المسلماني: الإخوان ستخوض الانتخابات ولاضرورة للاحتفال بـ25 يناير و30 يونيو
قال أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس - في حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، اليوم السبت- إن الأسوأ أصبح من الماضي، وإن إقبال المواطنين على الاستفتاء نجاح كبير.
وأكد المسلماني، أن المائة يوم المقبلة هي مائة يوم حاسمة في ما يتعلق بخريطة المرشحين للرئاسة، وأيضًا خريطة الأحزاب التي تدفع بمرشحيها للانتخابات البرلمانية، معربًا عن أمله في أن تأتي القيادة الجديدة قوية.
وعن ترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، للرئاسة، قال المسلماني: أعتقد أن هناك فرصة كبيرة، وهذا منطقي، لأن الدول في أوقات الأزمات أو الصعود الكبير تحتاج إلى مواصفات قائد أكثر من مواصفات رئيس، على غرار نموذجي شارل ديجول في فرنسا وأيزنهاور في الولايات المتحدة.
وأضاف: أنا متفائل بالنسبة للمستقبل القريب والبسيط والبعيد، وأرى أن الأسوأ أصبح من الماضي، وفي نهاية المطاف سنكون إلى الأفضل. والخطوة المقبلة إما انتخابات رئاسية أو برلمانية، وسوف يحدد الرئيس ذلك، وتحدثت معه حديثًا في هذا الأمر، وهو لم يقرر بشكل نهائي أيهما أولاً. وهناك اتجاه بأن تكون الرئاسية أولاً، وهذه رغبة حزب الوفد وحزب الجبهة والتيار الشعبي وقوى سياسية أخرى، وهناك من يرى إبقاء الخارطة كما هي، وهذه رؤية التحالف الشعبي وبعض الأحزاب اليسارية وحزب النور والقوى السياسية الأخرى.. أي الأمرين سيقرر الرئيس؟ هذا سيتضح خلال أيام. وأيًا كان الأمر، أرى أن الإقبال على الاستفتاء مبشر جدًا.
كما أرى أنه في مصر تاريخيًا، وربما في العالم كله، هناك درجة شخصنة في السياسة لدى الناس، والذي يرى في السياسة أنها ليست فيها شخصنة هو في الواقع غير موضوعي، وإلا لما ركزت الانتخابات الأمريكية على نجمين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهي كلها صناعة سينمائية بحتة.
وفي مصر، كانوا يقولون في الماضي نريد أن ننتخب سعد زغلول أو (مصطفى) النحاس أو جمال عبد الناصر، وهذا يعني أن الأسماء كانت حاضرة دائمًا. والعائلات السياسية في النظم الديمقراطية العريقة، مثل عائلة كيندي، وعائلة بوش - والآن هناك تفكير في بوش الثالث - وهناك عائلات نهرو وغاندي في الهند، أو عائلات نواز شريف وبي نظير (بوتو) في باكستان.. وبالتالي فالعائلة السياسية والشخصنة موجودة.
وتابع: الناس اليوم في مصر ربما ينظرون إلى شخص الفريق السيسي من هذا المنظور، فهم يرون أن هناك ثورة ورمزًا لها هو الفريق السيسي، وبالتالي ربما هذا يحمسهم أكثر بأن يكون لديهم خيار واضح بشأن المستقبل. وتحدثت مع الفريق السيسي منذ أيام، وحسبما فهمت منه فهو لم يحسم أمره بعد، وقد يترشح أو لا يترشح للرئاسة. وإذا ترشح الفريق السيسي للرئاسة فأعتقد أن فرصه ستكون كبيرة، لأن الاتجاه كبير ناحية الفريق السيسي، وهذا منطقي لأن البلاد في أوقات الأزمات أو الصعود الكبير أو الهبوط الكبير تتطلع إلى مواصفات قائد أكثر من مواصفات رئيس. وهذا نموذج شارل ديجول في فرنسا وأيزنهاور في أمريكا، والكثيرون يتطلعون إلى الفريق السيسي رئيسًا، إذا ترشح وفاز.
