محللون تونسيون: الحكومة الجديدة هدفها خدمة المواطن بعيدًا عن الصراعات الحزبية
يعلق الشارع التونسي آمالاً كبيرة على الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن، في الارتقاء بأوضاعه المعيشية وانتشاله من براثن تدهور اقتصادي واجتماعي استمر ١٠ سنوات، خاصة وأن الحكومة الحالية حكومة تكنوقراط ذات مهام محددة، وهي توفير فرص عمل جديدة، واستعادة ثقة المستثمرين وإنفاذ القانون على الفاسدين.
إعادة ترتيب الأولويات
ويرى المحلل السياسي التونسي، أبوبكر الصغير، في تصريحاتٍ لمراسل وكالة أنباء «الشرق الأوسط»، إن نجلاء بودن، رئيسة الحكومة الجديدة، قالت كلمة هامة عن هذه الحكومة، وهي أن مهمتها تعتبر إعادة ترتيب الأولويات، خاصة وأن الأولويات كانت في كل الحكومات السابقة هي أساسًا أولويات حزبية ذات مصلحة انتخابية لخدمة بعض الأجندات أكثر منها أولويات لخدمة الشعب التونسي.
وقال أبوبكر، إن «التونسيين اليوم يعلمون أن لديهم حكومة سيكون شغلها الشاغل هو التفكير في مصلحتهم وفي تحسين أوضاعهم المعيشية».
وأضاف أن «هذه الحكومة تم تشكيلها بعناية، خاصة بعد أن قام الرئيس قيس سعيد، بعمل مناقشات منتظمة مع فئات مختلفة من الشعب التونسي وبشكل خاص فئة الشباب حتى يصل للتشكيل الحالي للحكومة».
وأوضح أن الحكومة الجديدة أمامها رهانات عدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ توفير فرص عمل للشباب، وتحقيق توازن في الأسواق بين دخول التونسيين وأوجه الصرف، مشيرًا إلى أن ما يميز الحكومة الجديدة هو أنها حكومة غير حزبية ولا تخضع سوى للقانون.
مهام صعبة
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، بلحسن اليحياوي، في تصريحاتٍ لوكالة أنباء «الشرق الأوسط»، أن حكومة نجلاء بودن، أمام مهام غاية في الصعوبة، ولكن لا سبيل أمامها سوى النجاح في هذه المهمة، محذرًا من أن إسقاط هذا المسار أو محاولة إفشال هذه الحكومة سوف يسمح للمتربصين بالعودة من جديد لإحكام قبضتهم على الدولة التونسية.
وقال اليحياوي، إن «الشعب في حالة ترقب لما ستقوم به الحكومة الجديدة وخطواتها المقبلة لدفع عجلة الاقتصاد والتنمية وإعادة ثقة المستثمرين وحل أزمة البطالة».
وأضاف، أن «هذه الحكومة بلا حاضنة حزبية، وهذا هو مصدر قوتها لأنها تستمد ثقلها وشرعيتها من دعم ومساندة الشارع التونسي الذي يعلق عليها آمالا لابد أن تتحقق».
تحديات اقتصادية
ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا جويعة، أن أهم ما يميز الحكومة التونسية الجديدة هو أنه جرى تشكيلها بعيدًا عن نظام المحاصصة الحزبية أو تقاسم الحقائب الوزارية بين الأحزاب، وهو ما كان يتم سابقًا وكأن البلاد صارت كعكة مصالح يتم تقسيمها دون أي مبالاة باهتمامات ومتطلبات الشعب التونسي.
وأعرب جويعة، عن اعتقاده أن التحديات الأساسية التي تواجه الحكومة الجديدة هي تحديات اقتصادية في المقام الأول، ثم اجتماعية، ثم سياسية، مشيرًا إلى أنه «طوال فترة العشر سنوات الماضية، لم نر سوى سياسيين وأحزاب يتطاحنون على تقاسم السلطة بعيدين كل البعد عن متطلبات واحتياجات الشعب التونسي الذي ظل يأن تحت وطأة أوضاع اقتصادية صعبة للغاية ولا يسمع له أحد».
وقال جويعة: «على الحكومة التونسية الجديدة أن تعلم أن المشكلة الأساسية التي يواجهونها هي مشكلة تنمية، موضحًا أنه طوال عشر سنوات لم يتخط معدل النمو نسبة الـ 1.6%، بينما كان قبل ذلك تصل نسبة النمو إلى 5.6% سنويًا».
وأوضح أن أهم تساؤل الآن يتم طرحه هو كيفية استعادة ثقة الشعب التونسي في حكومته، مشيرًا إلى أن هذا سيعتمد على القرارت الأولى التي ستتخذها الحكومة الجديدة في الفترة القليلة المقبلة والتي يجب أن يشعر المواطن بأثرها المباشر على حياته اليومية من خلالها.
وأكد جويعة، أنه يتعين على الحكومة التونسية الجديدة، حل المشاكل الاقتصادية قريبة المدى فورًا، ثم يلي ذلك العمل على حل المشاكل متوسطة وطويلة المدى عبر وضع خطط مدروسة جيدًا تهتم في المقام الأول بمصلحة المواطن فقط دون أي اعتبارات حزبية.
وأوضح أن الحكومات السابقة كان يتراوح عدد وزرائها بين ٤٠ إلى ٤٢ وزيرًا، وذلك بسبب تقاسم السلطة بين الأحزاب دون تأثير إيجابي مباشر أو ملحوظ على حياة المواطن اليومية، لافتًا إلى أن ذلك ما يفسر أن عدد الوزراء الحاليين في حكومة نجلاء بودن، ٢٦ وزيرًَا ووزيرة فقط، لأنها حكومة تم تشكيلها بناء على المصلحة الوطنية دون أي اعتبارات أخرى.