«هز القحوف » كتاب يرصد التفاصيل الكاملة لحياة المصريين تحت الاحتلال العثماني
يعد كتاب "هز القحوف.. في شرح قصيدة أبي شادوف" للشيخ يوسف الشربيني أحد أبرز كتب الأدب العربي التي تم إصدارها قبل مطلع القرن العشرين والتي تصف الريف المصري كمحور رئيس لموضوعاتها .
ويجمع هذا الكتاب بين الهجاء اللاذع للمجتمع الريفي المصري في القرن السابع عشر مع محاكاة ساخرة للشعر المشروح الذي برع فيه علماء عصره.
يذهب دكتور كمال مغيث إلى أن كتاب هز القحوف للشيخ الشربيني " سعى الى تسجيل ما أقدمت عليه الدولة العثمانية عبر حكمها لمصر .
ولفت إلى أن الكتاب يتحدث عن الفلاحين واصفا حياتهم وأخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم بدقة شديدة مستفيدا بلاشك من علاقته ووجوده الكبير بالريف ، وعلى الرغم من أن هؤلاء الفلاحين قد نالهم من الشيخ الكاتب أقذع النقد والاتهام ، غير أنني أظن أنه كان محاولة ذكية لكي يبدو في نظر الرقباء والعسس كاتبا موضوعيا .
ويتناول كتاب هز القحوف عبر صفحاته 295 حياة المصريين بدءا من الاحتلال العثماني لمصر، ويرصد وقائع الظلم والاستبداد التى عاشها الفلاحين المصريين ، ويعد بمثابة وثيقة لتاريخ الحياة الاجتماعية بمصر فى العصر العثمانى.
ويرى المحقق عبد العزيز جمال الدين "ان كتاب هز القحوف للشيخ الشربيني مزج بين اللغة العامية والفصحى ويعد من الكتب النادرة التي تناولت الريف المصري وفلاحيه في القرن السابع عشر الميلادي،وهذا الأمر ليس بمبتدع بقدر ما هو متبع لتراث طويل من روح الكتابة المصرية يبدأ منذ قصة الفلاح الفصيح التى شكلت أسلوبا مصريا خالصا في أدب المقاومة .
ويذهب إلى أن الكتاب من الناحية النوعية يعد،في تراث الكتابة المصرية ، رائدا في هذا المجال ، وهذا ليس بغريب، خاصة إذا عرفنا أن الفلاحة والفلاح يعدان عماد الحياة المصرية منذ ثورتهم الزراعية في فجر التاريخ.
ويشير المحقق عبد العزيز جمال الدين إلى الدافع الذي حرض الشيخ يوسف الشربيني لكتابة هذا الكتاب يقول " ان الاجابة عن هذا التساؤل نجدها عند الشيخ الشربيني نفسه، فقد ذكر أنه كان مكلفا من صاحب يد عليا لايستطيع مخالفته "فالتمس مني من لا تسعني مخالفته ولا يمكنني الأ طاعته ، أن أضع عليه شرحا يحل الفاظه السخيفة ، وبين معانيه النميمة ، ومقاصدة العبيط ، والفاظة الحويطة ، ,أن اتمه بحكايات غريبة ومسائل هبالية عجيبة ،وأن أتحفة بشرح لغات الأرياف وأشعارهم المغترفة من بحر التخابيط".
أما الذي كلفه فقد عينه لنا الشيخ يوسف الشربيني في القصيدة التي ختم بها الجزء الثاني من الكتاب بأنه الشيخ أحمد السندوبي أحد علماء الأزهر.
جدير بالإشارة إلى أن الشيخ الشربيني كان قديرا وجريئا على نقد وكشف وسائل النهب العثماني لخيرات مصر وجهد أبنائها الفلاحين على وجه الخصوص ، فهو على الرغم ما الصقفه من ألفاظ سيئة بأهل لريف إلا أنه استطاع في نفس الوقت أن يظهر الظلم الواقع عليهم من اجهزة الادارة العثمانية والعاملين بها .