رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وثالثهما الحوينى

يقولون في الأمثال الحديثة: "ما اجتمع الشيخان يعقوب وحسان إلا وكان الحويني ثالثهما" فهؤلاء الثلاثة يمثلون مدرسة جديدة في الضحك بعقول عامة المسلمين باللحية وطرحة الرأس والجلباب الأبيض، وقد سقطت هذه المدرسة سقوطا مدويا وعلى رءوس الأشهاد أمام المستشار محمد سعيد الشربيني رئيس محكمة أمن الدولة العليا.
ولكن من هو هذا الحويني الذي يمثل الضلع الثالث في مدرسة التجارة بالدين؟ الحويني هو رئيس جامعة النصب باسم الدين، واسمه الحقيقي حجازي محمد يوسف المولود في كفر الشيخ عام 1956 لأسرة رقيقة الحال، تخرج الطالب حجازي فى كلية الألسن قسم لغة إسبانية، والحق أنه تخرج بتفوق، فقد شهد له أساتذته أنه كان بارعا في الحفظ، وذات يوم بعد تخرجه رأى أن يغيِّر طريقة حياته، فبدلا من أن يعمل في مهنة تتعلق باللغة الإسبانية، قرر أن يعمل في مهنة أخرى اسمها "داعية إسلامي" فقد وجد أنها ستعطي له شهرة ومالا، هو الذي قال ذلك بنفسه، فذات يوم في سهرة ليلية اعترف اعترافات ليلية بأنه كان يروي لرواد المساجد أحاديث ضعيفة ويقول لهم إنها صحيحة، وقال في اعترافاته إنه كان يفعل ذلك لينال شهرة!! 
ما علينا المهم أنه لكي يتقن هذه المهنة كان يجب أن يظهر على الناس بشكل آخر غير شكله التقليدي، وأن يسمي نفسه باسم آخر، فأطلق لحيته، وارتدى الجلباب الأبيض، ووضع الطرحة على رأسه، وسمى نفسه "أبو إسحاق الحويني" وياله من اسم ديني جذاب، وقد كان موفقا أشد ما يكون التوفيق في اختيار هذا الاسم الجديد بعد أن شلح نفسه من اسمه المدني، وقد استلهم هذا الاسم من كنية سيدنا سعد ابن أبي وقاص خال الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد كان يُكنى بأبي إسحاق، ثم أضاف الداعية بلده إلى اللقب، وهو من "حوين" أحد أعمال محافظة كفر الشيخ، فأصبح أبا إسحاق الحويني، ونسي الناس اسمه المدني، إذ لا يجوز في نطاق الحياة الدينية أن يعود رجل الدين إلى اسمه الأول، ومع مرور الأيام أصبحت وظيفة الداعية هذه لا تليق بمقام الرجل، فقد قال لأتباعه الذين أخذوا في التكاثر إنه تلقى العلم من عالم الحديث ناصر الدين الألباني، أوَ يليق بمن تلقى العلم على يد الألباني أن يقف عند حد الداعية، لا والله إن هذا لا يجوز أبدا في عرف حجازي ورفاقه، فليكن إذن أحد العلماء، فأخذ أتباعه "والصييتة" الذين يصاحبونه في المساجد يقولون عنه: إنه عالم الحديث، لقد تلقى العلم على يد الألباني، وهو تلميذه النجيب، وقد أخذ إجازة من الألباني برواية الحديث.
