«يتسلل إلى خياشيم تفكيرك».. ماذا قال محمد مستجاب عن توفيق الحكيم؟
تحل اليوم الذكرى الـ34 لوفاة الكاتب والأديب توفيق الحكيم، الذي رحل عن عالمنا في 26 يوليو لعام 1987 بالقاهرة، ويعد الحكيم من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث، وكانت للطريقة التي استقبل بها الشارع الأدبي العربي إنتاجاته الفنية، بين اعتباره نجاحا عظيما تارة وإخفاقا كبيرا تارة أخرى، الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب توفيق الحكيم وفكره على أجيال متعاقبة من الأدباء.
وفي مقال للكاتب الراحل محمد مستجاب بجريدة "أخبار الأدب" بعددها الصادر بتاريخ 22 نوفمبر 1998، كشف فيه: لعل توفيق الحكيم هو الكاتب العربي - الوحيد - في العصور الحديثة، الذي تحس أن نفسه - بفتح النون والفاء يتسلل من سطوره إلى خياشيم تفكيرك، عرفته مبكر ومبكر جدا قبل أن أنتبه إلى الفرق بين كافة فنون الإبداع أي بين المسرح والقصة والرواية وقصيدة الشعر، ثم بين كل ذلك والحوادث التي تنشرها الصحف.
وأوضح مستجاب خلال المقال أن توفيق الحكيم تحمل قضايا عصره السياسية والاجتماعية، وهو الذي ضرب التاريخ من عنقه أسطوريا مثل إيزيس وأهل الكهف، وواقعيا مثل الصفقة، وألقى به جميلا راقيا ورقيقا على خشبة المسرح، مؤكدا أنه حرث أرض الإبداع مبكرا دون تعصب لنوع من الفن ضد نوع آخر، فألقى بالبذور في الأرض المحروثة، لتنمو في أفق الثقافة العربية ما لم يحدث من مبدع قبله أو بعده.
واستطرد أنه كان كاتبا جميلا مثيرا للانتباه حتى لو كان معاديا أو صادما، فأخطر من هذا التنوع عند توفيق الحكيم كان أسلوبه النثري أو الحواري ذي الجمال الحلو الأخاذ قادرا على أن ينفذ - بصفته فنا - داخل الجوانح لنستمتع به مع العقل في رقصة متفاعلة، ذات أثر في كل المبدعين من كل الأجيال.
وذكر مستجاب أن توفيق الحكيم ظل حبيبا لمتذوقي الفنون دون عداء أو عناء، أي لم يجابه ما واجهه طه حسين أو العقاد، كان ذكيا رفض الانضمام إلى أي حزب قبل الثورة حتى يمكنه أن يستمر ذا رؤية شاسعة تشمل كل العناصر، سخر من الأحزاب ومن التكتلات السياسية والاغتيالات والمباحثات والسلطات والأفكار المتطرفة والتجارة بالأخلاق والدين، مضيفا: أنه ظل مبتسما، رقيقا، رفيقا، يحمل في قلبه أثر الاهتمام بالدنيا، وبمن يسعى فيها، وعلى رأسهم المبدعون، لقد كان أبانا الذي علمنا كيف نمسك بالقلم، وكيف نستخدم العقل، ونجح نجاحا عظيما.