والبعض يقول إنه يواجه تحديات خارجية، والبعض يقول إن هذه التحديات ستقل، وأنا في تقديري أن التحديات قائمة وهو في منصب الرئيس، وقائمة وهو في منصب وزير الدفاع، وقائمة وهو خارج السلطة؛ لأنها تحديات تخص الدولة المصرية وليس فقط شخص الفريق السيسي. وميزة أن تكون السلطة لها شعبية ولها تأييد حقيقي أنها تقوي المناعة السياسية للدولة المصرية في مواجهة الخارج والداخل أو الأعوان المحليين للخارج. فكرة الزعيم والقائد المنتخب ديمقراطيًا- وهو أكبر من أن يكون رئيسًا بطريق الصناديق- والذي عنده ما يسمى في علم السياسة "الكاريزما"، تعطي قوة كبيرة جدًا للشعب أن يؤازره، خاصة في مرحلة تقشف محتملة، فمن سيتحمل مرحلة التقشف.. وسيتحمل فاتورة تنمية حقيقية؟.. كل هذا يحتاج إلى أن يكون الشعب مؤمنًا بالقيادة لكي يتحمل القادم.
وتابع: ما فعلته جماعة الإخوان هو عكس ما كان ينبغي أن يحدث.. فإدارتهم لم تكن علمية أو أمينة على البلاد، وكل ما كان يهمهم الأصوات. وإذا كان الرئيس القادم كل ما يهمه هو التصفيق والأصوات فإن التصفيق سيغرق هذا الوطن، واستجداء الأصوات سيغرق الوطن أيضًا. وأتمنى أن تكون لدينا قيادة لا تلتفت للتصفيق ولا للأصوات، وربما لا تلتفت أصلاً للنجاح مرة ثانية، وأن يأتي كـ"جراح"، بمعنى أن يكون أمينًا في إجراء ما يلزم لهذا الوطن. أما إذا نظر مثل الرئيس السابق محمد مرسي إلى مغازلة كل الأشخاص، بمن فيها كما قال مرة "الحفاظ على سلامة المخطوفين والخاطفين"؛ إذا وصلنا إلى تملق حتى المجرمين والإرهابيين والذين يخالفون القانون في الشوارع والطرقات والمباني.. فإن التملق سيقتل المستقبل، واستجداء وعبادة الصناديق كلها أمور تقتل المستقبل، وأتمنى أن تكون هناك قيادة أقوى من الصناديق.
وقال: أظن أن الرئيس منصور سيحسم مسألة الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية أولاً قريبًا، بعد إعلان نتيجة الاستفتاء، لأنه لا يوجد وقت كثير، فكل هذا ينبغي أن يطبق في ظرف خمسة أشهر تقريبًا، أي 150 يومًا، ليكون لدينا رئيس وبرلمان. وانتخابات البرلمان والرئاسة، أيًا كان الترتيب، في كل الأحوال نتحدث عن أن الفارق بينهما سيكون شهرين وبضعة أيام.. عمومًا المائة يوم المقبلة هي المائة يوم الحاسمة، في ما يتعلق بخريطة المرشحين للرئاسة وأيضا خريطة الأحزاب التي ستدفع بمرشحيها للانتخابات البرلمانية، وبالتالي دخلنا بالفعل معركة المائة يوم الحاسمة بالنسبة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وتابع: في تقديري أن الإخوان سيدخلون هذه الانتخابات؛ لكن دخولهم قد يكون مع حزب معروف، والبعض يتحدث عن دخولهم مع أحزاب صغيرة، وقد يشارك الصف الرابع وليس الخامس منهم، أو يدخلون بأشخاص غير معروفين مع بعض الأحزاب بصورة فردية.
لكن تقديري كباحث في العلوم السياسية أن الإخوان سوف يخوضون الانتخابات القادمة في حالة القوائم أو الفردي ويتحالفون مع بعض الأحزاب الرسمية الموجودة في البلاد، وربما تتمكن المؤسسات السياسية من معرفة ذلك أو لا، لكنهم سوف يشاركون. وإذا ظهرت كتلة قوية فسوف يعلنون عن ذلك باسم جديد، لأن القانون يجرم الجماعة. إنما لو حدثت خسارة فادحة لهم فهم لن يعلنوا عن ذلك، لكنهم سوف يحاولون أن يكون هناك تمثيل لفكر الجماعة داخل مجلس الشعب.