وصدَّق الناس السُذج كلام "الصييتة" وتأثروا بتكبيراتهم أثناء إلقاء شيخهم دروسه، فما بين الفقرة والفقرة وعند بعض المقاطع المؤثرة يقول الصييتة في نفس واحد: الله الله، وفي الفقرة الثانية يقولون: الله أكبر، وبهذه الطريقة تدار العقلية الجمعية للجالسين في المسجد، فيتأثرون، وأثناء صلاة الجماعة يقرأ الشيخ، فيبكي الصييتة، ويتبعهم المصلون، فالبكاء يجلب البكاء، ويخرج الغافلون الأبرياء من المسجد وكل واحد منهم يقول: لقد غسلني الشيخ من الداخل، ثم مرت الأيام وأصبحت مسألة أن حجازي هذا هو عالم من العلماء فكرة قديمة بالية لا تليق الآن بمقام الشيخ، فقد كثر أتباعه، وانتشرت شرائطه، وأصبحت كتبه الأكثر مبيعا على أبواب المساجد، لذلك آن الأوان لكي ينتقل الشيخ إلى مرحلة أخرى، فليقل الصييتة إنه أعلم أهل الأرض في الحديث، وله الحق في عرفهم أن ينالها فقد مات الألباني، وشيوخ الحديث في الأزهر الشريف لا يملكون بضاعة التأثير على العامة، أما الألباني فقد عرف من أين تؤكل الكتف، يجب أن تقوم يا شيخ بتخويف الناس ليتبعوك، فأنت المنقذ من الضلال، والضال لا مثوى له إلا النار والعياذ بالله، فلتكثر من الحديث عن الحرام، هذا حرام وذاك حرام، وتلك هي أم المحرمات، لذلك كان من فتاويه: الستائر التي تغطي الحوائط حرام، وأموالك في البنوك حرام في حرام، والسفر لغير ضرورة لأوروبا أم المحرمات، والد صديقك يعمل في فندق يقدم الخمور؟ إذن إياك أن تأكل في بيت صديقك هذا فطعام هذه الأسرة حرام، تعليم البنات في المدارس والجامعات حرام إلا إذا كانت إدارة الكلية من النساء من الألف إلى الياء، حتى حرس الجامعة يجب أن يكن من نون النسوة، يوسف إدريس هو الحرام، توفيق الحكيم ذات نفسه حرام، ونجيب محفوظ أبو الحرام، لا تأكل في هذا المكان وإلا ستذهب للنار، ولا تشرب في المكان الآخر وإلا ستحرم من الشرب من أنهار الجنة!!.
والغيب مجهول عند الناس، والناس تخاف من المجهول، فهي لا تعرف ما فيه، ولكي تسيطر على عقول الناس يجب أن تسيطر على مشاعرهم، ولكي تسيطر على مشاعرهم اجعلهم يعيشون في خوف قاتل من المجهول، واربط نفسك بفك طلاسم الغيب، أنت وحدك الذي تعرفه، أنت الذي ورثت علم الأولين، أنت إمام أهل السلف وأستاذ الشيخين حسان ويعقوب، فهم يقدمونه بهذه الصورة، أنت تتبع الأولين شبرا بشبر، والأولون مقدسون دائما، وعلى صواب دائما، وأهل حق دائما، وطالما أنهم قالوا فقولهم يجب أن يُتبع، وأنت أيها الشيخ ترجمان الأوائل، أنت أيها الشيخ، يا أعلم أهل الأرض في الحديث الذي تنقل للعامة علمهم، وتقول للعامة عليكم بالاتباع، اتبعوا العالم، اتبعوني فأنا العالم، لست العالم فحسب، ولكنني أعلم أهل الأرض، فمن أنت أيها التابع الفسل حتى تقارن نفسك بهم، خذ ما يقوله الشيخ وأنت مغمض العينين نضمن لك الجنة، فإن ناقشته أو انتقدته أو رفضت رأيه فلك الويل والثبور وعظائم الأمور، وستنال من سخام شتائمه ما لاطاقة لك بتحمله، فقد عُرف هذا الرجل بطول اللسان، انتبه أيها الناقد الأثيم فلحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، فإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه الله تعالى قبل موته بمرض القلب.
