فى 5 أجزاء بهيئة الكتاب.. «الباز» يكشف فضائح الإخوان فى موسوعة «المضللون»
صدر حديثًا عن الهيئة العامة للكتاب، برئاسة الدكتور هيثم الحاج علي، موسوعة «المضللون.. وثائق أكاذيب جماعة الإخوان» في أجزائه الـ5، للدكتور محمد الباز رئيس مجلسي إدارة وتحرير جريدة الدستور، والذي تتبَّع فيه ما قيل فى حق الجماعة الإرهابية على مدار تاريخها تقريبا، منذ بدايتها من عام 1928 فى الإسماعيلية وحتى الآن.
وكشف الدكتور محمد الباز عن سبب عكوفه على المشروع الكبير الذي يعد الأهم في كشف فضائح الجماعة، رغم تناول الإعلام لكل الفضائح والفساد للجماعة عقب ثورة 30 يونيو 2013.
وقال «الباز» في مقدمة السلسلة، إنه يتناول الجماعة في السلسلة الحالية من عدة زوايا مختلفة: «الزاوية الأولى أن ما سمعته فى الإعلام ليس إلا نقدا للجزء الحركى للجماعة، وتفنيدا لما ارتكبت من جرائم وخطايا فى حق المجتمع المصرى وفى حق الإسلام، لكن ما لدينا هنا هو نقد للفكرة وتفكيك للمنهج وتركيز على المخالفات الشرعية والسياسية التى وقعت فيها جماعة الإخوان ولا تزال».
وتابع: «وأعتقد أن تفكيك عقل الجماعة من خلال الكتابات التى نقدتها فكريا مهم للغاية، لسبب بسيط أن هذه الجماعة بنت شرعيتها على أنها "جماعة المسلمين" وكل ما عداها ومن يقف على الجبهة الأخرى ليسوا مسلمين ولا يعرفون عن الإسلام شيئا، فمن المهم أن تعرف ماذا يقول العلماء المتخصصون فى العلوم الإسلامية عنهم، كيف يصفونهم، وما الذى يمسكونه عليهم من أثر سلبى لحِق بالإسلام».
يمكنك أن تعتبر هذه الكتابات كشفا للغطاء الدينى عن الجماعة، وأقول غطاء، لأن الجماعة تعاملت مع الإسلام كوسيلة، مجرد أداة تعمل من خلالها حتى تصل إلى ما تريد، وتحقق أهدافها التى هى دنيوية بالأساس ولا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد.
أما الزاوية الثانية: «أن ما سمعته فى الإعلام خلال السنوات الماضية تمت صياغته على أرضية من الصخب الذى أضاع كثيرا من المعانى والأفكار، للدرجة التى جعلتك أحيانا تحتار فى أمر هذه الجماعة، لكننا هنا نركن إلى ساحة النقاش الهادئ جدا الذى نديره مع من تصدَّوْا لأفكار الجماعة، والساحة هادئة لأن النقاش يدور من خلال طرح الحجج المنطقية التى تؤكد لنا فى النهاية أننا أمام جماعة فاسدة ومفسدة، ضالة ومضلَّة».
والزاوية الثالثة: «أن ما سمعته فى الإعلام خلال السنوات الماضية كان إلى حد كبير عشوائيا وغير مترابط، للدرجة التى جعلتك أحيانا تتشكك فى كل ما يقال لك، ما سأفعله هنا أننى سأضع كل ما كتب عن الجماعة فى سياقه السياسى والتاريخى، فلا نتائج بدون مقدمات، وعليك أن تعرف المقدمات التى دفعت كل هذا العدد من النخبة المصرية بمختلف اتجاهاتها إلى انتقاد الجماعة وإظهار عوارها وتوثيق عوراتها، حتى إذا وصلتَ إلى النتيجة تكون مطمئنا إلى أنها صحيحة وصادقة».
لقد نجحت الجماعة على طول تاريخها فى شيطنة كل من هاجموها أو انتقدوا مواقفها، وذلك حتى لا تأخذ منهم كلاما، ولا تطمئن إلى ما يكتبونه، جعلوا بيننا وبين من تحدثوا عنهم حاجزا من الشك والريبة، وقد يكون مفيدا أن نعرف من هم هؤلاء.
لا بدَّ أن نعرف دوافعهم ومناصبهم وقدراتهم العلمية وإمكانياتهم المنهجية وانتماءاتهم السياسية والوطنية، شيء من هذا يمكن أن يسهم إلى حد كبير فى هدم الجدار الذى يفصل بيننا وبينهم، الذى حرصت الجماعة على تعليته حتى لا يصل أحد إلى حقيقتها.
