«ماشي بنور الله».. «الشيخ حمادة» إمام ومدرب تنمية بشرية كفيف يحصل على الماجستير بأسوان
بالرغم من أنه فاقد لبصره منذ ولادته، إلا أن الله سبحانه وتعالى مَن عليه بنور البصيرة، ومع تحفيز وتشجيع والديه كان طموحه عاليًا فوق الوصف، وبدأ "الشيخ حمادة" في حفظ القرآن الكريم وأتمه كاملاً منذ المرحلة الابتدائية، ومع مرور المراحل التعليمية كان يسعى لتطوير نفسه في كل المجالات، وبعد تخرجه وتعيينه كإمام وخطيب لم يتوقف عند ذلك في التعليم بل استكمل مرحلة الماجستير ويجهز للدكتوراه، ليصنع بذلك بصمة بارزًا ومثالاً يحتذى به في تخطي الصعاب والتأكيد على أن بالإرادة والطموح نستطيع الوصول لجميع الأهداف.
في بدايه حديثه قال الشيخ حمادة محمد أحمد مكي، إمام وخطيب مسجد عمر بن الخطاب، بكوم أمبو، إنه كفيف منذ الولادة بدون عوامل وراثية ولم يكن هناك أحد كفيف غيره في العائلة، وأنه اعتبر هذا تميز من الله سبحانه وتعالى له، ومما سهل الأمر أن والديه كانوا متفهمين حالته جيدًا ووضعوا فيه الطموح منذ البداية، و أنهم كانوا يبثان فيه الأمل ومن صغره كان ينادي بلقب دكتور، وذلك يوضح اـه ليس الهدف الحصول على وظيفة أو قدر من التعليم ولكن ليجعلوا طموحه أعلى كثيرًا عن هذا القدر.
وأضاف لـ"الدستور" أن بفضل الله سبحانه وتعالي عليه اكتسب أن يكون له طموح عالي، وحفظ القرآن الكريم منذ الطفولة وتم تكريمه في نفس بلدته، وأنه أتم حفظه القرآن كاملاً وهو في المرحلة الابتدائية، وكان ذلك سابقا للدراسة، لأنه في الدراسة الأزهرية يختتموه في نهاية المرحلة الثانوية، مشيرًا إلي أنه تم تكريمه على مستوى الجمهورية أكثر من مرة، سواء في مسابقات تابعة للأزهر أو وزارة الأوقاف.
التدريب على الخطابة منذ المرحلة الابتدائية
وأوضح الشيخ حمادة أنه تدرب على الخطابة منذ المرحلة الابتدائية، لأنه كان يقدم البرنامج الإذاعي في المعهد الأزهري ويلقي الكلمات ويقرأ القرآن الكريم، وكان معروف في معهد بتأدية تحية العلم في طابور الصباح بشكل يومي، وأنه من توفيق الله كانت مميزة وله بها بصمة، لدرجة أنه إذا تغيب عنها ليوم يشعر المدرسين والتلاميذ أن هناك شيء يفتقدونه.
إمام ومدرب تنمية بشرية
وتابع لـ"الدستور" أن في المرحلة الإعدادية في سنة 12 عاما بدأ في إلقاء الدروس والمحاضرات في المساجد وارتقي المنبر، وفي المرحلة الثانوية بدأ في الانفتاح علي شتي العلوم والدراسات ، ووفقه الله في الالتحاق بالجامعة وحصل على الليسانس ثم الماجستير، وأنه حاليًا في مرحلة تحضير رسالة الدكتوراه، وأنه تخصص في مجال التنمية البشرية وحصل فيه على العديد من الدورات التدريبية، ويعمل بجانب عمله كإمام وخطيب مسجد مدرب للتنمية البشرية ويقوم بإعداد الأبحاث والدورات، بالإضافة إلى دراسته في مجال الصحة النفسية والعلاج النفسي، لافتًا إلى أنه يقوم بعملية التأهيل النفسي لذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم.
وأشار إلي أنه بهذه الشهادات العلمية تحول من كونه مصنف شخص من ذوي الهمم إلي واحدًا من متحدي الإعاقة أولاً، وثانيًا إلي كونه من أصحاب الطاقة الحماسية والدافعين للآخرين نحو التحدي والرقي، وأن من فضل الله أن انعم عليه بالرضا وهو صناعة الحياة ، قائلاً" من رضي عن الله استمتع بكل شيء وسعد بحياته و كان عنده تحدي نابع من الرضا".
"السوشيال ميديا" جعلتني داعية عصري
ولفت الشيخ حمادة أن دراسته وعمله بمجال التنمية البشرية حول منه إلي داعية عصري غير تقليدي من خلال "السوشيال ميديا" أو المحاضرات، أو الخطابة المحفلية، وأن بفضل الله سبحانه وتعالي عليه استطاع أن يكون وفي سن صغير من أصحاب الريادة في العمل الاجتماعي داخل المحافظة، وهذا عاد عليه بكثير من المهارات الحياتية واستفاد منه كثيرًا في وظيفته، حيث أنه حاليًا يتولى مسئولية مسجد عمر بن الخطاب والذ يعد من المساجد الكبرى علي مستوى المحافظة وليس بمدينة كوم أمبو فقط.
واستكمل لـ"الدستور" أنه مازال يسير نحو خطوات ناجحة بفضل القرآن الكريم والعلم الشرعي الذي تخصص فيه، مما جعله يعرف أنه ليس موظفا ومؤديا ولكنه شخص تحول من الوظيفة إلي الرسالة وإيمانه بعمله جعله مبدعًا فيه.
واختتم حديثه بتقديم نصيحة للجميع ، بأن يتحولوا من كونهم طالبين للخدمة إلى مقدمين للخدمة، قائلا" اعطني سنارة ولا تعطيني السمكة وعلمني كيف اصطاد''، لافتًا إلى أن ليس الهدف أن نساعد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ولكن الهدف أن نحولهم إلى أشخاص يساعدون أنفسهم اولا ثم يقوموا بدورهم في مساعدة غيرهم.