مأساة جديدة..
لبنانيون لـ«الدستور»: السلطة الحاكمة تتحمل ما حدث في عكار.. والقادم أفظع
استيقظ اللبنانيون فجر اليوم على خبر مقتل 28 شخصا وإصابة 79 آخرون في انفجار ضخم بخزان وقود أثناء تجمع المواطنين بمنطقة عكار شمال لبنان، لتعود بهم الذكرى لما حدث في مرفأ بيروت في أغسطس 2020.
ولا تزال ظروف وملابسات حصول الانفجار غير واضحة بانتظار نتائج التحقيقات والاستماع إلى شهادات المصابين، الذين كان أغلبهم ممن تجمعوا حول الخزان، لتعبئة البنزين من مستودع مخفي اكتشفه عدد من المواطنين، ولم يتحدد بعد ما إذا كان انفجار الخزان حادثا عرضيا أم بفعل فاعل.
و للتعرف على ما حدث وسيناريوهات الأوضاع المقبلة فى لبنان، أجرى الدستور عدة لقاءات مع باحثين ورجال جيش ومواطنين:
عميد متقاعد: انفجار عكار مسؤولية السلطة
قال العميد الركن المتقاعد جورج نادر من جبهة ١٧ تشرين، إن الانفجار الذى حدث في بلدة التليل بعكار شمال هو ناتج عن تخزين عشرات الآلاف من اللترات من المازوت والبنزين، لافتا إلى أن بلدة التليل التى وقع بها الانفجار قريبة جدا من الحدود السورية.
وأضاف نادر فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن التخزين تتم بطرق غير شرعية ولا تستوفى شروط التخزين، مؤكدًا أن المحروقات مدعومة من قبل المصرف المركزى من جيوب المواطنين كى تشحن للمواطنين بالسعر المقبول ولكن لم يحدث هذا.
وأشار نادر إلى أن هناك جانبين ولذلك وقعت الأزمة، الجانب الأول هو تهريب المحروقات بشكل علني من قبل المهربين، الجانب الثاني التخزين فى الداخل اللبنانى وبيعه لاحقا بأسعار عالية جدا للمواطنين ومرتفعة عن الأسعار المقررة.
وأوضح نادر أن الانفجار الذى وقع فى صهريج البنزين يعود لأحد المواطنين وقام بتخزينه بشكل غير قانوني ولم يستوفي الشروط اللازمة للتخزين، ثم اكتشفت مجموعات من الثورة أن هذا الرجل خزن المحروقات بشكل غير شرعى وأبلغت الجيش، الذي أرسل دورتين من الجيش، صادرت نصف الكمية والنصف الثانى حاولت توزيعه للمواطنين بشكل مجانى، ويقال أن أحد الأشخاص أطلق النار على الخزان وفجره.
وأكد نادر أن المسؤولية تقع بشكل مباشر على الذى خزن وأطلق النار وإنما المسؤولة الأساسية هى من يحمى هؤلاء، لافتا إلى أن كل شخص يخزن المحروقات هو محمى من أحد النواب، لافتا إلى أن أحزاب السلطة هى التى تحمى المهربين والمحتكرين لذلك المسؤولية تقع على السلطة السياسية التى تسببت بأزمة المحروقات ولم تراقب التهريب ولم تمنعه ثم تأتى المسؤولة الثانوية على صاحب المخزن ومن تسبب بالانفجار.
وشدد نادر على أن السلطة السياسية هى التى اوصلت الشعب اللبنانى لأنها لم تؤمن له الحد الأدنى من المحروقات ولا المواد الأساسية من طحين ودواء، متابعا "الشعب اللبناني متروك لقدره، واليوم 25 قتيل و100 جريح وقعوا بانفجار عكار فمن يتحمل المسؤولية، كل نقطة دم أهدرت في عكار هي مسؤولية السلطة كلها نحن لا نعادي حدا ولكن على وقع الشعار "كلن يعني كلن" فكل السلطة وكل الأحزاب والسياسيين مشتركين فى ما حدث ".
باحث في الشأن الدولي: الفساد في لبنان ينخر مؤسسات الدولة
من جانبه، قال الخبير في الشأن الدولي والإعلامى اللبنانى طارق عبود، عقب قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة برفع الدعم عن المحروقات، واتفاقه مع القوى السياسية على تغطية قراره، امتنعت الشركات والمحطات عن بيع المخزون الموجود لديها بهدف مراكمة الأرباح الخيالية على حساب المواطن اللبناني، مع العلم أنّ هذه الشركات المستوردة للمحروقات مغطاة من القوى السياسية.
وأضاف عبود فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الأزمة انفجرت بعدما تم إذلال المواطنين على الطرقات وفي الشمس الحارقة، وبعد اعتكاف المسؤولين عن التدخل، ولا سيما الحكومة المستقيلة برئاسة حسان دياب، اضطر الجيش للتدخل ومداهمة مواقع التخزين والتهريب، وكانت المفاجأة أن كميات هائلة من الوقود مخزنة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وتمنع عن إعطائها إلى المواطنين الا عبر السوق السوداء.