والزاوية الرابعة: «أن حصاد البحث والتوثيق عندما يكون موجودا فى كتاب واحد -حتى ولو فى أجزاء- سيكون مهما لاستكمال الصورة التى تمزَّقت عبر العقود الطويلة الماضية، لأننا سنكتشف أن ما ذكره علماء المؤسسات الدينية الرسمية فى مصر وتحديدا الأزهر والإفتاء والأوقاف، هو نفس ما قاله علماء الدين الذين يعملون خارج هذه المؤسسات، ويتفق تماما مع ما يذهب إليه المفكرون والكتاب والأدباء والمثقفون والصحفيون، ويتسق تماما مع شهادات السياسيين الذين تعاملوا مع الإخوان عن قرب، ويتماهى تماما فى النهاية مع ما سجله المنشقُّون عن الجماعة فى كتاباتهم ومذكراتهم».
وجاء الجزء الأول من هذا المشروع تحت عنوان «معركة الأزهر ضد الجماعة الإرهابية»، ويستعرض فيها بيانات مؤسسة الأزهر الرسمية التى تدين جماعة الإخوان، وكذلك الفتاوى التى صدرت عن قياداته، وهنا يكتشف أن أول مطالبة بحل الجماعة كانت من شيخ الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغى فى العام 1945، عندما أسست الجماعة قسما للفتوى، فرأى أنها بذلك تسعى إلى خلق مرجعية إخوانية للمسلمين بعيدا عن مرجعية الأزهر.
وستجد أمامك أول فتوى بإخراج أعمال الجماعة عن الإسلام بسبب ما ألحقته به من أضرار، وهى الفتوى المنسوبة للشيخ أحمد محمد شاكر فى العام 1948، ولن نترك هذه المساحة إلا بعد أن نثبت بيانات الأزهر التى تدين جماعة الإخوان الإرهابية فى عهد الدكتور أحمد الطيب.
ولن يكون غريبا أن تجد فى الجزء الأول ما كتبه الكاتب الكبير خالد محمد خالد فى كتابه الوثيقة «من هنا نبدأ»، رغم أنه لم يكن صاحب منصب فى مؤسسة الأزهر، ولكننى عمدت إلى ذلك لأن المؤسسة الأزهرية دخلت فى معركة مع خالد بسبب كتابه، ولم يكن هذا بسبب ما قاله عن الإخوان، وهذه قصة طويلة بالطبع.
فيما جاء الجزء الثانى تحت عنوان «دعاة مصلحون ضد الجماعة الإرهابية»، وخصِّص لكتابات واجتهادات علماء الدين المستقلين الذين لم يشغلوا مناصب فى المؤسسة الرسمية، وهؤلاء لهم كتاباتهم الكثيرة وأحاديثهم المتفرقة، وفيها كثير من الجرأة والشجاعة فى التصدى لأفكار الجماعة الإرهابية، فقد قالوا ما قالوه دون أن يلتفتوا إلى أن ذلك من شأنه أن يجر عليهم غضبا عارما من فئات لا تزال مخدوعة فى جماعة الإخوان الإرهابية.
أما الجزء الثالث فجاء بعنوان «مفكرون وأدباء ضد الجماعة الإرهابية»، وفيه عدد كبير من الكتاب والمفكرين والمثقفين والفلاسفة، وهؤلاء جميعا تحركوا ضد الجماعة من أرضية فكرية وفلسفية بحتة، رصدوا ما قالوه وما قاموا به، ووقفوا أمامه بالمرصاد، وفضحوه فى كتابات تاريخية، جرَّت عليهم المشاكل والاتهامات التى وصلت إلى التكفير، لكنهم صمدوا أمام هذه الاتهامات، لأنهم أدركوا أنها جزء من استراتيجية الجماعة فى هدم الخصوم وتشويههم لصرف الناس عنهم.
والجزء الرابع جاء بعنوان «شهادات المنشقين عن ضلالات الإرهابية»، وهو كتابات المنشقِّين عن الجماعة منذ بدايتها، وهى كتابات كاشفة بأكثر مما يتصور أحد، وأعتقد أنها مهمة لأن أصحابها اقتربوا من الجماعة بما يكفى، وعندما أدركوا كذبها وزيفها وخداعها وتهافتها خرجوا عنها وعليها، ولأنهم يمتلكون وعيا وحسا وطنيا خالصا، فقد قرروا أن يكتبوا شهاداتهم ربما لغرضين: الأول أن يطهروا أنفسهم من دنس الجماعة، والثانى تحذير الأجيال الجديدة من الانضمام إلى هذه الجماعة الضالة.
وفي الجزء الخامس الذي جاء بعنوان «سياسيون في مواجهة الخرافات الإرهابية »، وهذا الجزء معنيا فى الأساس بكتابات السياسيين الذين تفاعلوا مع الجماعة، ودخلوا مع قياداتها فى صراعات على أرض السياسة، وهى كتابات قد تكون بعيدة عن الأصول الفكرية للإخوان، وتهتم أكثر بالإطار الحركى لها، لكنها فى النهاية تضع أيدينا على أهداف الجماعة الحقيقية التى لم تعمل يوما من أجل مصلحة الوطن، بل كان كل ما يشغلها هو العمل من أجل مصلحتها فقط.