من السودان لأسوان.. قصة كفاح «أم خليل» مع الرزق ببيع الدلكة والصندل
ببشرة سمراء صافية وابتسامة رضا رائقة مرتسمة على وجهها تلفت إليها القلوب قبل الأنظار، تجلس الحاجة ''أم خليل'' القادمة من السودان في زاوية معينة للاختباء من أشعة الشمس الحارة بجوار العديد من السيدات السودانيات الأخريات بسوق الشواربي بوسط أسوان، لبيع الصندل ورسم الحنة بجانب المنتجات السودانية التي تصنعها في منزلها وتجلبها معها لمسافة 1279 كم لتسعي وراء رزقها وتستطيع تعليم أبنائها الذين ترك زوجها مسؤوليتهم لها منذ سنوات طويلة جدًا بعد استشهاده في حرب الجنوب ١٩٩٧.
'' الدستور'' حاورت ''أم خليل '' للتعرف على قصة كفاحها لتربية أبناءها والمنتجات السودانية المميزة التي تصنعها وتبيعها، ومدى انتعاش حركة البيع والشراء مع موسم عيد الأضحى وذلك خلال جولتنا بسوق الشواربي، الذي يعد أحد المناطق البارزه في أسوان لتواجد السيدات القادمات من دولة السودان الشقيقة، لرسم الحناء وبيع وتداول المنتجات السودانية الأصلية بأنواعها.
من ناحيتها، قالت الحاجة بدرية حمد الله محمد، المعروفة بـ''أم خليل ''، إنها تبلغ من العمر 50 عامًا، حاصلة على الثانوية العامة ووضعها الاجتماعي أرملة، حيث استشهد زوجها في حرب الجنوب ١٩٩٧، وعمرها في ذلك الوقت ٣٢ عامًا، وترك لها 6 أولاد وفتاة، واعتمدت في ذلك الوقت على نفسها وساندت نفسها بنفسها لتربي أبنائها وتجعلهم جميعًا متعلمين وكانت تقوم بدور الأب والأم لكي تستطيع أن تجعلهم يقفوا على رجلهم، موضحة أن تحملت المتاعب من أجلهم وبدأت العمل في تصنيع المنتجات السودانية في منزلها بعد شرؤاها من التجار السودانيين.
أضافت لـ'' الدستور'' أنها بدأت التوجه من منزلها بدولة السودان إلى أسوان لبيع المنتجات السودانية التي تبيعها منذ ٢٠٠٥ حتى الآن، ما يتراوح من ٧ سنوات وتتحمل مشاقة السفر ومعاناة ارتفاع درجة حرارة الطقس من أجل أبنائها، والسعي وراء رزقها: ''أنا بوكل أمري لله وربنا المساعد والحمد لله كلهم معاهم شهادات''، مشيرة إلى أن لديها مهندس معماري، ومهندس بترول، وطالب بكلية التجارة وآخر بالثانوية العامة، وفتاة تدرس في كلية الطب وشاب ترك تعليمه في المرحلة الثانوية ليلتحق بالعمل في مجال التجارة:'' صممت أعلم عيالي عشان العلام حلو''، مضيفة أنها تقضي كل الأعياد والمواسم في أسوان ساعية وراء رزقها، وتواصل مسيرتها تجاه أبنائها للنهاية، ليستكملوا تعليمهم وأن بعض أولادها في الوقت الحالي الذين انتهو من تعليمهم يساعدوها في شراء منتجاتها من التجار لتصنيعها وبيعها، إضافة إلى أنهم يساعدوها في مصاريف تعليم أشقائهم الصغار.
وبخصوص المنتجات السودانية التي تصنعها، قالت لـ''الدستور'' إن المنتجات تشمل الخمرة، وتعتبر العطر المفضل لهم في السودان وأساسي للجميع، حيث إنها تجعل لهم رائحة مميزه ورائعة للغاية، ويتم تصنيعها من خلال بشر الصندل الأصلي، ووضع "الضفرة'' ويتم استخراجها من السمك أو حشرة في البحر الأحمر، يتم غسلها جيدًا ووضعها على النار، ثم يتم دمجها ووضع العطور عليها ودمجها مع الصندل، وتترك لمدة 15 يومًا حتى تصل لمرحلة العتيق.
وتابعت ''أم خليل'' أن باقي المنتجات السودانية التي تصنعها، وتصطحبها معاها إلى أسوان، هى: الدلكة، بخور الصندل، الدلكة التي تستخدم لنظافة الجسم وتعطيره برائحة مميزة، لافتة إلى أن جميع هذه المنتجات مفضله لدى الأسوانين وزائروا المدينة، نظرًا لأنها أصلية ومصنوعة بمجموعة من العطور والبخور الأصلي الذي يتم جلبه من بلد المنشأ، إضافة إلى رسم الحنة التي تتقنها.
وأخيرًا وبالنسبة لمبيعات المنتجات السودانية ومدى الإقبال على شرؤها خلال فترة العيد والمواسم، أشارت إلى أن نسبة بيع المنتجات السودانية في العيد جيدة للغاية لذلك تفضل قضاءه في أسوان وتتواصل مع أولادها وبرفقة ابنتها عبر الفيديو، لكن نسبة التوافد على الشراء ترتفع خلال عيد الفطر ورمضان كثيرًا مقارنة بالوقت الحالي.