وأضاف : بعد قانون الإرهاب (عد الجماعة تنظيمًا إرهابيًا) لم يعد ممكنًا أي تسوية مع هذا المصطلح "جماعة الإخوان المسلمين"، لأن هذه الجماعة بحكم القانون هي جماعة إرهابية، وبالتالي أصبح التفاوض السياسي وما إلى ذلك مستحيلاً من الناحية القانونية والسياسية.
وأنا شهدت قصة هذه المفاوضات منذ البداية، وكنت أحد الذين يتفاوضون مع الإخوان بعد 30 يونيو مباشرة، وكانت الرئاسة مطلعة على حديثي معهم. هم قبلوا الدخول في الحكومة، وكنا نتحدث عن حجم تمثيل الوزراء الإخوان في حكومة 30 يونيو، قبل أن يجري تكليف الدكتور حازم الببلاوي، وأثناء تكليفه كانت هناك مفاوضات.
إنما منذ أحداث الحرس الجمهوري، وحتى حادث المنصورة (تفجير مبنى الأمن) وما بعد ذلك، هذه كانت محطات فيصلية في مسار الجماعة، أدت في النهاية إلى أنه لم تكن هناك أي آفاق للحوار، وبعد حادث المنصورة وإعلان الجماعة "جماعة إرهابية" لم يعد ذلك ممكنًا قانونيًا. إنما أتمنى أن يحدث تطور بأن يكون مكتب إرشاد الإخوان في 2013 مثلما حدث مع (رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين) أربكان في تركيا، الذي خرج من التاريخ فيه، وجاء بعده (رئيس الوزراء التركي الحالي رجب طيب) أردوغان.. وأقصد أردوغان السابق وليس الحالي بمواقفه. هذا سيحدث إذا نجح بعض أفراد الجماعة في أن يسقطوا هذا الاسم ويخرجوا باسم جديد؛ لأنه اسم أصبح التعاون معه صعب جدا. والمسألة ليست الاسم فقط، فيجب أن يعكس الاسم الجديد تسامحا واعتدالا ووسطية، مثلما كانت جماعة الإخوان في السابق، وأن تجري إهالة الثرى على التيار المتطرف الذي أدخلها في هذا النفق المظلم. إذا نجحت الجماعة في الانقلاب على نفسها، والانقلاب على الذين أغرقوها في هذه الصدامات، فيمكن أن يكون هناك تطور في المستقبل. فصيغة الإسلام الحضاري والإسلام السياسي المعتدل هي الصيغة الأنسب لأن تكون شريكة في الحوار مع السلطة القادمة في البلاد، إنما لم يعد ممكنا بحكم القانون إجراء أي حوارات معهم.
وأضاف : شكل الخريطة العربية حاليًا فيه "3+1"، فالمملكة العربية السعودية على رأسها، ودولة الإمارات ودولة الكويت مع مصر، والدعم العظيم الذي قدمته المملكة وخادم الحرمين الشريفين ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل والأدوار السعودية في الحقيقة كان بالنسبة لنا أساسيًا في دعم الدولة المصرية بعد 30 يونيو. وكذلك الدعم الإماراتي كان أساسيًا أيضًا، وكذلك الدعم الكويتي وهذا يشكل مربعًا جديدًا- مع مصر- لشكل العلاقة إذا جاز التوصيف، وما بين هذا المربع وقطر توجد مسافات متفاوتة، والعلاقة مع تونس تذهب وتعود، والعلاقات مع ليبيا قوية رغم وجود بعض التيارات الإسلامية الموالية للإخوان وتأثيرها ليس كبيرًا وتحاول التأثير. لكن العلاقة مع الدولة الليبية الآن نحاول أن تكون أكثر قوة في المستقبل. أما العلاقة مع الجزائر فهي قوية جدًا، ووزير الخارجية قام بزيارة الجزائر أخيرًا. وكذلك العلاقة مع المغرب، ومع باقي الدول العربية العلاقة طبيعية.
