خبراء يحللون.. كيف واجه الاقتصاد المصري التحديات؟
في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة مجموعة العشرين للشراكة مع إفريقيا، أكد أن الاقتصاد المصري أصبح قادرًا، أكثر من أي وقت مضى، على مواجهة التحديات التي تفرضها تطورات الأوضاع العالمية، وعلى تلبية احتياجات وتطلعات الشعب المصري.
وأوضح عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الدستور" عوامل قوة الاقتصاد المصري وصموده في مواجهة التحديات.
وقال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن الاقتصاد المصري أصبح متنوع من خلال القطاعات الكثيرة والمختلفة الذي أصبح يعتمد عليها، ولم يعد يعتمد على قطاع واحد أو محدد فقط كما كان في السابق.
وأضاف الشافعي، أن القيادة السياسية استطاعت أن تُسهل كل ما يحتاجه الاقتصاد المصري من التطور للصمود، وخلق المناخ الأمثل له من خلال بناء البنية التحتية وشبكة الطرق وكافة ما يستلزم لتطوره ويحتاجه من إمكانيات تم توفيرها لصالح مزيد من توطين المشروعات، وزيادة الطاقات الإنتاجية وجب مزيد من الاستثمارات.
القطاع الزراعي الفرع الأقوى والأهم للاقتصاد
وعن هذه المصادر المتنوعة للاقتصاد المصري، ذكر الشافعي أن منها القطاع الزراعي ومنها مشروع الدلتا الجديد الذي من المنتظر أن يدخل ٢.٢ مليون فدان إلى الخدمة مما تنتجه مصر بالإضافة إلى المنتجات الزراعية التي تنتجها مصر، وهناك منتجات زراعية بدأت في احتلال الأسواق الخارجية.
مشروع الدلتا الجديدة تبلغ مساحته الكلية 2.2 مليون فدان كمشروع تنموي متكامل، سيتم زراعة منه مليون فدان، والمساحة الباقية تتمثل في مشروعات مرتبطة بالثروة الحيوانية والتصنيع الزراعي والتعبئة والتغليف، ويعتمد المشروع على المياه الجوفية ومعالجة للصرف الزراعي، التي سيتم تجميعها في محطة معالجة قريبة من الحمام لإنتاج 6 ملايين متر مكعب يوميا، بتكلفة أكثر من 60 مليار جنيه.
وتابع: “بالإضافة إلى أنه جاري إحداث إضافة على المنتجات الزراعية التي تحقق عوائد إيجابية أكثر سواء بالنسبة للمزارعين أو الاقتصاد المصري”.
القطاع الصناعي
وأضاف الشافعي أن القطاع الصناعي كذلك يمثل درع قوي في الاقتصاد المصري من خلال المبادرات التي تطلقها الدولة في هذا القطاع من خلال مبادرة ١٠٠ مليار جنيه أو سداد الديون التي كانت متراكمة على المصانع المغلقة والمتوقفة، بالإضافة إلى تيسير كل عجلة التنمية في القطاع الصناعي، وتم إنشاء مدن صناعية متكاملة خلال الفترة الماضية.
واستكمل: “إلى جانب فتح آفاق جديدة أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال المجمعات الصناعية الموجودة، وتحقيق البحث والاستكشاف في كل ربوع مصر، حيث تسابق كبرى الشركات العالمية الزمن كي يكون لها دور في هذه الاستثمارات، وكذلك مشروعات مصر حاليا في التعدين وعلى رأسها الذهب حيث تشارك الشركات العالمية الكبرى لتضخ استثماراتها هنا في مصر في الذهب بكل أشكاله”.
وفي القطاع العقاري، ذكر “الشافعي”، أنه جاءت مبادرات إحياءه ومنها مبادرة التمويل العقاري وغيرها من مبادرات تسهل لزيادة الاستثمار فيه وكم العمالة المرتبطة بهذا القطاع الحيوي الهام.
مبادرة التمويل العقاري، وجه بها الرئيس السيسي وأعلن البنك المركزي المصري عن إطلاقه بسعر فائدة متناقص ٣٪ وأطول فترة سداد تصل لأول مرة إلى ٣٠ عامًا، وتتيح للمواطنين من محدودى ومتوسطى الدخل الحصول على سكن ملائم بأسعار مدعمة وعلى فترات زمنية طويلة الأجل.
قناة السويس وتطوير الموانئ
واستطرد الشافعي، أن الدولة ركزت الاهتمام كذلك في المناطق الواعدة سواء في قناة السويس وخاصة المتعلقة بصناعات البتروكيماويات أو المناطق الصناعية المتخصصة الموجودة، إلى جانب تطوير الموانئ وكيفية دخول وخروج الحاويات من وإلى القناة.
