انتحال صفة.. «الدستور» تحقق في ممارسة الطب بدون تصريح
أسابيع قليلة كانت تفصل منى جمال، ثلاثينية، عن حفل زفافها الذي بدأت تجهيزاته قبل عامين من الآن، ومع ضيق الوقت وقرب موعد الزفاف، نصحتها صديقاتها بالذهاب إلى أحد مراكز التجميل التي تعرض كغيرها عروضًا على جلسات مكثفة لتفتيح الجسم وإزالة الشعر، وبعد إلحاح قررت أن تذهب إلى أحد تلك المراكز إنجازًا للوقت.
أوضحت منى: "أول ما بدأت تلك الجلسات لتفتيح البشرة وتنظيف الجسم بالكامل، أخبرت الفتاة المسئولة عن تنفيذ الجلسة، بأن بشرتي من النوع الحساس وعليها أن تخفض درجة حرارة الجهاز المستخدمة لأني لا أتحملها، وما كان رد الفتاة سوى أنها على دراية كافية بعملها".
وتضيف: “بعد انتهاء الجلستين الأولى والثانية ظهرت علامات احمرار في كامل جسدها، ومع الوقت أخذت هذه العلامات في ازدياد وتفاقم الأمر إلى حد أصبحت معه لا تتحمل ملامسة الملابس إلى جسدها، فذهبت إلى طبيب جلدية لاستشارته، أخبرها بأنها تعرضت إلى حروق جلدية جراء عمل جلسات التفتيح وإزالة الشعر”.
وقعت منى ضحية أشخاص يتاجرون بالأرواح من أجل جمع المال والتربح من وراء انتحال صفة طبيب، ولم تكن هي الضحية الوحيدة، فهناك غيرها الكثيرون.
من هنا تفتح «الدستور» قضية انتحال صفة الأطباء، والعقوبة القانونية التي تقع على هؤلاء الخارجون على القانون.
القبض على شخص ينتحل صفة طبيب بالمنوفية
منذ بضعة أيام أعلنت إدارة العلاج الحر بمديرية الصحة بالمنوفية، بقيادة الدكتورة شيرين مسعد، إنه تم ضبط شخص ينتحل صفة طبيب بمركز علاج طبيعي وتغذية علاجية غير مرخص بمركز أشمون، إذ ورد بلاغًا إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الصحة يفيد بوجود شخص ينتحل صفة الطبيب ويمارس مهنة الطب والعلاج الطبيعي بمركز طبي بقرية جريس مركز أشمون.
قانون مزاولة الطب
ينص قانون مزاولة مهنة الطب رقم 415 لسنة 1954 وتعديلاته، على حزمة عقوبات لعدة مخالفات، منها مزاولة المهنة دون وجه حق، وانتحال لقب طبيب، منها المادة 10 التي تضمنت على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زوال مهنة الطب على وجه يخالف أحكام هذا القانون، وفى حالة العود يحكم بالعقوبتين معا»، مع غلق العيادة ونزع اللوحات واللافتات ومصادرة كل ما يتعلق بالمهنة.
ولم يختلف تفاصيل ما حدث مع محمد إسماعيل، ثلاثيني يعمل بإحدى شركات القطاع الخاص، الذي شعر بأعراض فيروس كورونا خلال الموجة الثانية من الجائحة، ونظرًا لطبيعة عمله التي تجبره على التواجد في الشارع والأماكن العامة طوال اليوم، بدأ يتأكد من إصابته بالفيروس.
وعلى إثر هذه الأعراض توجه "إسماعيل"، إلى أحد الأطباء في قريته بمدينة المنصورة الذي شخص حالته بإصابته بالفيروس ويجب أن يتبع البروتوكول المخصص لفيروس كورونا، ويقول: "كتب لي الطبيب روشتة بالبراشيم والأدوية، وطلب مني امشي عليها".
بعد أيام من تناول الأدوية بدأ يشعر بتأخر حالته الصحية عن ذي قبل، فضلًأ عن شعوره بالتعب والغثيان بعد تناول الدواء مباشرةً، مستطردًا أنه ذهب إلى طبيب آخر كي يعرض عليه الأمر، وهو ما أكد له أن الأدوية التي كان يتناولها ليس لها علاقة ببروتوكول كورونا وهي السبب في تدهور حالته إلى هذا الحد.
يقول إسماعيل: "بدأت اتابع مع الدكتور الجديد، وبمرور الوقت شعرت بالتحسن، وطلب مني أن يعرف اسم الشخص الذي كتب لي تلك الأدوية كي يتأكد من صفته كطبيب وبالفعل لم يتعرف عليه، وطلب مني أن التأكد من موقع وزارة الصحة كون هذا الشخص مدرج كطبيب أم لا، وبالفعل لم يرد اسمه في قوائم الموقع الرسمي".
المادة 11 من مزاولة المهنة
نصت المادة 11 من القانون، على أنه «يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة، كل شخص غير مرخص له في مزاولة مهنة الطب يستعمل نشرات أو لوحات أو لافتات أو أية وسيلة أخرى من وسائل النشر إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور على الاعتقاد بأن له الحق في مزاولة مهنة الطب، وكذلك كل من ينتحل لنفسه لقب طبيب أو غيره من الألقاب التي تطلق على الأشخاص المرخص لهم في مزاولة مهنة الطب، كما يعاقب كل شخص غير مرخص له في مزاولة مهنة الطب وجدت عنده آلات أو عدد طبية ما لم يثبت أن وجودها لديه كان لسبب مشروع غير مزاولة مهنة الطب».
من يمارسون الطب أصبحوا أكثر من الأطباء
الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، أكد على أن الكثير يقومون بانتحال صفة الطبيب من أجل البحث عن المال، كما ان هناك العديد من البلاغات المقدمة في هذا الشأن، لذا يحتاج الأمر إلى إعادة ضبط وهيكلة تنظيمية وإدارية لمنظومة الصحة من جديد.
وأضاف عضو مجلس نقابة الأطباء، أن أزمة انتحال صفة الطبيب أصبحت عادية لدرجة أن عدد الأشخاص الذين يمارسون الطب أكثر من الأطباء نفسهم وذلك بحثُا عن الربح السريع، مؤكدًا على أهمية دور الرقابة ودوريات التفتيش المستمر، مقترحًا عمل شرطة خدمات لأن هناك تهاون كبير في التعامل مع المرضى بشكل عام.