«لا تجعلني حقل تجارب».. لماذا رفض إحسان عبد القدوس سماع العندليب؟
ذكر الكاتب الصحفي الراحل إحسان عبد القدوس حكايته مع الفنان عبد الحليم حافظ والتي كان الكاتب الصحفي فوميل لبيب طرفًا فيها، وأوردها الكاتب الصحفي إبراهيم عبد العزيز في كتابه “إحسان عبد القدوس والرقص مع الشيطان”، والصادر عن دار بتانة للنشر والتوزيع.
يقول إحسان عبد القدوس: "عبد الحليم بدايته معي كانت غريبة جدًا، فى أوائل الخمسينات جاء إلىّ فى الإسكندرية الكاتب الصحفى فوميل لبيب، وكان من الزملاء الشباب الجدد فى ذلك الحين ـ وكنت فى ذلك الحين فى وقت راحتي فى"الكابينة" وقال لي: "يا أستاذ إحسان.. فيه مطرب جديد أحب أسمعه لحضرتك.. إيه رأيك؟"، فقلت له: "اسمع يا فوميل.. أنا فى إجازة، وأرجوك لا تجعلني حقل تجارب لمطربين ولا غيره".
يكمل عبد القدوس: "للأسف كان عبد الحليم يقف بجانب "الكابينة" فى انتظار فوميل لبيب، ورفضت أن أسمعه، ولكن استمعت إليه بعد ذلك وأعجبت به وأقنعني بفنه بسرعة غريبة".
وأضاف عبد القدوس: “كان إعجابي بعبد الحليم هو الذي أعطاني الفرصة لمعرفة الجيل الجديد الذي جاء معه كله.. مثل الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدى”.
ويواصل: "توطدت علاقتي بعبد الحليم بعد ذلك لدرجة أننى كنت أراه كل ليلة ونسهر معًا مع مجموعة كبيرة، وكنت أنا تقريبًا أول كاتب كبير يهتم بعبد الحليم صحفيًا ويكتب عنه ويعلق على ظهوره، وتطور عبد الحليم ونضج.. وأهم حدث بعد ذلك أنني اكتشفت أنه مريض، وخلق مرضه مشكلة بيني وبينه، بدأت أناقشه وأتشدد معه فى المحافظة على صحته.. وكنت ألاحظ التغيير السريع الذي يحدث له عند هجمات المرض، كنت أزوره فأجده يبدو فى حالة إعياء شديد وكأنه تبدل لإنسان آخر فى منتهى "الغُلب"، ويصبح كل ما يتمناه من الدنيا أن يُشفى من المرض.. وفجأة تجده تغير تمامًا لشخص آخر حين يشفى، فإنه فور وقوفه على قدميه ينسى مرضه تمامًا، ويتصرف تصرفات ضد صحته وضد مستقبله.. عبدالحليم انبهر بنفسه لدرجة أن انبهاره أنساه صحته.. وكنت أنصحه بأن يكون مثل محمد عبدالوهاب الذي كان يحافظ على صحته إلى درجة الوسوسة، عبدالوهاب اعتبر صحته جزءًا من فنه فحافظ عليها.. أما عبدالحليم فظل على علاقته السيئة بصحته، حتى اشتد عليه المرض ولم يستطع الطب السيطرة عليه".