وتتضمن خطة تطوير الموانئ المصرية تنفيذ 58 مشروع وتشمل أعمال التطوير إنشاء أرصفة وساحات للتداول وأحواض جديدة ومناطق تجارية ولوجستية وتكريك الممرات الملاحية وأحواض الموانئ وربطها بشبكة خطوط السكك الحديدية والقطار الكهربائي، وتقديم كافة خدمات السفن، ومن بين الموانئ المستهدفة ميناء العين السخنة، حيث بدأت مصر خطة لتطويره بـ 20 مليار جنيه، بهدف تحويله لأكبر ميناء محوري على البحر الأحمر وفي الشرق الأوسط.
وأضاف أن الدولة أصبحت تعمل على توطين المنتج المحلي بديلًا للمستورد لتقليل الفجوة بين الصادرات والواردات وزيادة الاعتماد على المنتج المحلي من أجل تقليل الضغط على الاحتياطي النقدي الأجنبي.
وتابع الشافعي أن كل هذه المشروعات وأكثر تعطي دلالات على تمكين الدولة والاقتصاد المصري من الصمود أمام أي مواجهات قد تحدث، وكيفية معالجة أي خلل قد يكون لها تأثيرات سلبية على الوضع الاقتصادي.
استغلال الموارد غير المستغلة لعقود مضت
وأكدت الدكتورة هدى الملاح، خبير اقتصادي في الهيئة العامة للتخطيط العمراني، أن هناك عوامل كثيرة جعلت الاقتصاد المصري يصبح مكانته الحالية من القوة والصمود من خلال استغلال الموارد غير المستغلة في العقود الماضية والتي كانت تمثل كثرة وكانت مغفلة.
وأوضحت الملاح، أن من هذه الموارد الرمال السوداء التي تدخل في جميع الصناعات، والموجودة بكثرة على سواحل البحار ولم يكن يتم استغلالها في حين أن مصر تقع بين أكبر بحرين الأحمر والمتوسط، ولدينا مدن ساحلية كبيرة جدًا وبالتالي تتوافر هذه الرمال السوداء بالشكل الذي يتيح لنا استغلالها وتصنيعها ودخولها في المعادن وبذلك نصبح بلد مصنعة.
وبالفعل تنتقل الكراكة "تحيا مصر" إلى الشركة المصرية للرمال السوداء لبدء أعمال التكريك واستخراج 41 عنصرًا معدنيًا من الرمال السوداء، والتي يطلق عليها "الرمال المشعة" تدخل في 41 نشاطًا، منها صناعة هياكل الطائرات والسيارات وأغلفة الوقود النووي وأنابيب البترول والدهانات والأسنان التعويضية.
وأضافت أن توجهات الرئيس عبدالفتاح السيسي تأتي دائما للاستغلال الأمثل لكل ما تمتكله مصر وتشجيع الاستثمار فيه وهو ما يساعد على نمو الاقتصاد المصري، وخاصة الاستثمارات الأجنبية التي تدخل العملة الصعبة للدولة من خلال التدفقات الدولارية داخل خزينة الدولة، وكذلك توافر فرص العمل وانخفاض تكلفة العمالة والقضاء على معدل البطالة وبالتالي القضاء على معدل التضخم.
وأكدت الملاح أن الاقتصاد دائرة متشابكة لا ينمو إلا من خلال تكامل وتكافؤ كل الأطراف والجهات والوزارات، والتي بدورها تساعد في نمو المشروعات التي دفع بها ووجه بها الرئيس السيسي.
وذكرت أن من أبرزها المنطقة الاقتصادية بقناة السويس ومشروع غليون الخاص بالأسماك، ولا يمكن أن نغفل العاصمة الإدارية الجديدة فبدلًا من دفع الاستثمارات في الفيلات والعقارات الفاخرة في الخارج دفع المستثمرين إلى التوجه لها من خلال إتاحة المكان المجهز لكافة المتطلبات واستغلاله بالشكل الأمثل.
وأشارت الملاح إلى أن مشروعات الطرق والكباري تمثل شرايين الاقتصاد المصري فإذا لم يتاح الطريق الذي بأي مكان بين الدولة داخليا وبين المحافظات أو بين الدولة والدول الأخرى، لنقل البضائع داخليا وخارجيًا فلن يكون هناك تبادل تجاري لنقل البضائع والسلع بين المحافظات والقرى والمدن الأخرى المصدرة للخارج.