناجمة عن لقاحات أخرى.
وقالت والدة طفل يبلغ ستة أشهر في غوموا تدعى برنس غيامفي إنها لم تتردد في تطعيم ابنها.
وأكدت "قرأت عن اللقاحات وكيفية عملها. قدمت طوعًا لتطعيم طفلي ولم يحصل أي شيء حتى الآن".
وتابعت "أثناني البعض عن إعطائه اللقاح قائلين إنه ما زال جديدًا وقد أقتله به، لكنني أعتقد أنهم قالوا ذلك من باب الجهل".
أما في النيجر، التي لم يشملها البرنامج التجريبي، فتحدثت فرانس برس إلى والدة تدعى فاتي كانت تنتظر خارج عيادة خاصة في نيامي، حيث نقل طفلها إلى المستشفى بعد إصابته بالملاريا.
وقالت "عندما يصل اللقاح، سيشكّل مصدر ارتياح كبيرًا".
وأضافت "يقتل مرض الملاريا أطفالنا ولا يرحم والديهم".
وفي بوركينا فاسو المجاورة، أظهر لقاح آخر طورته جامعة أكسفورد البريطانية بالتعاون مع شركة "نوفافاكس" الأمريكية فعالية بعد اختبارات سريرية جرت سنة 2019.
لكن جاكو وغيرها حذّروا من الاعتماد على الحماية الجزئية التي توفرها اللقاحات.
وقالوا إنه من الضروري المحافظة على أساليب وقاية مثل توزيع شبكات لحماية الأسرة تمّت معالجتها بالمبيدات والاستخدام المبكّر للأدوية لعلاج الإصابات.
وفي واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، أدخلت هذه الأساليب بشكل واسع منذ العام 2014 ما أدى إلى "خفض الوفيات المرتبطة بالملاريا بنسبة 25 إلى 30 في المئة"، بحسب ما ذكر الطبيب المحلي ولفريد ساوادوغو.
وتعد مكافحة الظروف التي تسمح بتكاثر بعوضة الأنوفيليس ونشرها الطفيليات عندما تلسع البشر كمصدر للغذاء، من بين المشاكل الأخرى المزمنة في المناطق حيث تتفشى الملاريا في إفريقيا جنوب الصحراء.
وقال خبير الصرف الصحي في النيجر عثمان دنبدجي "إذا متنا من الملاريا في إفريقيا، فسبب ذلك أننا نعيش في ظروف غير صحية على الإطلاق، ما يعني انتشار البعوض".
طرح إعلان منظمة الصحة العالمية المسائل الكبيرة المرتبطة بالوصول إلى المال والتكنولوجيا.
وتساءل الباحث في معهد "بيار ريشيه" في بواكي وسط ساحل العاج سيرج أسي "من سيموّل (إطلاق اللقاح)؟ هل يرغب المجتمع الدولي بذلك؟ هذا السؤال الأول. وهل ستكون هناك كميات كافية؟".
وشدد مدير "المركز الإفريقي للتميّز في علم جينوم الأمراض المعدية" في إدي في جنوب غرب نيجيريا كرستيان هابي على أن الوقت حان لتتمكن إفريقيا من تصنيع اللقاح بدلًا من الاكتفاء بشرائه.
وقال "على إفريقيا الآن فهم هذه التكنولوجيا والمعرفة وإنتاج اللقاحات بدلًا من استيرادها.. هذا هو التحدي الأكبر".