سياسي تونسي لـ«الدستور»: حركة النهضة تعيش حالة صدمة ولا تدرك حقيقة التظاهرات
تشهد تونس احتجاجات مستمرة ضد حركة النهضة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية بسبب سياستها التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية منذ صعودها إلى السلطة عام 2011، وزاد الأمر سوءا أزمة وباء كورونا.
وفي حوار خاص لـ"الدستور"، أكد الأستاذ الجامعي والمحلّل السياسي التونسي الدكتور فريد العليبي، أن التظاهرات التي خرجت ضد حركة النهضة في تونس هي تظاهرات شعبية لأنها تتحمل المسؤولية عما آلت إليه الأمور في البلاد، وإلى نص الحوار:
كيف تقرأ التظاهرات التي خرجت في تونس اليوم ضد حركة النهضة؟
- مظاهرات شعبية شاركت فيها جموع واسعة من المحتجين أغلبهم من الشبان الذين لا أمل لهم في الشغل والصحة والتعليم وقطاعات أخرى.. ولا ثقة لهم في الحكام، كما شملت ولايات كثيرة شمالا وجنوبا، شرقا وغربا في الوقت نفسه، ودارت الشعارات المرفوعة حول الأوضاع المعيشية والصحية والتنديد بالمنظومة الحاكمة وخاصة الحكومة والبرلمان، وهناك استهداف مباشر لحركة النهضة الإخوانية فالمتظاهرون يحملونها المسؤولية على تردي أوضاعهم على مختلف الأصعدة.
ورغم أن الداعين إلى هذه المظاهرات لا يزالون مجهولي الهوية السياسية، فقد وجد أغلب المتظاهرين في تلك الدعوة فرصة للتعبير عن غضبهم وسخطهم تجاه النظام الحاكم بل حتى على المعارضة البرلمانية التي اعتبروها جزء من النظام نفسه.
وهذه المظاهرات غير منفصلة عن الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها تونس قبل حوالي نصف عام وتم قمعها بقسوة فهى مواصلة لها ولكنها ذات طابع سياسي صريح وتمثل موجة أخرى من موجات مقاومة النظام الحاكم باعتباره عنوانا للفساد والاضطهاد.
هل تتوقع أن تتسع دائرة الاحتجاجات الفترة المقبلة وتأخذ مسارات أخرى؟
- من المرجح اتساع نطاق تلك المظاهرات واستمرارها بوتائر مختلفة صعودا وهبوطا ويمكنها جذب قوى مترددة إليها وهناك من القوى السياسية والنقابية التي قد ترى فيها فرصة مناسبة لتصفية الحساب مع الإسلام السياسي وحلفائه وإذا ما انحاز إليها عمليا الاتحاد العام التونسي للشغل ودعا إلى الإضراب العام فإن الخطر على الحكام الحاليين سوف يكون كبيرا ولن ينفع في الحد منه القمع الذي واجهت به السلطة اليوم المتظاهرين.
كيف تقرأ رد حركة النهضة على التظاهرات واتهام المشاركين فيها القيام بعمليات إرهابية؟
- كانت حركة النهضة حتى ساعات قليلة قبل تفجر المظاهرات مستهينة بالدعوة إليها، مزهوة بشعبية كاذبة، بما يذكر بما كان عليه حزب زين العابدين بن علي قبل انتفاضة 17 ديسمبر 2010، ويبدو أنها تحت وقع الصدمة الآن، لذلك تحدث بيانها الصادر حول المظاهرات عن فوضويين ومجرمين ومعتدين وإرهابيين وهذا الخطاب دليل على عدم إدراكها لحقيقة ما يجري فهل يعقل أن يكون عشرات الآلاف من المتظاهرين إرهابيين.
ويبدو أن الحركة تخاطب الخارج أكثر من الداخل فهي تقول إنها تمثل الديمقراطية والحرية وملتزمة بالقوانين بينما المتظاهرون يمثلون الثورة المضادة ويريدون العودة بالبلاد إلى القهر والاستبداد وذلك لإدراكها أنها إذا فقدت ثقة رعاتها الدوليين خاصة في أمريكا والاتحاد الأوربي تكون قد انتهت.
هل تتوقع أن تحدث هذه التظاهرات تغيرات في المشهد السياسي بتونس؟
نعم من المرجح أن تكون لتلك المظاهرات انعكاسات سريعة على حكومة هشام المشيشي المهددة بالرحيل فالمظاهرات ستعجل بذلك وحركة النهضة وحلفاؤها قد يجدون في التضحية بها سبيلا لنزع فتيل الاحتجاج السياسي ولكن هذا ليس هو الأمر المهم فتأثير المظاهرات يمكن أن يكون أكبر حيث ستعمل القوى المتصارعة صلب النظام على استثمارها ضد بعضها البعض.
وقد حان الوقت لتغيير تلك المواقع فالنهضة وحلفاؤها سيحاولون تعزيز نفوذهم باللجوء إلى القمع بتوظيف جهاز الشرطة والقضاء، ورئاسة الجمهورية وحلفاؤها سيلجأون إلى التخلص منهم بتوظيف الاحتجاج الشعبي، وقد يؤدي ذلك الى تدخل المؤسسة العسكرية لصالح هذا أو ذاك من طرفي التناقض ووقتها فإن المشهد السياسي سيتغير وما سيساعد على ذلك هو فقدان المظاهرات لقيادة سياسية لذلك ستكون ورقة من بين أوراق أخرى تستعمل لتحريك المياه الراكدة في بحيرة السياسة الرسمية التونسية .
كيف أثرت أزمة كورونا على زيادة حدة الاحتجاجات في تونس؟
- خسرت تونس ضحايا كثيرين جراء الوباء والحكومة متهمة بسوء إدارة المعركة ضده فقد سبقت الأرباح على الأرواح عندما فتحت البلاد قبل عام أمام السياحة دون اتخاذ احتياطات ووقتها كان قد تم التغلب عليه والنتيجة تفشيه مجددا ثم إن خطابها كان متناقضا فهو تدعو تارة إلى التعايش معه وطورا إلى الحجر الصحي.