«كنت بضعف قدام سنانه النظيفة».. اعترافات صباح عن الطفولة والحب الأول
استقبلت عائلة الفنانة اللبنانية صباح نبأ مجيئها للحياة بأسوأ ما تستقبل به مولودة، بكاء وعويل وصراخ وعتاب لأنها البنت الثالثة بينما كانوا يأملون في صبي، قالت والدتها:" لماذا يا إلهي بنت؟، لماذا لم تكن ولدًا"، وبعدما أفاقت والدتها تأملت وجهها وقالت باكية: "وقبيحة أيضًا يا ربي".
ومع مرور الأيام أصبحت الشحرورة فرضًا قائمًا وحقيقة "مُرة"، حيث قالت في حوار مع مجلة الشبكة اللبنانية:"فماذا كانت أمي تستطيع أن تفعل بي، تقتلني مثلا؟ ولإحساسي بأنني إنسانة مغضوب عليها، بدأت ألفت النظر إلي، وبدأت أعكس عدم الرضا عني إلى سخط على من حولي، وعفرتة؟"
بدأت صباح تستغل ذكائها في إزعاج الآخرين، حيث تصب الماء على الجيران، تختار الأذى لأي عجوز لا يستطيع أن يجر خلفها، قالت: "وكان الناس يشكون لأمي، لكن أية علقة لم تكن تردعني، وفرّ الجيران، عزلوا".
كان والدها يحاول أن يسلك سلوكًا آخرً، حيث بدأ يحنو عليها لكثرة ما أوذيت، وأرسلها إلى مدرسة "الجيزويت" في العاصمة بيروت، ولكنها لم تستطع مع ذلك التخلي عن "العفرتة" بين يوم وليلة، قالت: "لهذا كانت مدرساتي يضعنني في أول مقعد من الفصل حتى يضمنّ مراقبتي، وسكوتي".
كان للفنانة اللبنانية صباح شقيقًا يصغرها بسنوات قليلة، وقد أصيب بداء في المعدة ألزمه الفراش لأشهر معدودة، فكان من فرط الحمى يغمض عينيه، ولكنه يعرف كل قادم من وقع أقدامه ومن حفيف صوته إذا همس، فيناديه باسمه ويحدثه، وكان بينه وبين صباح حب كبير؛ فقد كان الوحيد الذي لا يعرف أنها مكروهة، وكان ينظر إلى شقاوتها على أنها مطمحه إذا ما غادر الفراش.
وبعد أن شفي الصبي وخرجت به صباح إلى الحديقة لترفه عنه، كان الجو باردًا، فانتكس مجددًا وعاد إلى فراشه وانتابته حمى شديدة انتهت بالتهاب رئوي، ثم مات بعد أيام قليلة، وظلت تبكيه من قلبها لسنوات.
الحب الأول
قالت “الشحرورة “ إنها تعرفت على حبيبها الأول عندما سمعت أن إذاعة "صوت أمريكا"، تستقبل الفنانين في بيروت، وتسجل لهم أغنيات نظير أجور، فذهبت إلى الإذاعة لتطلب تسجـــيل بعض الأغنيات، فأدخــلوها إلى مكتب المدير وكان اسمه كنعان الخطيب، وبمجرد أن رأته وقعت في حبه.
الفنانة الراحلة قالت: “كان الخطيب وسيمًــا حلو الكلمة تنشق شفــتاه عن أسنان كاللؤلؤ خاصة أنني أضعـــف أمام الأسنان الجميلة النظيفـــة، فالأسنان هي واجهــة الإنسان، ومن أسنانه تستطيع أن تحكم على نظـــافته النفسية، والجســدية معًا، وشعر كنعان أنني أتحدث عن كل شيء إلا الأغاني، ولا أنظر إلى آية جهة إلا إلى فمه وأسنانه ففهم أنني وقعت في حبه، فبادلني الوقعة بمثلــها، وبدأ يحــدثني عن الأدب والفن والجمال، ويشفـع حديثه بأبيــات من الشعر".
أضافت: “وفجأة مــد يده إلى جيب سترته الداخلية، كأنه يريد أن يخــرج محفظــته فانـــزعجت وكــدت أصـــاب بخيبـــة الأمـــل، لولا أنني رأيته يخــرج بدلًا من محفظـــته قصـــبة، أي "ناي" ، واكتشـــفت أنه مدير إذاعة ”صوت أمريكا"، شاعر وفنان وعازف ناي وأستاذ لغة إنجليزية، ومفســـد أخــلاق المطربات عند اللزوم، ورحــت أدرس على يديه جميع الفنون، وفي مقدمتها اللغة الإنجليزية، وإن كنت أحسنت أداءها بعد ذلك فالفضل يرجع إلى حبيبي ومعلمي كنعان الخطيب".
وأكملت: "أقول حبيبي لأنه كان أول حب حقيقي غــزا قلبي وسرى في دمي وأسر كياني، ولم يعد كنعان يطيــق فراقي لحظة واحدة، فراح يتردد على بيتنا، ويمضــي معظم سهراته عندنا، وتطورت علاقتي به بعد أن تبلــورت أفكاره عن طلب خطـــير هو أن اعتـــزل الفن وأصبح شريكة حياته، وقال لي وقتها إن ما أربحه من مال يهــدر على أهلي، إذن ما الفائدة".
وتابعت "وكدت أقتنع أنا الصغيرة، التي تحولت في نهاية المطــاف إلى لعبة بيديه، خصوصًا وأنه كان يكبــرني بعشرين عامًا، ولكني تراجعــت في اللحظة الأخيرة عندما تبينت أن حبي لأهلي لا يفوقه أي حب في الدنيا، وأني أفضل أصغر فرد في عائلتي على أكبر سلطان على قلبي، لأن حبهم متغـــلغل في عروقي، واعتـذرت من كنعان، وقلت له "لن اعتزل الفن"، فقال": "أنت حرة في عدم اعتـــزالك الفن، ولكن هل أنت حرة في اعتـــزال حبي؟”، فأجبت "لا، سأظل أحبك إلى الأبد، وليعـــذرني إذا لم أحبه إلى الأبد”.