عادل أسعد الميرى: رواياتى فى الغالب تسجيل وقائع لا مكان فيها للتأليف
نهاية العمل الأدبي أو ما يمكن أن نسميه إذا جاز التعبير "القفلة"، سواء في القصة القصيرة أو الرواية، أمر شديد الأهمية للكاتب والمبدع، وهو ما يطرح السؤال، هل نهاية العمل الأدبي تكون مسبقة في ذهن الكاتب، أم أنها تتغير من حين لأخر، أم أن سير السرد وحبكته، ومصائر شخصيات العمل الأدبي وموضوعه هي التي تفرض هذه النهاية؟ وغيرها مما يخص هذه الجزئية شديدة الأهمية في العمل الإبداعي الكتابي.
وحول هذا الأمر، قال الكاتب عادل أسعد الميري لــ "الدستور": كانت رواياتي هي في الغالب تسجيل وقائع، لا مكان فيها للتأليف، فعندما كتبت أول عمل لي يمكن أن يطلق عليه اسم رواية، وهو (كل أحذيتي ضيّقة)، كان العمل أقرب ما يكون إلى سيرة ذاتية سيكولوجية، تنتقل بي من الطفولة إلى المراهقة إلى سن النضج، بل وإلى سن الكهولة، ولم يكن في بالي إضافة أي عناصر مفبركة أو حكايات لم تقع فعلًا في حياتي، بل لم يكن هذا العمل إلا تسجيلًا مخلصًا شديد الإخلاص، لكل التطوّرات النفسية التي وقعت في حياتي.
واستطرد صاحب "بلاد الفرنجة": والعمل الروائي الثاني (لم أعد آكل المارون جلاسيه)، كان هو الآخر وصفًا تفصيليًا دقيقًا لجزء آخر من حياتي الواقعية، وهو لقائي بزوجتي الفرنسية، وكيف تطوّرت العلاقة بيننا إلى زواج، ثم كيف أصابها المرض العقلي أثناء رحلتها إلى الهند لدراسة اليوجا، وكيف تسبّب هذا المرض (الثنائية القطبية) في تحطيم حياتنا؛ بسبب الأزمات المتتالية، وبسبب أنها أثناء مرورها بإحدى الأزمات فقدت الوعي، وسقطت من الطابق الأربع وتحطّمت ساقاها، لم أضف إلى هذا العمل هو الآخر أي عناصر مفبركة أو مؤلفة، بل اكتفيت بذكر الحقائق كما عشتها.
والعمل الروائي الثالث (فخ البراءة) هو وصف لشخص حقيقي هو الآخر، كان من أقرب أصدقائي إلى نفسي، لا يزال يعيش في طنطا مسقط رأسنا، وكانت هناك عناصر كثيرة مشتركة بيننا من حيث البيئة الاجتماعية التي نشأنا فيها، ونوعية التربية والتعليم الذي حصلنا عليه، إلا أن الاختلاف بيننا كان في حقيقة أنه طوال حياته كان يدور في حلقات مفرّغة، ولا يستطيع أن يصل إلى أي إنجازات.
الرواية الرابعة (بلاد الفرنجة) تدور في وصف (كامل) الفرنسي الأب، والجزائري الأم، الذي رغم حصولة على ثقافة فرنسية لا تشوبها أي شائبه، بفضل ثقافة الأم المزدوجة، التي كانت مدرّسة لغة فرنسية، إلا أن كامل عانى من تعصّب المجتمع الفرنسي، وانتهى به الحال إلى الانتحار عندما بدأ في المعاناة من مرض الإيدز، هذا هو ما حدث في الواقع، وهو ما كنت أعرفه وأنوي عليه منذ أول كلمة كتبتها في ذلك النصّ.