وتابع عبود "تدخل الجيش مشكورا كان متأخرا، والقوى الأمنية والرقابية والجمارك وغيرها كلها كانت مقصرة في ملاحقة المحتكرين والمهربين.
وأكد عبود أن الانفجار الذي وقع فى عكار ستكون له تداعيات كبيرة على المستوى الاجتماعي والسياسي، مشددًا على أن كل القوى السياسية والقوى الأمنية تتحمل مسؤولية ما حصل في هذه المجزرة.
وتابع عبود "فإذا كان المواطنون يعلمون أسماء وأماكن تخزين المحروقات، وطرق التهريب، فمن البديهي أن تكون السلطة السياسية والقوى الأمنية تعلم أيضًا، لأن هذه وظيفتها، ولكن المزايدات السياسية والغطاء المنسدل فوق المحتكرين كان يمنع تدخل الدولة بأجهزتها لمحاسبة هؤلاء المجرمين".
واستدرك عبود "كما في الأحداث السابقة، لن تتم محاكمة أحد من المتركبين، بل ستسعى قوى سياسية إلى حمايتهم والدفاع عنهم كما في كل محطة".
واختتم عبود تصريحاته قائلا "الفساد في لبنان ينخر مؤسسات الدولة، لذا نحن نشهد هذا الانهيار الكبير الذي حصل، والذي سيؤدي إلى تحلل المؤسسات وإعلان لبنان دولة فاشلة بسبب هؤلاء المسؤولين والطبقة الاقتصادية المالية المحمية والتي تتشارك الأرباح مع الطبقة السياسية، والمحمية أيضًا من مرجعيات دينية طائفية، تعتبر أي مسّ بالمحتكرين هو مسّ بالطائفة".
أستاذ علوم سياسة: ما حدث فى عكار تتحمل مسؤوليته السلطة السياسية
فيما قال الدكتور علي دربج أستاذ العلوم السياسة اللبنانى، أن ما حدث فى عكار تتحمل مسؤوليته الطبقة السياسية التى لا زالت تكابر حتى هذه اللحظة وتتغاضى عن ما يتعرض له الشعب اللبنانى وتذهب إلى مصالحها فقط .
وأكد دربج فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن ما حدث فى عكار نتيجة تواطئ السياسيين وخصوصا من هذه المنطقة المحرومة تاريخيا والمتروكة والمهمشة والتي كانت فقط تستخدم فقط كمنصة للتحريض المذهبي وهذا ما جنته السلطة على الشعب اللبنانى.
وشدد دربج على أن حادث عكار دليل على أن تلك الطبقة تعيش فى واد والناس فى واد آخر، وهو فشل هذه المنظومة التى لا يمكن ان تستمر ويسقطها الشعب.
وتابع دربج "الانفجار هو تواطئ السياسيين وبعض النافذين مع المهربين وخاصة أن تلك الكمية المخزنة لا يمكن ان مخزنة دون علم السياسيين فنحن أمام كارثة فعليا بكل معنى الكلمة والآتي أعظم".
هيام فرج: انفجار عكار مأساة جديدة
ومن مدينة صور فى لبنان، قالت هيام فرج تعمل بمجال الجمعيات الاجتماعية، طغت مشهدية أزمة المحروقات في لبنان على كل ما عداها من مشهديات على الصعيد السياسي والاقتصادي والمعيشي، بحيث أصبحت أم الأزمات، إذ تشكل المحروقات الرابط الذي يوصل سلسلة الاقتصاد والاحتياجات .
وتابعت فرج فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه يلف الغموض هذه الازمة ، فهل هي حقيقية؟ هل هي مفتعلة؟ من افتعلها؟ الدولة ؟ الاخزاب؟ المهربون ؟ المواطنون ؟ مصرف لبنان؟ من المسؤول ؟ سؤال أصبح بلا جواب في بلد اللامسؤولية ".
وأضافت فرج أنه يضيف على هذه الازمة التقنين القاسي بإنتاج الكهرباء بحيث بلغت ساعات انقطاع التيار 22 ساعة في معظم المناطق، اضافة الى اطفاء المولدات الخاصة في كثر من المناطق بسبب نفاذ مادة المازوت.
وتابعت فرج "ما يثير الاستغراب تريث لبنان باستقدام النفط العراقي وعدم استعجاله باستيراده علما أن المعاملات أنجزت ولبنان بامس الحاجة اليه" .
ووصفت فرج انفجار عكار بالمأساة الجديدة، قائلة "مأساة اليوم فقد غطت على كل المآسي، فتعددت الروايات التي تحدثت عن سبب انفجار خزان محروقات كان قد صادرها الجيش ليقوم بتوزيعه على المواطنين في بلدة التليل في منطقة عكار البقاعية اما المعلومات الرسمية المتعلقة بحقيقة ما جرى فلم تصدر بعد".
واختتمت فرج تصريحاتها قائلة "هذا هو المشهد المبكي في لبنان الآن في ظل صراع أصحاب الكراسي على المناصب والحقائب ولسان الجميع ينطق بنفس التعبير الآتي أعظم، هل تستحي هذه المنظومة من دماء تنزف كل يوم ؟ أو ان هذه السلطة تستحق في ادنى تشبيه فيها انها لم تبلغ بعد سن الرشد".