وتابع: نحن تمنينا أن تكون قطر جزءًا من الصف الخليجي أولاً، ومن الصف العربي ثانيًا، ومن الصف الإسلامي ثالثًا. واندهشت لأن قطر أول دولة أصدرت بيانًا يشيد بـ30 يونيو، وأول دولة- وربما تكون الوحيدة- التي أشادت في بيان رسمي للخارجية القطرية بالقوات المسلحة المصرية وبالفريق السيسي تحديدًا. كما تلقينا اتصالات من قطر في الأيام الأولى لثورة يونيو، من الشيخ تميم، واتصالات من قطريين آخرين في الحكومة القطرية، وتصورنا أن هذا سيكون بداية مرحلة جديدة.. لكن للأسف الأمور لم تمض في هذا الإطار، وقطر أصبحت تدعم الثورة المضادة في مصر، وأصبح الأداء القطري موضع استياء شعبي قبل أن يكون رسميًا. إنما نحن نحرص على إعطاء الفرصة لآخر مدى، والسيد الرئيس قال إن صبرنا أوشك على النفاد تجاه قطر. وحتى اللحظة، مصر تعطي الفرصة تلو الأخرى، لكن كما قال الفريق السيسي فإن مصر لن تنسى من وقف معها، ولن تنسى من وقف ضدها. وسوف يكون هناك في وقت ما موقف، وأنا آمل ألا نصل إلى نقطة اللاعودة، وآمل أن قطر- لا سيما بعد الاستحقاقات السياسية القادمة- ستكون عندها فرصة لأن تعود للصف الخليجي ثم إلى الصف العربي.
وقال: في عهد مبارك لم تكن هناك أي أزمة مع أردوغان. وأنا لا أعرف كيف لأردوغان البراجماتي، الذي نجح نجاحًا كبيرًا في إدارة شئون بلاده في معظم السنوات الأولى ثم كان عمليًا وبراجماتيًا إلى أبعد الحدود مع إدارة مبارك والإدارات اللاحقة.. لا أعرف ما الذي دفعه ليكون أيديولوجيا إلى هذا الحد.. وكيف لشخص يدرك مقام وقيمة الدولة المصرية أن يتعامل معها هكذا. لا أعرف كيف حدث تحول من سياسي كان يعمل لتنمية بلاده بقوة إلى أن يصبح الآن عبئا عليها، وأصبحت الحريات هناك في مأزق، وأصبحت المظاهرات مستمرة والإطار الأخلاقي للنظام كله محل خطر ومراجعة. وأخشى أن يكون سقوط أردوغان هو سقوطا شاملا، لكن أخطر شيء هو تحول زعيم لدولة مهمة ورئيسة في الشرق الأوسط إلى خصم للشعوب العربية قبل أن يكون خصمًا لبعض الأنظمة العربية.
وقال: تقديري مبدئيًا أن وصف الربيع العربي غير علمي، وأقصد أنه وصف دعائي لأن كل نموذج يختلف عن الآخر، وكل تجربة مختلفة عن غيرها في الدول مرت بأحداث تغيير. إنما جرى التعميم الغربي لفكرة الربيع العربي استنادًا لفكرة ربيع براغ (شرق أوروبا).
والأمر الثاني أن الغرب هلل للربيع العربي، ولا أعتقد أنه يريد تقدم العالم العربي، لكنه أراد تسويق شيء ما. ولا أعرف ماذا وراء هذه الدعاية الضخمة للربيع العربي، وإنما الفكر الغربي بدأ ينحصر في هذا الإطار ويروج لفكرة أخرى كارثية، وهي حرب الثلاثين عامًا. والذي أقصده أننا أخطأنا حين قلنا الربيع العربي، وتعجلنا في الوصف طبقًا لتعبيرهم، والآن يجري الترويج لفكرة حرب الـ30 عامًا، على غرار ما حدث في أوروبا بين عامي 1618 و1648، والتي انتهت بصلح، وكانت حربًا مذهبية بين البروتستانت والكاثوليك، ومات فيها سبعة ملايين من دولة مثل ألمانيا تعدادها 20 مليونا، وهي كارثة. وبالتالي هم يبشرون بأنه لا خلاص للعالم العربي في المدى القريب، وأن القادم حروب مذهبية بين سنة وشيعة، وحروب قبلية، وحرب داخلية في المنطقة. وأرى في ذلك إشارة سيئة عمدية، وأرى أنها لن تحدث لأنها مفرطة في السواد في ما يخص العالم العربي. وبالعودة إلى ثورة يناير، أرى أنها ثورة عظيمة ومجيدة، أبرز مظاهرها تنظيف الميادين، وكانت جمعة قندهار أو جمعة القرضاوي (التي تجمع فيها الإسلاميون في ميدان التحرير وخطب فيهم خلالها الشيخ يوسف القرضاوي) بداية للثورة المضادة المنظمة من الخارج.