تقارير دولية تكشف خطورة الأوضاع الإنسانية في تيجراي: «الطعام ينفد»
تتصاعد المخاوف يومًا بعد يوم إزاء الحرب في منطقة تيجراي الإثيوبية، مع تفاقم خطورة الأزمة الإنسانية في الإقليم الشمالي في ظل استمرار الحكومة في عرقلة وصول المساعدات الإغاثية الضرورية إلى المتضررين من سكانه الذين يواجهون ظروف شبيهة بالمجاعة، ما أدى إلى تزايد عدد النازحين واللاجئين إلى المناطق والبلدان المجاورة.
صحيفة "أديس ستاندرد" الإثيوبية أبرزت ما جاء في أحدث تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تحديثه الأسبوعي عن الوضع الإنساني في تيجراي بأقصى شمال إثيوبيا، كاشفًا أن مخزون المساعدات الغذائية في الإقليم الشمالي قد نفذ تماما، فيما توقفت عمليات التوزيع الجديدة للأغذية؛ نتيجة للحصار الذي تفرضه الحكومة على المنطقة ومنعها قوافل المساعدات من المرور.
وذكرت الصحيفة، أن الأمم المتحدة أصبحت غير قادرة على إدخال أي شاحنات مساعدات إنسانية إلى تيجراي منذ 20 أغسطس الحالي، مضيفًا أنه بالتزامن مع ذلك، تم نزوح أكثر من 300 ألف شخص إلى منطقتي عفار وأمهرة المجاورتين.
وأوضحت أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أفاد أنه في حين أن هناك حاجة إلى نقل 100 شاحنة يوميًا من المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية الأخرى يوميًا إلى تيجراى، لم تتمكن الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني من إدخال أي شاحنات إلى تيجراي منذ 20 أغسطس، مؤكدة أن مخزون المساعدات الغذائية قد نفذ بالكامل، وتوقفت عمليات توزيع جديدة للأغذية، بخلاف المناطق التي تم فيها إرسال الإمدادات بالفعل وتلك التي لا تزال في طريقها إلى الإقليم المحاصر.
ولفتت الصحيفة إلى أن التقرير الأممي ذكر أن أكثر من 3 ملايين شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية في الجولة الحالية لتوزيع الغذاء،، بما في ذلك 547 ألف شخص في الأسبوع الممتد من 12 إلى 18 أغسطس، مشيرًا إلى توزيع تلك المساعدات الضرورية تأخر كثيرا، كما جاء في التقرير أن أكثر من 5.2 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية ماسة في تيجراي، لافتا إلى أن الوكالات الإنسانية لا تزال تواصل تقديم المساعدة الحيوية إلى الإقليم المحاصر باستخدام الإمدادات المتاحة.
وفي السياق ذاته، دعت مجموعة الدول الإفريقية في مجلس الأمن، البرلمان الإثيوبي القادم إلى رفع التصنيف الإرهابي التي أدرجت بموجبه الحكومة "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي"، وغيرها من الجماعات المعارضة كالجماعات الإرهابية، مشددة على ضرورة حل النزاع في تيجراي باستخدام المفاوضات السلمية.
ووفقا لصحيفة "أديس ستاندرد" الإثيوبية، تقدمت مجموعة الدول الإفريقية في مجلس الأمن تونس وكينيا والنيجر، بالإضافة إلى سانت فنسنت وجزر جرينادين- خلال جلسة الإحاطة الأخيرة التي عقدت الخميس الماضى لمناقشة الوضع الإنساني في تيجراي، ببيان دعت فيه الحكومة الإثيوبية إلى إعلان استعدادها لوقف الأعمال العدائية ووقف إطلاق النار في تيجراي، وإظهار احتضانها لشعب تيجراي بشكل ملموس من خلال استئناف تقديم الخدمات لهم.
ودعت مجموعة الدول الإفريقية بمجلس الأمن في بيانها، التي قدمته من خلال السفير مارتن كيماني، الممثل الدائم لكينيا لدى الأمم المتحدة، النظام الإثيوبي إلى "السماح بالاتصال المباشر والتفاوض" مع الجهات المعارضة، وإلغاء التصنيف الإرهابي التي فرضته عليهم، كما دعت الحكومة في أديس أبابا إلى وضع حد لحملات الحشد والتعبئة التي تطلقها لحض جميع المواطنين، جنبًا إلى جنب مع مختلف العناصر المسلحة في البلاد، على حمل السلاح والمشاركة في الحرب ضد تيجراي.
وقالت مجموعة الدول الإفريقية في بيانها: “لا يمكن تحقيق السلام مع حركة سياسية تم تصنيفها على أنها جماعة إرهابية”.
وتابع البيان: "إن العنف الذي يعاني منه شعب وبلد إثيوبيا هو نتاج وجهات نظر متضاربة حول مستقبل البلاد، لقد اندلعت وتفاقمت أعمال العنف لأن أدوات منع نشوب النزاعات في البلاد وحلها، حتى الآن، لم تكن كافية لحل النزاع".
من جانبه، قال السفير الكيني لدى الأمم المتحدة مارتن كيماني، إن "البرلمان القادم يجب أن يستعد لرفع هذا التصنيف للسماح بالاتصال المباشر والتفاوض مع الجهات المسلحة المعارضة للحكومة"، مستنكرًا قيام النظام بقمع اتباع عرقية التيجراي من خلال قتلهم واحتجازهم كرهائن، مشيرًا إلى أن تصاعد التوترات السياسية في أجزاء أخرى من البلاد لن يحل الأزمة ، بل سيؤدي فقط إلى توسيع الانقسام ".
وفي سياق متصل، أعرب مراقبون دوليون عن قلقهم من أن الصراع في تيجراي قد يمتد إلى السودان المجاورة مع تزايد أعداد اللاجئين، مشيرا إلى أن الوضع الحالي في السودان لا يسمح باستضافة المزيد من اللاجئين.
وصرح خالد ضرار، أستاذ العلوم السياسية في مركز الراشد للدراسات الاستراتيجية بالخرطوم ، لوكالة أنباء "شينخوا" الصينية "السودان يعتبر أكثر دول المنطقة تضررا من أزمة تيجراي الإثيوبية".
وأضاف أن جنوب السودان يستضيف آلاف اللاجئين من إثيوبيا وإريتريا منذ سنوات، محذرا من الأثر الأمني لأزمة تيجراي على السودان، قائلا إن الحدود بين السودان وإقليم تيجراي تشهد حالة أمنية هشة، حيث أن استمرار حروب العصابات على الحدود قد يدفع السودان ليكون ساحة معارك.
وتابع أنه على الجانب السياسي، قد يؤدي الصراع في منطقة تيجراي إلى زيادة التوتر بين السودان وإثيوبيا.