ثم تمر الأيام وتصبح وظيفة أعلم أهل الأرض في الحديث لا تليق بمقام الشيخ، فقد تجاوزها، إذ يبدو أن الله أعطاه من كل علم سببا، فأتبع سببا، فليكن الشيخ هو الأعلم فحسب، أعلم أهل الأرض، دون أن يقترن هذا العلم بفرع من الفروع، فقد طالت اللحية وكثرت الأموال، والشيخ الآن يمتلك قناة فضائية، يجري على شريطها أسفل الشاشة إعلانات المقويات الجنسية، والأعشاب الطبية لكافة الأمراض، وإعلانات عيادات الحجامة، والناس الآن أصبحوا بين أصابع الشيخ، كل الذي يقوله هو الحق بعينه، يقول التصوير حرام، والتماثيل ولو كانت ألعابا للأطفال فهي محرمة لأن لها ظل، وكل ما له ظل عند الشيخ حرام، وتصوير الناس الصور الفوتوغرافية لا يجوز إلا للضرورة والضرورات تبيح المحظورات، إذن هل التصوير بكاميرا الهاتف المحمول حلال؟: لا إنه حرام إلا للضرورة... حتى ولو كان فيديو؟ نعم حتى ولو كان فيديو إلا للضرورة.
ولكن الشيخ يحضر احتفالات دينية، تقام في سرادقات يضع أتباعه فيها صورته، ويجلس الشيخ تحت الصورة، ولم ينه عن ذلك، فهل حلال على بلابله التصوير، حرام على الطير من كل جنس؟.وقناة الشيخ الفضائية مليئة بالصور، وهو يطل علينا من خلال التصوير المتحرك السينمائي، هذا يا أخي حلال للشيخ، وأين يضع الشيخ ملايينه؟ يضعها في أحد البنوك، ولكن في فرع المعاملات الإسلامية، والشيخ يحرم الالتحاق بكلية الحقوق لأنها تقوم بتدريس القوانين الوضعية، ثم يقوم في ذات الوقت بالذهاب إلى أحد المحامين ليرفع له قضية وفقا للقانون الوضعي ضد خصوم له ينتقدونه، وحينما عرف أن الناس بدأوا يتناقلون فتواه بتحريم الدراسة في كلية الحقوق قام بتغيير فتواه، فلجوءه إلى القضاء ليتحاكم وفقا للقانون الوضعي سبب له حرجا، الآن يجوز الدراسة في كلية الحقوق، ويجوز العمل وفقا للقانون الوضعي، ولكن لكي يصبح الأمر مقبولا من الذين حرَّم عليهم ذلك قديما فيجب أن يضع بعض المحاذير.
وتخرج الفتاوى من الشيخ الواحدة تلو الأخرى، يجب أن نجاهد جهاد الطلب، أي نخرج من بلادنا ونذهب لبلاد الغرب، فنفتحها، ونسبي نساءها، ونستعبد ولدانها، ونأخذ أموالها، فيصبح اقتصادنا أقوى اقتصاد في العالم! والدواعش يسمعون من أعلم أهل الأرض، وهم يحبونه ويتبعون فتواه، ولكن انتظروا، سيقدم لنا الشيخ فاصلا طريفا، النقاب فرض على النساء، يجب على النساء أن يقوموا بتغطية وجوههم، فالشيخ يقول: وجه المرأة كفرجها، ولكن انتظر، فأنت تقول إنه يجوز للمرأة أن تقوم بإرضاع الرجل الكبير الغريب عنها ليكون محرما عليها!! هه؟! إرضاعه؟! نعم إرضاعه مالك وقد أخذ العجب منك مأخذا، فليكن يا مولانا ستقوم المرأة بإرضاع الكبير الغريب، ولكن كيف ستقوم بإرضاعه؟ يقول الحويني: يجب أن يلتقم الرجل الكبير ثدي المرأة ويمتص اللبن من حلمة ثدييها، ويجب أن تكون الرضعات خمس مشبعات، يا الله!! أيكون الوجه عند الشيخ عورة، وهو يتساوى مع فرجها، يجعل الشيخ وجهها حراما، وثديها مباحا، هذا هو فقه التفخيذ لأبي إسحاق اللذيذ.